يتصـدّر التحـوّلات الاقتصاديـة فـي المنطقـة

شجرة الأرقـان.. ثــروة تنـدوف الخضــراء

علي عويش

 مخطّط استراتيجي لغـرس مليـون شجـرة بالولايـة

كشف محافظ الغابات لولاية تندوف بوغالية محمد عن الرؤية المستقبلية للقطاع، والتي ترتكز على جعل الولاية مصدراً للبذور ولزيت الأرقان على المستوى الوطني، مشيراً الى بلوغ الأشجار المغروسة من أرقان عتبة 10 آلاف شجرة، في إطار مخطّط استراتيجي يهدف لغرس مليون شجرة أرقان بالولاية بالتعاون مع الفلاحين ومختلف المؤسسات الفاعلة.
وأوضح محافظ الغابات إلى وجود دراسة لإنجاز مركز وطني لتثمين شجرة الأرقان والنباتات الصحراوية، والذي ستحتضنه الولاية مستقبلاً بعد إتمام إجراءات اختيار أرضية المشروع، وهو مركز دولي وضعت له الوزارة الوصية برنامجاً خاصاً تمكّنه من أن يتحوّل الى مركز دولي مستقبلاً.


يهدف المركز الوطني حسب المتحدّث إلى الحفاظ على النظام البيئي وإعادة الاعتبار لأشجار الأرقان، وإنجاز أعمال تجريبية في مناطق تواجدها، وكذا دمجها في أنظمة الانتاج الزراعية الحِراجية، مع ضمان توسيع الأنواع النباتية المحلية باقتراح شبكة من المشاتل النموذجية لضمان جودة وتوفير النباتات حسب الظروف البيئية.
وسيعمل المركز الوطني لشجرة الأرقان بتندوف، كذلك، على توفير بنك للبذور والموارد النباتية، بالإضافة إلى السهر على تتبع إنتاج البذور وزيت الأرقان، وتقديم المرافقة والدعم الفني والتقني للفلاحين والشباب حاملي المشاريع.
وسيعمل المركز فور إنشائه على تدجين الأنواع الصحراوية المُدخلة ذات القيمة الاقتصادية العالية، وضمان التصديق على المنتجات المشتقّة من زيت الأرقان، يضاف إلى ذلك، تنظيم ندوات وورشات وأيام دراسية وغيرها من الفعاليات ذات الطابع العلمي، وإبرام اتفاقيات مع منظمات وطنية ودولية في إطار تثمين شجرة الأرقان والنباتات الصحراوية الأخرى.
تتواجد شجرة الأرقان بصفة طبيعية في بعض المحيطات التي صُنّف بعضها كمحميات طبيعية بهدف حمايتها على غرار طويرف بوعام، تاركانت ومركالة.
وتعاني هذه المحيطات التي تضمّ حوالي 10 آلاف شجرة من الجفاف، بسبب غياب التساقطات المطرية منذ 2016، ناهيك عن ظهور بعض الأمراض التي أثّرت على نمو وإنتاجية هذه الأشجار في محيطها الطبيعي، بالإضافة إلى تنامي ظاهرة الرعي الجائر في السنوات الأخيرة بسبب تواجد البدو بالقرب من المحمية الطبيعية لشجرة الأرقان.
سارعت محافظة الغابات بولاية تندوف إلى اتخاذ جملة من التدابير الاحترازية والاجراءات العملية قصد حماية أشجار الأرقان المتواجدة في موطنا الطبيعي، من خلال تسييج العديد من الأشجار خاصةً المعمّرة منها وتكثيف الحراسة بالمحمية الطبيعية طويرف بوعام.
تهدف هذه التدابير الى حماية «أمهات الأشجار المثمرة» والأشجار المعمّرة في إقليم المحمية بغية توفير البذور لاستخدامها في إنتاج شتلات جديدة، دون المساس بحق السكان البدو الرحل المقيمين بمحاذاة المحمية من الاستفادة من الأشجار والنباتات الصحراوية الاخرى بالمنطقة.

تجــارب رائــدة

أسفرت دراسة غير مسبوقة وتجارب رائدة عن نتائج مشجّعة في مجال تطوير زراعة أرقان بالجزائر، حيث تمكّن باحثون من استخراج مئات الشتلات من بذرة أرقان واحدة، وسيتم تعميم نتائج هذه الأبحاث وإجراء المزيد من التجارب والأعمال الميدانية بولاية تندوف قريباً قصد اعتمادها وتعميمها على باقي المشاتل.
هذه التجارب الايجابية كانت نِتاج بحث خاص قامت به إحدى المشاتل بولاية البُليدة، مكّنت من استزراع مئات الشتلات باستخدام بذرة أرقان واحدة، وهو ما سيوفّر البذور مستقبلاً ويمكّن من غرس الآلاف من الشتلات في ظرف وجيز.
الدراسة المتقدمة أفضت إلى إدراج تقنية حديثة في زراعة الأرقان،  ستؤدي إلى تقليص مدة نمو وإنتاج البذور إلى سنتين فقط، وتشرف على الدراسة لجنة مختصة بالتعاون مع المركز الجامعي علي كافي بتندوف.
أقرّ محافظ الغابات بولاية تندوف بوجود عجز في التحكّم في إنتاج الشتلات على مستوى المشاتل، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن مصالحه التقنية قد حقّقت نتائج إيجابية بوصولها إلى نسبة نجاح بلغت 80% من الشتلات المُنتجَة على المستوى المحلي.
دعا المتحدّث الى ضرورة غرس أكبر عدد من الشتلات والتركيز على غراسة الاشجار في المحيطات الفلاحية ومناطق تواجدها بصفة طبيعية، مؤكداً بأن الحديث عن الانتاج التجاري لزيت الأرقان يتطلّب الوصول إلى عتبة المليون شجرة مثمرة على الأقل، بحكم أن إنتاج لتر واحد من هذا الزيت يستهلك ما معدّله 40 كلغ من البذور، أي ما يُعادل 16 ألف بذرة لكل لتر واحد من الزيت، وهو ما يفسّر نذرته وغلاءه في الأسواق العالمية.
وقال محافظ الغابات بتندوف أن أشجار الأرقان التي تُستخدم زيوتها في مستحضرات التجميل، تكتسي أهمية بالغة لدى السلطات العليا بالبلاد، وباتت تستدعي من كل الهيئات الفاعلة الانخراط في حمايتها، تثمينها وتوسيع زراعتها بالولاية.
وأضاف قائلاً بأن المجلس المهني المشترك لشجرة الأرقان الذي يُعدُّ الأول من نوعه على المستوى الوطني، يُعتبر شريكاً أساسياً في تجسيد استراتيجية الدولة الرامية إلى تطوير شجرة الأرقان بالولاية، حيث ومنذ تنصيبه في جانفي 2022، توسّعت المساحات المزروعة وزاد الاقبال على زراعة أشجار الأرقان بالمستثمرات الفلاحية لتصل الأشجار المزروعة إلى 08 آلاف شجرة أرقان خلال العامين الماضيين.

صُروح علميـة وخطـوات عمليـة

قال عضو المجلس الشعبي الوطني النائب لعبيد لحسن إن ترقية شجرة الأرقان والدعوة إلى حمايتها هي من صُلب قرارات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، والذي أسدى تعليماته بضرورة توفير عناية خاصة بأشجار الأرقان التي تمتاز بها ولاية تندوف.
وأثنى لعبيد على قرار إنشاء مركز وطني يُعنى بأشجار الأرقان والنباتات الصحراوية بولاية تندوف، مشيراً إلى أن «هذه الخطوة تُحسب لرئيس الجمهورية الذي يمتلك مفاتيح التنمية ويُدرك كيف تُدار الأمور واحتياجات كل ولاية على حِدة»، وأضاف قائلا «رئيس الجمهورية الذي وضع الولاية في واجهة التحوّل الاقتصادي والصناعي ببلادنا، من خلال إطلاق مشروع منجم الحديد بغار الجبيلات والشروع في إنجاز منطقة للتبادل الحرّ ومعبر حدودي وطريق برية بين تندوف والزويرات، قد أوفى بالتزاماته لسكان الولاية، بل وقرّر إفراد ولاية تندوف بمركز وطني خاص بشجرة الأرقان بعد استفادتها من معهد وطني متخصّص في التكوين المهنيّ».
وواصل النائب لعبيد قائلاً، «كان لزاماً علينا تقديم كل الدعم المعنوي من أجل إنشائه، من خلال عقد العديد من اللقاءات والمشاورات للإسراع في تجسيده على أرض الواقع في أسرع وقت».
يُعدُّ المركز الوطني المتخصص لشجرة الأرقان إضافة أكاديمية هامة، ستلقي بظلالها على البحث العلمي المتخصّص في النباتات الصحراوية بالولاية وبكل التراب الوطني.
تمّ تخصيص غلاف مالي معتبر للعملية، رافقه تقديم كل التسهيلات من طرف السلطات المحلية وعلى رأسها والي تندوف من أجل أن يصبح هذا المركز الوطني من المرافق الكبرى المساهمة في التنمية الوطنية، ولتتحوّل ولاية تندوف بذلك إلى حاضنة لمركز وطني ستكون له فروع لها نفس الدور في باقي ولايات الوطن.
أبدت السلطات العليا في البلاد نيتها الصادقة في النهوض بولاية تندوف في شتى المجالات، وما زيارة رئيس الجمهورية إلى الولاية أواخر شهر نوفمبر الماضي، والتي تُوّجَت بزيارة تاريخية أخرى شهر فيفري المنصرم، إلا دليل على الأهمية القصوى التي يوليها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون لولاية تندوف.
قرارات تاريخية تمخّضت عن الزيارتين التاريخيتين لرئيس الجمهورية إلى ولاية تندوف، كان من بينها دعم القطاع الفلاحي وتوفير كل الامكانيات اللازمة لتحقيق تنمية مستدامة في الولاية، وقد أخذت مديرية المصالح الفلاحية ومحافظة الغابات بتندوف على عاتقهما تجسيد الشق المتعلّق بهما في رؤية رئيس الجمهورية، من خلال توسيع المساحات المزروعة من شجرة الأرقان وتعميم الكهرباء الفلاحية، والأهم من هذا كله، الاسراع في إنجاز مركز وطني خاص بشجرة الأرقان والنباتات الصحراوية بالولاية.
تدعّمت قرارات رئيس الجمهورية في الشقّ الفلاحي بخطوات عملية أفضت إلى الموافقة على فتح تخصّص الفلاحة في المركز الجامعي علي كافي، وهي خطوة تندرج في إطار الانتقال بالفلاحة بالولاية من نشاط عائلي إلى صناعي، تجاري وأكاديمي.
قبول إدراج تخصّص فلاحة على مستوى المركز الجامعي علي كافي بتندوف جاء بعد تشكيل لجنة على مستوى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، والتي قدمت إلى ولاية تندوف من أجل إنشاء هذا التخصّص والتكفّل بكل ما يتطلّبه من دعم بيداغوجي ولوجيستي.
تدعيم الولاية بمركز وطني للأرقان وفتح تخصّص فلاحة بالمركز الجامعي، يشكّلان مزيجاً متكاملاً بين البحث العلمي الأكاديمي والتطبيق الميداني المدروس، حيث ستحظى شجرة أرقان بالدراسة الكافية والوافية للنهوض بها وتثمينها مستقبلاً.
سيتكفّل المركز الوطني لشجرة الأرقان والنباتات الصحراوية فور افتتاحه بالجانب التكويني، باعتباره أحد الصروح العلمية التي ستضمن التكوين العلمي الحديث في كل ما يتعلّق بالنباتات الصحراوية، وأحد الحريصين على جودة هذه الشجرة وكيفية التعامل مع إنتاجها الذي يتطلّب عناية ودراية خاصة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19532

العدد 19532

الأربعاء 31 جويلية 2024
العدد 19531

العدد 19531

الثلاثاء 30 جويلية 2024
العدد 19530

العدد 19530

الإثنين 29 جويلية 2024
العدد 19529

العدد 19529

الأحد 28 جويلية 2024