تجربة ممتدة مكّنت البلاد من تحقيق ريادة دولية

وهران أنموذج في التكفّل بمرضى 14 ولاية

براهمية مسعودة

في ظل التطوّرات الطبية المتسارعة على المستوى العالمي، تبرز الجزائر كرائد إقليمي ودولي في مجال مكافحة مرض السرطان وتقديم أفضل الخدمات الصحية للمصابين به، بفضل الجهود الحثيثة المبذولة لتطوير برامجها الوقائية ومواكبة أحدث الأساليب العلاجية وتقريبها من المواطن، كأولوية قصوى.

اعتبر عضو اللّجنة الوطنية المكلفة بدراسة الشروط العامة لوصف الأدوية الضرورية لمعالجة الأمراض السرطانية، البروفيسور العرباوي ابلاحة، أن الجزائر من ضمن الدول القلائل في مجال توفير مختلف أنواع الأدوية والعلاجات المطلوبة، بما فيها التقنيات التقليدية، مثل الجراحية والكيميائية والإشعاعية إلى العلاج المناعي، كأداة واعدة في محاربة السرطان.
وأوضح البروفيسور العرباوي في تصريح لـ “الشعب” أن العلاج المناعي للسرطان، المسمى أيضا المعالجة البيولوجية، هو النهج العلاجي، الأغلى عالميا، يعتمد على استخدام أدوية تعمل على تنشيط قدرات الجهاز المناعي لدى المريض، ليتمكن من محاربة الخلايا السرطانية بنفسه، بدلا من استهدافها مباشرة، مما يقلل من الأضرار الجانبية، مقارنة بالعلاجات الأخرى، كما يمكن أن يؤدي إلى استجابة مناعية طويلة الأمد، مما يساهم أيضا في خفض خطر انتكاس المرض.
وأشار في الوقت نفسه إلى الأموال الطائلة، التي تنفقها الجزائر على المعالجة المناعية، وتسمى أيضا بالمعالجة البيولوجية، وذلك رغم مجانية العلاج؛ حيث يفوق ثمن بعض أدوية العلاج المناعي 120 مليون سنتيم، وذلك بمعدل جرعة كل 15 إلى 20 يوما.
واسترسل يقول: “لو نقارن بيننا وبين الدول العربية أو المجاورة، فإن الجزائر، تتميز بكونها توفر مختلف أنواع العلاج “مجانا”، بينما في الدول الأخرى، يكلف مبالغ خيالية، لا يقدر على تسديدها المواطن البسيط، وهذا في حد ذاته مكسبا اجتماعيا كبيرا جدا، وفريدا من نوعه على المستوى الاجتماعي”.
وبحسب المتحدث ذاته، والذي يشغل أيضا منصب رئيس مصلحة علاج الأورام للكبار بمركز مكافحة السرطان “الأمير عبد القادر” بوهران، فإن هذه المؤسسة الاستشفائية، والتي تتكفل بمرضى 14 ولاية بالجهة الغربية والجنوبية الغربية، توفر مختلف أنواع العلاجات المناعية، والتي تقتصر في الوقت الحالي على المرضى الكبار فقط، وهناك بعض الدراسات لتعميمها على فئة الأطفال.
كما أكد البروفيسور العرباوي أن قطاع الصحة العمومية بالجزائر قاطبة، سيشهد طفرة نوعية في علاج أمراض السرطان على مختلف الأصعدة، خلال المرحلة المقبلة، لاسيما بعد زيادة الإنفاق على الخدمات الصحية وتخفيف العبء المالي للمرضى، ناهيك عن برامج التوعية المكثفة وحملات الفحص الدوري.
ونوّه في هذا الصدد بأهمية القرارات التي أعلن عنها السيد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، على هامش المؤتمر الـ 22 لرابطة الأطباء العرب والـ 15 للجمعية الجزائرية للتكوين والبحث في مجال طب الأورام لمكافحة السرطان، الذي انعقد الأسبوع الأول من شهر نوفمبر الجاري في المركز الدولي للمؤتمرات بالجزائر العاصمة، مناصفة بين الجمعية الجزائرية للتكوين والبحث في طب الأورام “صافرو” ورابطة الأطباء العرب لمكافحة السرطان “آماك”.
ولفت إلى أن القرارات الهامة والكبيرة التي أعلن عنها الرئيس عن طريق مستشاره الخاص، تعتبر الأولى من نوعها منذ الاستقلال؛ وتتمثل خاصة في الدعم المادي الكبير لمكافحة لسرطان بقيمة تناهز 70 مليار دج، تعطى هذه السنة كغلاف مالي استثنائي لدعم وتوفير العلاجات عبر كل المراحل، بما في ذلك أورام الكبار والصغار.
كما قرر السيد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون غلاف آخر سنوي، ابتداء من جانفي 2023، مقداره 30 مليار دج، لدعم البرنامج الوطني للسرطان، وهذا إضافة إلى الغلافات المالية العادية التي توجه سنويا لمعالجة السرطان، يضيف نفس المصدر.
ويرى عضو اللجنة الوطنية المكلفة بدراسة الشروط العامة لوصف الأدوية الضرورية لمعالجة الأمراض السرطانية، أن المشروع الوطني الذي يشرف عليه السيد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، يهدف أساسا لتمكين المواطن بكل ولاية للولوج إلى مصلحة مكافحة السرطان والاستفادة من العلاج، سواء الجراحي أو الكيميائي أو المناعي أو الموجه أو الإشعاعي، عوض تحويل المرضى إلى مراكز بعيدة، تستدعي تكاليف إضافية.
وأفاد بأنها قفزة نوعية مادية كبيرة، تقضي نهائيا على بعض الاختلالات في التموين بالعلاجات، خاصة العلاجات المناعية، المعروفها بتكلفتها الباهضة.
وفي السياق، تطرق المتحدث إلى المبالغ الضخمة التي خصصتها الدولة لاقتناء مسرعات طبية من الجيل الجديد “ اي. آم. آر. تي”، سعيا لضمان التكفل الأمثل بالمرضى المعنيين بالعلاج الإشعاعي، من بينها مسرعين اثنين(02) لفائدة المركز الاستشفائي الجامعي” الحكيم بن زرجب”، واثنين آخرين بمركز مكافحة السرطان “الأمير عبد القادر”.
وكشف أن مسرع واحد دخل حيز الخدمة بمركز مكافحة السرطان “الأمير عبد القادر”، بعدما أشرف على تدشينه والي وهران، سعيد سعيود في 5 جويلية المنصرم، والثاني سيتم تسليمه في أوت الجاري، ويدخل حيز الاستغلال الفعلي الشهر الموالي، وذلك في انتظار تزويد المستشفى الجامعي “بن زرجب” باثنين آخرين، ليرتفع عدد هذا النوع من الأجهزة الطبية المتطورة بالولاية إلى خمسة، إضافة إلى مسرعين (02)، تابعين للقطاع الخاص.
وأفاد عضو اللجنة الوطنية المكلفة بدراسة الشروط العامة لوصف الأدوية الضرورية لمعالجة الأمراض السرطانية، العرباوي ابلاحة بأن المسرعات الخطية الطبية الحديثة، المعروفة بالعلاج الإشعاعي ذو الشدة المعدلة (إي. آم. آر. تي)، من أبرز أجهزة العلاج الإشعاعي (راديو تيرابي) تطورا، وأكثرها فعالية ودقة في علاج مجموعة واسعة من أنواع الأورام، بما فيها الحالات المعقدة التي يصعب علاجها في السابق.
كما أوضح أن تقنية “إي. آم. آر. تي”، تتيح خيارات العلاج غير الممكنة مع العلاجات التقليدية؛ حيث تتيح استهداف الأورام بدقة عالية، مع القدرة على تقليل الضرر الإشعاعي، الذي يلحق بالأنسجة والأعضاء الطبيعية المحيطة، خاصة تلك الموجودة بالقرب من الهياكل الحرجة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024