اقترح مشاركون الخميس في ختام أشغال ملتقى دولي حول الماء، نظمته جامعة البليدة1 على مدار يومين، إنشاء مجلس وطني للأمن المائي لضمان توفير هذه المادة الأساسية للمواطن.
أوصى خبراء وأساتذة جامعيون من عدة جامعات وطنية وأجنبية في ختام أشغال الملتقى الدولي الأول حول موضوع “المياه، البيئة والتغير المناخي”، إنشاء مجلس وطني للأمن المائي يعمل على اقتراح ووضع إستراتيجية واضحة واستشراف الحلول لضمان توفير هذه المادة الأساسية للأجيال الصاعدة لاسيما في ضوء مشكل نقص الأمطار الناتج عن التغيرات المناخية.
وأوضح الخبير والمستشار الدولي في المياه، وعضو لجنة التنظيم الخاص بالملتقى، أحمد كتاب، أن من شأن استحداث هذه الهيئة أن يساهم في توفير المياه للمواطن الجزائري وبنوعية جيدة.
كما أوصى المشاركون في هذا اللقاء الذي عرف مشاركة واسعة لباحثين وخبراء من عدة دول كفرنسا وتونس، بضرورة تثمين الجهود والأبحاث نحو التوجه أكثر لاستغلال المياه المحلاة والمياه المستعملة المصفاة وذلك من خلال تشجيع طلبة الدكتوراه على انجاز بحوث في هذا الميدان لإيجاد حلول علمية لمشكل شح الأمطار.
كما دعا المشاركون إلى تنظيم طبعة ثانية للملتقى خلال السنتين القادمتين بتونس بهدف تبادل الخبرات والتجارب في مجال توفير المياه وهو المقترح الذي وافق عليه فريق البحث المشارك في الملتقى.
في مجال معالجة المياه المستعملة الذي أخذ حصة الأسد، فقد توصل الباحثون إلى ضرورة استعمال تقنيات علمية بغرض تحديد الجزئيات الصيدلانية الناشئة والتخلص منها لتفادي تلويثها للبيئة تقول نبيلة بن ساسي رئيسة لجنة تنظيم الملتقى، باعتبارها عضوا في مشروع البحث المشترك بين تونس والجزائر وممثلة مخبر التطبيقات الطاقوية للهيدروجين لقسم هندسة الطرائق لجامعة البليدة الذي أسهم في تنظيم التظاهرة.
في هذا الصدد أوضحت الباحثة الجزائرية رئيسة لجنة تنظيم الملتقى نبيلة بن ساسي أنه تم معالجة ستة مواضيع تتعلق بالمياه المستعملة، النفايات، البيئة والتنمية المستدامة، التغيرات المناخية، الجزئيات الصيدلانية الناشئة الموجودة في المياه المستعملة وكيفية تحليلها وطرق التخلص منها، الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في مجال تسيير الموارد المائية والبيئة بصفة عامة”.
وأضافت المتحدثة: “توصلنا إلى أن الخطورة لا تكمن في الجزيئات الناشئة بل في المركبات التي تنتجها بعد التفاعل مع جزيئات أخرى، ويتم التخلص منها بالتحليل الضوئي والإمتصاص باستعمال مركبات خاصة ومن بين التقنيات أيضا استعمال مصفاة تتشكل من مركبات تقلل بشكل كبير من كمية الجزيئات الناشئة.”
بدورها أوضحت ريم رياحي ممثلة مخبر معهد سغوان بتونس ورئيسة مشروع البحث التونسي- الجزائري: “نحن نشتغل للعام الثالث على التوالي في إطار هذا المشروع البحثي والذي يخص معالجة الجزيئات الصيدلانية الملوثة المتراكمة في المياه المستعملة التي يتم رميها في البيئة، والتي رغم أنها تركيزها ضعيف جدا فهي قد تصبح سامة ومسرطنة بعد تفاعلها.
وتابعت الباحثة التونسية: “لا يمكننا القضاء على هذه الجزئيات بموجب الإجراءات المتفق عليها على مستوى محطات التصفية العامة أو التي تضمها الوحدات الصناعية أو محطات تطهير المياه، ولهذا نحاول ابتكار مواد جديدة للتخلص منها وفي هذا الإطار استخدمنا مركبات بيولوجية من شأنها امتصاص هذه الملوثات، ومواد طبيعية مثل الطين ومستخلصات النباتات وأعطت التجارب التي قمنا بها نتائج طيبة، ومثلا في تونس استعملنا الطين ونجحنا في إزالة هذه الجزيئات بنسبة 95 بالمائة، وباستعمال هذه التجربة نستطيع استرجاع كمية كبيرة من المياه المستعملة تُخصّص للسقي الفلاحي”.
في هذا السياق دعا الخبير والمستشار الدولي في المياه أحمد كتاب إلى الارتقاء بمجال تدوير المياه بتصفية أكبر كمية ممكنة من مياه الشرب إلى توزع على الجزائريين سنويا والتي تترواح بين 3.6 و4 ملايير متر مكعب، 80 بالمائة منها تصّب في البحر بعد استغلالها.
وأردف متحدثا: “يجب أن نُعالج على الأقل 2 مليار متر مكعب من المياه المنتجة بعد استغلالها، ومن ثمة يمكننا استخدام كمية معتبرة منها في الفلاحة وحتى في الصناعة، لكن مع الأسف حاليا نحن نٌعالج فقط 800 مليون متر مكعب سنويا على المستوى الوطني وبعد التصفية نستعمل بين 50 و60 مليون منها فقط للسقي أي بنسبة لا تتجاوز 10 بالمائة”.
وخلص إلى أن خارطة الطريق لتحقيق الأمن المائي تعتمد على 10 محاور تخص بناء السدود، استغلال المياه الباطنية، وضع الأطر التشريعية الملائمة، معالجة المياه المستعملة، تحلية مياه البحر، التكوين والبحث، التعاون الدولي، التغيرات المناخية، الماء والصحة، الماء والغابات، الماء والفلاحة.