تعدّ السياحة الغابية من الأنماط الجديدة التي ستفتح آفاقا للاستثمار الداخلي، وخلق فضاءات للتسلية والاستجمام العائلي المنافس لباقي الأنساق السياحية على غرار السياحة الصحراوية والشاطئية الصيفية.
تمتلك الجزائر غطاءً غابيا هاما يُؤهلها للارتقاء بالمنتوج السياحي الوطني، ودعم وتيرة نمو الاقتصاد من خلال تخصيص فضاءات غابية للاستثمار الخاص، وتوفير مناصب شغل كثيرة مباشرة وغير مباشرة على صلة بالقطاع السياحي من جهة، وإتاحة أماكن ترفيه وتسلية على نطاق واسع بالولايات الساحلية والداخلية والسهبية للعائلات الجزائرية من جهة أخرى.
وفي هذا الشأن، يقول رئيس جمعية صدى الجزائر لتشجيع السياحة وتطويرها، طلحي عبد العزيز، أن السياحة الغابية من أهم الأنماط السياحية التي تتميز بها الجزائر نظرا لما تحتويه من مؤهلات وثروة غابية، بداية من غابة المداد بتيسمسيلت إلى غابات المدية والبويرة مرورا بتيزي وزو وغابات تيزغبان بولايتي جيجل وميلة وصولا إلى غابات التفاح والصنوبر ببوحمامة في خنشلة على سبيل المثال لا الحصر.
وأكد طلحي عبد العزيز في تصريح لـ»الشعب»، أن تلك المؤهلات تُشَجِّعُ على توجيه الإعتناء بهذا النمط الجديد القادر على خلق تفاعلية اقتصادية؛ كونه يستقطب العائلات الجزائرية الباحثة عن الطبيعة والإسترخاء، وكذا تحفيز الإستثمار الأخضر فيها عبر خلق مؤسسات عبارة عن قُرى سياحية صديقة للبيئة، وإنشاء مركبات رياضية، وعيادات للسياحة العلاجية، وذلك حتى يرقى القطاع بهذا النوع إلى مستوى يضاهي ما هو موجود بالدول المتقدّمة.
وبالنظر إلى اهتمام العائلة الجزائرية بالطبيعة والبيئة بمختلف أشكالها وألوانها، فإن النمط الغابي لديه كل المؤهلات لاستقطاب استثمارات، واستغلاله على أكمل وجه مسؤولية جميع الفاعلين بالقطاع، إضافة إلى سياسة الدولة المشجّعة على تحقيق الإقلاع السياحي الخلاق للثروة، مثلما أضاف طلحي.
من جانبه، أوضح رئيس الجمعية الوطنية للاتصال السياحي، مقداد زهير، أن السياحة الغابية نوع يرتكز على استكشاف الغابات والمناطق الطبيعية، ويتضمن مجموعة من الأنشطة التي تهدف إلى التفاعل مع البيئة الطبيعية والاستمتاع بجمالها وتنوعها البيولوجي مثل المشي في الغابات «الهايكينغ»، والتخييم، ومراقبة الطيور والحياة البرية، وركوب الدراجات الجبلية، والتسلق، التجديف وصيد الأسماك وغيرها من أنشطة التسلية.
واعتبر مقداد في اتصال مع «الشعب»، السياحة الغابية في الجزائر واحدة من أبرز أنواع السياحة التي يمكن أن يستمتع بها الزوار والسياح، حيث تمتلك مساحات شاسعة من الغابات ومتنزهات بيئية جاذبة لعشاق الطبيعة والمغامرة.
ويتطلّب تطوير السياحة الغابية في الجزائر، وفقا للمتحدث، جهودًا مشتركة من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية، على غرار تحسين البنية التحتية من طرق ومواصلات إلى المناطق الغابية لجعل الوصول إليها أكثر سهولة، وبناء وتطوير مرافق الإقامة مثل النُّزل والأكواخ ومواقع التخييم، والحفاظ على الطابع البيئي الخاص بكل منطقة، مع وضع لوحات إرشادية ومسارات واضحة للزوار، ناهيك عن توفير معلومات عن المنطقة المعنية والحياة البرية التي تُميزها.
علاوة على ذلك، تشجيع الاستثمارات الخاصة على إنجاز مشاريع السياحة البيئية المستدامة، واستحداث تعاون مع الشركات السياحية لتنظيم رحلات وبرامج ترفيهية إلى المناطق الغابية للإسهام في تنمية الاقتصاد المحلي، وهذا يتأتّى من خلال إتاحة برامج تدريبية للمرشدين السياحيين لتعريفهم بالتاريخ الطبيعي والثقافي للمناطق الغابية، بالإضافة إلى تنظيم حملات توعية للسكان المحليين والزوار حول أهمية الحفاظ على البيئة، بحسب المصدر ذاته.
وبالنسبة للقوانين واللوائح، أبرز مقداد، أنه يتعيّن على السلطات تنفيذها بصرامة لحماية البيئة والحياة البرية، وضمان استدامة السياحة البيئية، مع ضرورة إشراك المجتمعات المحلية في مشاريع السياحة البيئية لتوفير فرص عمل ودخل إضافي ودعم وتسويق الحرف اليدوية والمنتجات التقليدية للزوار.