تواصلت عملية توزيع مادة الحليب المبستر المسقف بالبقالات والمحلات التجارية لأغلب بلديات بومرداس تقريبا بطريقة منتظمة خلال شهر رمضان الفضيل، حيث امتدت أيضا إلى الفضاءات الكبرى لتخفيف الضغط على المحلات الصغيرة، لكن بطوابير تصنع المشهد منذ عدة أشهر رغم الكمية الكافية للاستهلاك المحلي التي توفرها الملبنات، أبرزها ملبنة بودواو وملبنة ذراع بن خدة التي تموّن المنطقة الشرقية.
لم يتغيّر توقيت مرور شاحنات توزيع مادة الحليب على المحلات التجارية ببلديات بومرداس بمعدل ثلاثة مرات في الأسبوع تقريبا، مع ذلك تبقى الطوابير الطويلة هي سيدة الموقف رغم التطمينات المقدّمة من قبل القائمين على وحدات الإنتاج ومصالح مديرية التجارة، بأنّ الكمية الموزّعة يوميا تستجيب لحجم وطلب الاستهلاك المتزايد خلال هذا الشهر، حيث يتم توزيع أزيد من 220 ألف لتر من مجموع 362 ألف لتر إجمالي الإنتاج المحلي بالولاية.
وأمام الكمية الكبيرة من الإنتاج اليومي الذي توفّره الملبنات المحلية، تضاف إلى حصة توفرها عدد من ملبنات تيزي وزو كوحدة ذراع بن خدة وتيفرالي بتيقزيرت، التي تدعّم عددا من البلديات الحدودية، إلا أن الأزمة متواصلة ولا يمكن اقتناء كيس حليب من محلات المواد الغذائية بطريقة عادية بدون طوابير، وانتظار لساعات أحيانا حسب تعليقات بعض المواطنين، الذين تحدثوا مرارا لـ «الشعب» عن هذه الظاهرة التي أعطت صورة سوداوية للوضعية الاجتماعية.
وأمام اعتراف القائمين على الإنتاج بوفرة مادة الحليب بكميات كافية يوميا، يبقى التساؤل مطروحا عن سبب الأزمة التي تعشعش في سلسلة توزيع هذه المادة الحيوية المدعمة من طرف الدولة، ولا يمكن للمواطن والعائلات الاستغناء عنها حتى تتجنب اقتنائه معلبا بأسعار مضاعفة وصلت إلى 140 دينار بالنسبة لحليب «كنديا»، و135 دينار لحليب صومام.
كما أظهرت المعطيات الميدانية التي بحوزة «الشعب»، أنّ أكبر مشكل يعاني منه هذا النشاط الحسّاس هو سوء التوزيع وضعف التحكم في الشبكة، والدليل هو استمرار نشاط الموزعين الخواص، الذين يتحصّلون بسهولة على كميات كبيرة من أكياس الحليب من وحدات الإنتاج ليتم تسويقه بسعر وصل إلى 33 دينارا في بعض المناطق بولاية بومرداس، و30 دينارا في بلديات أخرى، وبالتالي تتسبّب هذه الطريقة غير القانونية في تسريب كميات كبيرة لا تصل إلى وجهتها الحقيقية أو ليس بنفس الكمية المحددة، وبالتالي يبقى هذا النزيف مستمرا رغم الدعوات الموجهة لمصالح الرقابة والجهات المختصة لمتابعة خيوط التلاعب بهذه المادة الأساسية التي تتعرض لنزيف ومضاربة على شاكلة مادتي السميد وزيت المائدة.