وهران، تلك الجوهرة المتوسطية الساحرة، التي تظلّ متمسكة بمكانتها، كوجهة سياحية متكاملة، تلبي احتياجات ضيوفها على اختلاف أذواقهم وميولهم، فهي تجمع بين الطبيعة الخلابة والتراث الثري المادي واللامادي؛ ما يجعلها الخيار المثالي للباحثين عن تجربة سياحية فريدة بين الماضي والحاضر.
تنفرّد عاصمة الغرب، وهران، بتنوع طبيعي، انعكس على تنوّع الوجهات السياحية بموقعها الاستراتيجي على البحر الأبيض المتوسط؛ ففي رحلة قصيرة يمكن للسائح أن يتنقل بين شواطئها الخلابة وتشكيلتها الرملية والسخرية الفريدة إلى الغابات الكثيفة والجبال الخلابة والمغارات الشيقة، بالإضافة إلى معالمها التاريخية الشامخة، التي لا تنفصل عن الجانب الطبيعي.
وتبرز من بين أهم الوجهات على خريطة السياحة البيئية، «الغطاء الغابي»، الذي يستقطب على مدار العام الملايين من الزوار والسياح، رغم صدور عدة قرارات ولائية بمنع الشواء والتخييم وركن السيارات، لحماية هذه الثروة الحيوية من مخاطر الحرائق والحد من إهدار الموارد الطبيعية، حسبما جاء على لسان سعد إلياس محمد خالد، مفتش الغابات، مكلف بالإعلام والإتصال بمحافظة الغابات لولاية وهران.
وأكد السيد سعد إلياس في تصريح لـ»الشعب»، أن وهران، تركز الجهود على حماية الغطاء النباتي وتنميته وازدهاره بالتعاون والتنسيق ومختلف الجهات المعنية، من خلال تكريس فكرة التنمية المستدامة، كركيزة أساسية لضمان احتياجات الأجيال الحالية، دون المساس بحق الأجيال القادمة من هذه الموارد.
ولمواجهة هذه التحديات وأخرى، يضيف المتحدث ذاته، سطرت محافظة الغابات، العديد من المبادرات والبرامج، الرامية إلى حماية الغابات وإدارتها بشكل مستدام، لعلّ أبرزها مشاريع إعادة التشجير والحفاظ على التنوع البيولوجي، مع الحرص على التطبيق الميداني لحملة الوقاية ومكافحة الحرائق من 1 ماي إلى 31 أكتوبر، من خلال تنصيب فرق متنقلة وثابتة وراجلة عبر كامل إقليم الغابات، تتكفل خاصة بالحراسة، والتدخل السريع والاحترافي، ناهيك عن تعزيز العمليات التحسيسية مع مختلف الأسلاك الأمنية والحماية المدنية، خاصة عبر المناطق الحساسة وأوقات الذروة، وفق تعبيره.
كما كشف محدثنا عن برنامج طموح لإعادة تنمية وتهيئة غابتي
«كناستيل» و»عين الكرمة»، دون إعطاء تفاصيل كاملة عن المشروعين، منوّها في الوقت نفسه بأهمية مشروع تهيئة وإنجاز فضاءات الترفيه والمساحات الخضراء بجبل «مرجاجو»، الذي تمّ استلامه هذه الصائفة، ما أضفى على المكان بهاءً وزاده جمالا وعصرنة، من جهة، وعزز الشعور بالراحة والطمأنينة، من جهة أخرى، يضيف مفتش الغابات.
ووفقا للمصدر ذاته، يمتد الغطاء النباتي لوهران على مساحة قدرها 41 ألف و258 هكتار من الغابات والأدغال ومختلف التكوينات الأخرى، وهناك ميزة خاصة بالولاية، تتمثل في أن 85 بالمائة من هذه المساحة الهامة، عبارة عن غابات «ساحلية»، أبرزها عين الكرمة ومداغ والرأس الأبيض وكناستيل وبلقايد وكريشتل، وأخرى «داخلية»، مثل طافراوي وغابة الأسود، كما أنها تزخر بالعديد من الأصناف، والتي يطغى عليها «الصنوبر الحلبي» بنسبة 80 بالمائة، فيما يشغل صنف «الفلين» نسية 10 بالمائة و»الكاليتوس» 5 بالمائة، بالإضافة إلى 5 بالمائة من الأصناف الأخرى.
كما تتميز بـ»المغارات» الموجودة على مستوى غابة طافراوي، وكذا السياحة الجبلية ذات الطابع التاريخي، على غرار جبل المرجاجو، المعروف بمقام «مولاي عبد القادر»، الذي يعد موقعا سياحيا بامتياز، وبجوارها مسجد «رباط الطلبة»، الذي يحكي دور طلبة القرآن الكريم في تحرير وهران من الإحتلال الإسباني.
كما تنفرد هذه المدينة المتوسطية بواحدة من أفضل المحميات الطبيعية في العالم، إنها غابة «المسيلة»، المحاذية لشاطئ مداغ بدائرة بوتليليس، والتي تتربّع على مساحة تفوق 2000 هكتار، تسخر بتنوع نباتي وحيواني كبير، وغيرها من المكونات الطبيعية القيمة، التي تدعم التوازن البيئي وتحافظ على التراث الطبيعي، حتى أنها لقبت بـ»رئة وهران».
وتعتبر هذه المحمية الطبيعية، التي تمّ تصنيفها في عام 2015، موطنا لمجموعة كبيرة من النباتات، بما في ذلك الأشجار والشجيرات والأعشاب، التي يطغى عليها الفلين والصنوبر البحري، بالإضافة إلى ذلك، توفر المحمية موئلا لعدد كبير من الحيوانات البرية، أبرزها الخنزير البري والذئب، وكذا حيوان الزردي «المحمي».