بسبب موقعها بين البحر والجبال، تتمتع سكيكدة بثروة سياحية كبيرة، تتوفر على فرصًا ممتازة للسياحة الساحلية، بأطول ساحل بالجزائر، بينما في الجزء الغربي لها فصول حقيقية للمناظر الطبيعية الخلابة، الجبال والغطاء النباتي الكبير والمتنوع، المناظر الطبيعية للغابات في المناطق النائية وعلى شاطئ البحر، لاسيما وإن نسبة الغطاء الغابي يصل إلى 48 بالمائة من مساحة الولاية، وتحتضن جبل الغوفي، غابة بني توفوت، جبل سيدي ادريس، جبل حجر مفروش، جبل سطيحة، جبل الكوفي، جبل العالية وغابة ڤرباز، أعالي سطورة، منطقة أولاد عطية ومنارتي رأس الحديد ورأس بوقارون.
يرى، نبيل أرهاب، ناشط جمعوي، أن السياحة الجبلية بوصفها وجها من أوجه السياحة البيئية، تستقطب الزوار بشكل واسع، رغم غياب المرافق السياحة الجبلية، فقد شهدت هذه الأخيرة بمنطقة أولاد عطية، في الجهة الغربية من الولاية، انتشارا واسعا في السنوات الأخيرة، في ظلّ البحث عن فرص للراحة بعيدا عن أجواء البحر، ما جعل الكثير يلجأ إلى الجبال والمرتفعات والوديان كخيار مهم للترفيه واكتشاف الكثير من خبايا المنطقة، وهو ما يحدث في عديد المناطق، سواء بشكل فردي وعائلي أو في نطاق النشاط الجمعوي، أو من خلال تأسيس فرق خاصة بالسياحة الجبلية.
وعرفت العديد من مناطق بلديات دائرة أولاد عطية، وبلدية قنواع، يضيف نبيل أرهاب، على غرار تيزغبان وخناق مايون ووادي الزهور وثبة مهمة في مجال السياحة الجبلية، خاصة في ظلّ حركية بعض الشباب الخواص الذين يوفرون خدمات على إيقاع جلسات الشواء، وبناء على الخدمات المقدمة للأفراد والعائلات التي تفضلّ قضاء أمسيات هادئة على وقع النسيم العليل، ما جعل الكثير يشيد بهذه الجهود، رغم اعترافهم بضرورة تحسين الخدمات، وترقية الجانب الاستثماري لإعطاء صورة إيجابية عن المنطقة.
ويتحتّم علينا، يقول الناشط الجمعوي، وضع سياسة تنموية واضحة المعالم في هذا الجانب، ترتكز على إعادة تأهيل هذه المواقع باعتماد سياسة تشجير شاملة، وتشجيع المستثمرين على إنشاء هياكل استقبال وتوفير أحسن الخدمات للسواح، مع إنجاز فضاءات ترفيهية لفائدة الأطفال وتكثيف دوريات الأمن والمراقبة، بالإضافة إلى العمل على الترويج باستغلال كل ما يمكن استغلاله من الوسائط الرقمية والفيديوهات للتعريف والإشهار للمنطقة وإمكاناتها، وتخصيص أماكن لرمي القمامة، وقبل هذا وذاك ضرورة خلق وعي بيئي حقيقي يهدف إلى المحافظة على البيئة إضافة إلى محاربة ظاهرة الرمي العشوائي للقمامة.
ويعتبر ياسين رماش إعلامي واستاذ بالمعهد الوطني للتكوين المهني بفلفلة، أن السياحة الجبلية نوع من أنواع السياحة البديلة التي يبحث عنها السائح العصري بحثا عن الهدوء والراحة والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة، ومشاركة السكان المحليين في عاداتهم وتقاليدهم ويومياتهم، وبالحديث عن ولاية سكيكدة فالسياحة الجبلية أصبحت تنافس كثيرا السياحة الشاطئية، كون هذه الأخيرة تحوز على 48% مساحة غابية، هذه الغابات بها مسارات سياحية بانوراميه تستقطب الكثير من السواح لاكتشافها، على غرار الجهة الغربية للولاية التي مازالت منطقة غابية عذراء وتحوز أيضا على شواطئ محاذية للغابة وبها شلالات ووديان ومناطق للراحة والاستجمام.
ويضيف، ياسين رماش، كل هذه المعطيات جعلت من السياحة الجبلية تستهوي الكثير من السواح خاصة مع انتشار وسائط التواصل الاجتماعي والترويج لمختلف المناطق الجبلية عبرها، لكن يبقى نقص فادح في الخدمات اللوجيستيكية والتي لابد من اهتمام الدولة بها وتشييد مؤسسات سياحية صديقة للبيئة لاحتواء هذا الكم الهائل من الزائرين وكذا الحفاظ على عذرية الطبيعة، والتكثيف من الحملات التحسيسية تفاديا لإتلاف هذا الكنز البيئي الطبيعي من جراء تدخل البشر السلبي سواء عن طريق الحرائق أو قطع الأشجار والفتح العشوائي للمسالك الجبلية.