تشهد الآبار ومنابع المياه بقرى بلدية دلس شرق بومرداس تدهورا كبيرا بسبب غياب الصيانة، وأخرى عرضة لمجاري المياه المستعملة التي تصب فيها مباشرة، بسبب أزمة شبكة الصّرف الصحي التي تعاني منها أجزاء واسعة من المناطق والتّجمّعات السّكنية المعزولة، وهو ما قد يشكّل خطرا صحيا وانتشار الأمراض المتنقّلة عن طريق المياه والحشرات، في وقت يبقى مكتب النظافة يسجّل الملاحظات وتقديم الوعود حسب شهادات المواطنين.
أولت السّلطات الولائية لبومرداس ومديرية الموارد المائية اهتماما كبيرا لإعادة تهيئة وصيانة منابع المياه الطبيعية المقدّرة بـ 72 منبعا معروفا على المستوى المحلي بناءً على تعليمات الوزارة الوصية، التي دقّت ناقوس الخطر بسبب شح الأمطار لهذه السنة، وتراجع منسوب السدود الثلاثة إلى أدنى مستوى منذ سنوات وصلت إلى أقل من 20 بالمائة بالنسبة لسد قدارة، الذي يزوّد المنطقة الغربية وأجزاء من العاصمة، ما استدعى تسطير برنامج استعجالي لتهيئة وحفر 66 بئرا ارتوازيا لدعم المياه السطحية وشبكة التوزيع بالمياه الجوفية بسبب تذبذب مصادر التحويلات.
مقابل هذه التّحرّكات المركزية لمواجهة أزمة مياه الشرب المنتظر أن تزداد حدة خلال فصل الصيف وموسم الاصطياف، الذي يشهد سنويا تدفّق أزيد من 14 مليون مصطاف، تبقى عدد من بلديات لم تتحرّك لمواجهة الوضعية بتسطير برنامج استعجالي بالتنسيق مع مؤسسات الجزائرية للمياه لمراقبة وصيانة شبكات التوزيع ومصادر المياه البديلة المتمثلة في المنابع الطبيعية والآبار التي تبقى عرضة لكل أشكال الإهمال وغياب الصيانة الضرورية من قبل مكاتب النظافة، رغم أهميتها وتحولها الى مصادر رئيسية وتشهد إقبالا كبيرا للمواطنين، نتيجة ظاهرة الندرة وتذبذب شبكة توزيع مياه الشرب في القرى وحتى الأحياء السكنية بالمدن.
لكن ما هو مقلق بالنسبة لسكان قرى بلدية دلس كمثال عن ظاهرة التسيب وعدم استغلال قدرات موارد المياه أحسن استغلال من قبل القائمين على القطاع، هو التهرب من مسؤولياتهم وعدم التحرك لإنقاذ بعض المنابع والآبار العمومية القديمة المهدّدة اليوم بالتلوث الناجم عن خطر المياه المستعملة التي تصب مباشرة بها مثلما تعاني منه آبار قرية أولاد صابر والقرى المجاورة بعدما شكّلت مصادر رئيسية لمياه الشرب، الاستعمال اليومي، تربية المواشي وحتى السقي الفلاحي، قبل مد الشبكة مطلع الثمانينيات وبعدها جرّاء أزمة التموين اليومي.
وحسب بعض الشهادات التي استقتها «الشعب» لدى مواطني القرية، فإنّ خطر المياه المستعملة التي تهدّد آبار ومنابع المياه، ومنذرة بأزمة صحية خطيرة، راجعة إلى مشكل غياب الربط بشبكة التطهير التي تعاني منها المنطقة وبعض التجمعات السكنية، ومنها الجزء العلوي من قرية أولاد صابر التابعة إداريا لبلدية بن شود، حيث يبقى اختلاف ما بين المكاتب التقنية والنظافة للبلديتين على طريقة لربط الحي بالقناة الرئيسية، رغم شكاوى السكان المجاورين بسبب انتشار الروائح الكريهة للمياه، ورغم أيضا إبلاغ مصالح الدائرة ومديرية البيئة بالخطر الداهم على المواطنين والأطفال، وفق ذات المصادر دائما.
أما عن مصير المشروع الذي تتلاعب به السّلطات المحلية، فهو مسجّل للإنجاز مع تخصيص الغلاف المالي والمقاولة، حسب مصادر محلية من البلدية تحدثت لـ «الشعب»، لكن مشاكل تقنية وإدارية في الصفقة حالت دون انطلاق العملية، خاصة وأن مشروع حسّاس مثل هذا لا يتطلّب التريث أو التهاون والتلاعب بمصطلحات العراقيل التقنية والإدارية التي خنقت أغلب مشاريع التنمية المحلية بالبلديات، وتبريرات أخرى متعلقة بالاعتراضات على تمرير قنوات الصرف الصحي من قبل المواطنين والفلاحين بالنسبة لشبكة مياه الشرب والغاز الطبيعي.
غياب شبكة الصّرف الصحي
شكّلت أزمة غياب شبكة الصرف الصحي وعجز بلديتي دلس وبن شود في إنجاز مشروع بسيط على مسافة 500 م لربط المنطقة العلوية لقرية أولاد صابر منذ سنوات النقطة التي أفاضت الكأس، وأحيت لدى سكان القرى المجاورة المشكلة لعرش بني ثور أزمة الانتماء الإداري المجزأ بين بلديتين بعد حرمان المنطقة من مشروع بلدية في التقسيم الإداري لسنة 1984.
هذه الوضعية بدأت تظهر نتائجها السلبية مع الوقت حسب سكان المنطقة الذين تحدّثوا لـ «الشعب»، منها أزمة الربط بالغاز الطبيعي، حيث تبقى قرى أولاد صابر، مزوج، الشقة، حواسنة، بلا غاز لحد اليوم، في وقت تم ربط القرى المجاورة، بل أكثر من هذا وصل الأمر في وقت سابق إلى ربط جزء من قرية «ازرو» تابعة ادريا لبلدية بن شود، وحرمان جزء آخر تابع لبلدية دلس لسنوات حتى تاريخ إتمام الجزء الثاني كدليل على غياب التنسيق بين المصالح وعدم مراعاة مصلحة المواطن.
كما بدأ المواطن يتذمّر لطريقة المتبعة في توزيع المرافق العمومية ومشاريع التنمية المحلية ما بين البلديات، حيث يبقى عرش بني ثور بقراه وتجمعاته السكنية التي قاربت 20 قرية، حسب ما رصدته «الشعب» من ملاحظات، أكبر ضحية ومعاناة من حيث غياب المشاريع، فإلى حد اليوم يعاني الشباب من انعدام ملعب جواري مهيأ لممارسة النشاط الرياضي حتى لا نقول معشوشب اصطناعيا ماعدا ملعب صغير بقرية «برارات»، غياب قاعة للرياضة، فضاء للتسلية والترفيه لفائدة الأطفال، مركز للتسلية العلمية، قاعة مطالعة وغيرها من الحاجيات الأساسية البسيطة.
كلها مخلّفات متوراثة من قبل المجالس البلدية المتعاقبة لدلس، وأخرى مرتبطة بالحجج الواهية لانعدام الأوعية العقارية، التي تحوّلت إلى مطية لتبرير العجز والفشل وانعدام روح المبادرة لدى المجلس البلدي، الذي يسير هو الآخر كغيره من قائمة طويلة من بلديات بومرداس، بنائب رئيس بعد إيقاف رئيس البلدية المنتخب من قبل والي الولاية نتيجة متابعات قضائية، فيما صنفت البلدية ضمن قائمة الأضعف استهلاكا للميزانية السنوية، حسب تقارير مديرية الإدارة المحلية.