تعتبر الفلاحة من القطاعات الاستراتيجية التي تعول عليها الدولة لتطوير اقتصادها وحمايته من التبعية الأجنبية، كون الغذاء هو السلاح الجديد الذي تشهره الدول الكبرى للضغط على الدول العاجزة عن توفير غذائها.ولقد شهدت ولاية باتنة على غرار باقي ولايات الوطن في السنوات الأخيرة نقلة نوعية في مختلف الشعب الفلاحية، بل وتمكّنت من إفتكاك الريادة في أغلبها على غرار شعب الحليب الدجاج، البيض وحتى القمح في مناسبات كثيرة، ولكن الرهانات المطروحة حاليا تستدعي تكثيف الجهود لتحقيق الأهداف المسطرة وإنجاح الإستراتيجيات المبرمجة، والتي تصطدم غالبا بنقص اليد العاملة، أو هروبها من قطاع الفلاحة إلى قطاعات أخرى، وعليه يجد مجموعة كبيرة من الفلاحين مشكلة في البحث عن إلي العاملة بنوعيها الكفتة أو حتى الهاوية لممارسة الأنشطة الفلاحية، رغم التحفيزات الكبيرة والإمكانيات المادية والتكوينية التي توفرها الدولة لتحقيق ثورة حقيقية في القطاع الفلاحي.
وأكّد لجريدة “الشعب” السيد العربي مسعودي، الأمين العام لغرفة الفلاحة لولاية باتنة، أنّ الدولة سخّرت كامل إمكانياتها المادية والبشرية للنهوض بالقطاع الفلاحي، وهو ما تحقق في السنوات الأخيرة، رغم عديد النقائص المسجلة والتي تأتي في صدارتها نقص اليد العاملة في القطاع، خاصة المحترفة.
احصاء 26 ألف فلاح
ويشير المتحدث إلى أنّ نقص اليد العاملة مرتبطة بالمحيط الذي تربّى فيه الشاب أو البطال، فلا يعقل حسبه أن نطلب من شخص عاش في المدينة أن يكون فلاحا أو يقوم بأنشطة فلاحية غالبا لا يقوى عليها إلاّ من تربى مثلا في الريف، ولا يرى محدثنا أنّ ولاية باتنة تعاني بشكل كبير من “ظاهرة نقص اليد العاملة” في القطاع الفلاحي، ويؤكد قوله بإحصاء غرفة الفلاحة لولاية باتنة، أكثر من 26 ألف فلاح يملك بطاقة فلاح، وبالتالي فهو يمارس نشاط فلاحي في مختلف الشعب الفلاحية.
ويذهب أمين عام غرفة الفلاحة لولاية باتنة بعيدا في نفيه لنقص اليد العاملة في القطاع الفلاحي بالولاية عندما يقول بأن الـ 26 ألف فلاح المنخرط في الغرفة أغلبهم أرباب أسر، في كل واحدة 5 أفراد على الأقل يقومون بالنشاط الفلاحي، خاصة أولئك المستقرون بشكل نهائي في الريف بعد استتباب الآمن بالولاية، حيث أنّ الولاية ذات المساحة الجغرافية الكبيرة بها مختلف الشعب الفلاحية، ما ساعد على تنوع اليد العاملة فهناك فلاح مختص في شعبة تربية المواشي والبقر، وآخر في تربية النحل، وغيره في زراعة الخضر والفواكه...، ولكن هذا لا يعني عدم وجود مشكلة نقص اليد العاملة في القطاع الفلاحة، خاصة المؤهلة حيث يجد الكثير من الفلاحين صعوبة في إصلاح عتادهم الفلاحي مثلا، ولهذا يتم حاليا التحضير لتكوين يد عاملة مؤهلة بالشراكة مع معهد الغابات بباتنة، إضافة إلى توقيع عقود مع جامعة العقيد الحاج لخضر لتكوين الطلبة في الميدان، حيث وضعنا أكثر من 100 مزرعة تحت تصرف طلبة الجامعة لإجراء بحوثهم لنستفيد منهم في المستقبل.
وبالعودة الى أسباب نقص اليد العاملة في الفلاحة، فيرى المتحدث أنّ تمركز كل النشاطات الفلاحية بولاية باتنة في الأرياف صعّب من إقبال سكان المدن عليها، واقتصارها على القاطنين في الأرياف، رغم الرواتب المغرية التي يقدمها أصحاب المزارع والأراضي الفلاحية للعمال والتي تفوق دائما الـ 30 ألف دج، إضافة إلى اقتصار الفلاحة على فئة عمرية من الرجال خاصة تلك التي تفوق الـ 35 سنة، وتفرّغ الشباب لمهن أخرى بعيدة عن خدمة الأرض رغم الفوائد الكبيرة التي تقدمها.
وكل هذا لا ينفي استمرار دعم الدولة للراغبين في ممارسة الأنشطة الفلاحية، أو الاستثمار فيها من خلال صيغ “لونساج” لدعم وتشغيل الشباب.
وعادت جريدة “الشعب” إلى العرض المقدم من طرف مديرية الفلاحة لولاية باتنة والخاص بحملة الحصاد والدرس خلال أشغال دورة المجلس الشعبي الولائي، حيث كشف العرض عن بعض الأسباب التي قلصت من اليد العملة في الفلاحة أبرزها:
ــ الإفراط في الاعتماد على العوامل المناخية، وبالتالي اقتصار العمل في الأرض على صاحبها تقلص المساحات الموجهة إلى زراعة بعض المحاصيل الزراعية على حساب الأخرى.
ــ تردد الفلاحين في اللجوء إلى القرض الرفيق الذي يعتبر من أهم المحفزات على عصرنة الشعب، وذلك رغم ارتفاع العدد نسبيا.
ــ اقتصار العمل في الأراضي الفلاحية على أصحابها.
والجدير الذكر في الأخير، أنه رغم المراحل والأشواط التي قطعها قطاع الفلاحة بولاية باتنة في مختلف الشعب الى أنّ عدم التطبيق الشامل للخريطة النوعية وعدم التركيز على الاعتماد على التقنيات الحديثة في الانتاج، والتردد الفلاحين إزاء هاته العوامل بحجة ارتفاع التكلفة دون مراعاة الربح في المردود.
كما أكد مصدر مسؤول بمديرية الفلاحة بباتنة، أنّ مصالح الفلاحة تسعى إلى اعتماد استراتيجية في تكثيف العمل الجواري والاعتماد على استعمال النخبة كوسيلة إيضاح وإرشاد ميداني لتشجيع الشباب على الإقبال على العمل في مختلف الشعب الفلاحية بالولاية.
باتنة
انعدام اليد العاملة الشبانية ترهن مستقبل عديد الشُعب الفلاحية
باتنة: لموشي حمزة
شوهد:4056 مرة