مخاوف من تكرار سيناريو فيضانات 2007 بمشاهده المرعبة
فضحت التقلبات الجوية والأمطار المستمرة التي عرفتها ولاية بومرداس خلال الساعات الأخيرة ما كان مستورا لواقع التهيئة الحضرية وشبكة الطرقات المهترئة التي غمرتها المياه والأوحال، متسببة في شل جزئي لعدد من المسالك بمداخل البلديات، في حين شهدت المحاور الرئيسية حركة مرور بطيئة منها الطريق الوطني رقم 5 والطريق الوطني رقم 12 الرابط بين تيزي وزو والعاصمة بسبب الفيضانات، وتجمع المياه الموحلة والحصى في مشهد أزعج كثيرا المواطنين وأصحاب المركبات المتنقلين مع بداية الأسبوع.
رغم تحذيرات المختصين والإشارات الأولى التي بعثتها التقلبات الجوية الأولى لشهر سبتمبر، التي أحدثت عدة خسائر في شبكة الطرقات وصنعت صورة سوداء للأحياء والمدن التي غمرتها المياه، وتأزم وضعية عدد من الطرقات الولائية والبلدية بعضها استفاد من أشغال تهيئة حديثة، إلا أن مخطط الوقاية من مخاطر الفيضانات وحماية المدن المعروفة بالولاية لم يفعل محليا بطريقة جدية بالنظر إلى استمرار النقاط السوداء التي قد تشكل خطرا على حياة المواطن، في حين تبقى شبكة الطرقات المتضرر الكبير من حالة اللامبالاة من قبل الهيئات المكلفة بالصيانة وتنظيف البالوعات من أجل تصريف المياه المتجمعة.
ونظرا لتأخر تدخل مصالح الديوان الوطني للتطهير والأشغال العمومية لمعالجة الوضع وتصريف مياه الأمطار التي غمرت عددا من الأحياء السكنية بمدن بومرداس ومنها عاصمة الولاية، بادر المواطنون وأصحاب المركبات والمحلات التجارية التي تكدست بمداخلها أكوام الطمي والحصى إلى المساهمة في رفع هذه المخلفات وتنظيف البالوعات والمشاعب كحل سريع لتجنب الخسائر، متسائلين عن اسباب تكرار مثل هذه المشاهد ودور أعوان الصيانة في القيام بأشغال استباقية لتجنب هذه الكوارث التي تحولت إلى مخاطر سنوية.
كما تسببت التقلبات الجوية وحالة الطرقات الزلجة في عدة حوادث مرور بولاية بومرداس كان أخطرها بالنقطة السوداء «أولاد والي» ببلدية الأربعطاش على مستوى مقطع الطريق السيار شرق غرب، الذي عرف في يوم واحد خمسة حوادث خطيرة حسب إحصائيات الحماية المدنية، منها حادث الاصطدام التسلسلي لعشرة مركبات مخلفا 8 جرحى، وحادث اصطدام ثاني بين مركبتين سياحيتين خلف 3 جرحى، ليضيف هذا المقطع الخطير إلى سلسلته حادث مرور ثالث في المساء تمثل في اصطدام تسلسلي بين 5 مركبات، إضافة إلى عدد آخر من الحوادث الخفيفة التي عرفتها باقي المحاور وأخرى تسببت في تعطيل حركة المرور، إلى جانب حوادث متعلقة بانقطاع التيار الكهربائي الناجمة عن الرياح القوية وسقوط الأشجار.
أمام هذه الوضعية التي تتكرر كل سنة ببومرداس، تعالت مخاوف المواطنين من حدوث فيضانات خطيرة في حالة سقوط كميات معتبرة من المياه بسبب عدم انتهاء أشغال تهيئة الأودية التي تهدد عدد من المدن والتجمعات العمرانية أبرزها مدينة بودواو، قورصو، عاصمة الولاية، يسر، برج منايل، سيدي داود، دلس، التي استفادت من مشاريع هامة بإشراف مديرية الموارد المائية لحمايتها من هذه المخاطر التي سجلت خسائر مادية وبشرية في فيضانات 2007، وهذا بالإسراع في تهيئة الأودية الرئيسية التي تعرضت للاعتداءات الناجمة عن مشاريع السكن الفوضوي وتحولها إلى مفرغات مفتوحة لطرح أطنان النفايات ومخلفات مواد البناء التي تعيق مسار المياه وتحول جريانه نحوالأحياء السكنية والطرقات.
مع ذلك تبقى أصابع الإتهام مصوبة أيضا باتجاه المواطن الذي فقد معنى الحس البيئي وعدم الاكتراث لما يحوم حوله من مخاطر، بل تحول إلى فاعل رئيسي لكن ليس في الاتجاه الايجابي حسب تقديرات المتتبعين لملف البيئة، الذين اعتبروا «أن مسؤولية حماية البيئة والمحيط السكني من كل أشكال التهديدات مشتركة بين كل هذه الأطراف».