أدرجت المترشحة لرئاسيات ١٧ أفريل السيدة حنون في إلتزاماتها والجرأة لتأسيس الجمهورية الثانية.. في ٨ صفحات، كل ما يتعلق بالتنمية المحلية ضمن تصور شامل ومتكامل لا ينفصل عن باقي المحاور الكبرى المتوجهة نحو بناء منظومة إقتصادية تراعي النسق العام إنطلاقا من القناعات الايديولوجية العميقة لحزب العمال.
والتنمية المحلية بالنسبة لحنون من خلال قراءة متفحصة لـ “إلتزماتها” هي رؤية جديدة لتفكير عميق يدشّن أولا بإدخال تغييرات جذرية على القرار السياسي.. وهذا من خلال التحكم في آليات كيفية تسيير القطاع المعني.. بإضفاء عليه طابع التمايز عن سابقيه.. وتقديمه في حلة جديدة.. متساوقة مع التوجهات المراد اتباعها من قاعدتها “الدولة صاحبة المبادرة” في الخيارات الكبرى المحددة لمصير الأمة.
ولم تخصص حنون فصلا خاصا بالتنمية المحلية وإنما هناك ومضات وإشارات يفهم منها أنه كل ما يقرر في جانب معين يتمم الآخر.. وجاء ذلك في النقطة المتعلقة بـ “تأسيس الجمهورية الثانية” وفي مفهوم المضمون السياسي والمؤسساتي، وهنا تتحدث عن إرساء نظام معادلة التوازن الجهوي الفعلي في مجال التنمية الاقتصادية والبشرية.. وإدراج قاعدة التمييز الايجابي في مخطط التنمية الوطنية عبر برامج خاصة انطلاقا من الحاجيات.. ونسبة العجز في الداخل والتنمية بالنسبة لكل ولاية.. ولم تكتف حنون بهذا وإنما شددت على ترسيخ الديمقراطية القاعدية على مستوى المجالس المحلية.. عبر سياسة تنموية متكافئة ومساهمة مالية من قبل الخزينة العمومية.. تقوية صلاحيات المنتخبين وسياسة جبائية تقرّ التوازن ما بين حاجيات الخزينة العمومية وحاجيات التنمية المحلية.
هذا التشخيص الذي أوردته حنون والإقتراحات التي جاءت بها.. يزداد تجذرا كلما
تقدمنا في الإطلاع على إلتزاماتها وهذا باقتراح تقسيم إداري جديد ومضاعفة عدد الولايات والبلديات.. وتفسر ذلك بالمساحة الشاسعة للجزائر والكثافة السكانية والعجز في الخدمات الإدارية والمرافق الكبيرة مابين البلديات.. واستحداث هذه الفضاءات إنما يراد منه توفير مناصب عمل جديدة وتحسين الآداء.. وتقوية مسار التنمية المحلية.. ولتسجيل المزيد من الوضوح في السير الحسن للمشاريع المبرمجة.. تؤكد حنون على ضرورة تحديد صلاحيات كل وزارة.. حتى يتم تفادي التداخل بين الوصايات والولاة.. لذلك لا تتوانى المترشحة في إنشاء وزارة للتخطيط قصد وضع حد للطابع الفوضوي في السياسات الاقتصادية والإجتماعية والمشاريع التنموية.. وفي نفس السياق ومن أجل ترقية الفعل التنموي على الصعيد المحلي.. تقترح حنون دسترة إصلاح زراعي حقيقي يثبت ملكية الدولة للأراضي الفلاحية.. المؤممة ويوفر الدعم للفلاحين الذين يخدمون الأرض ليقتاتوا منها.. وليساهموا في تحقيق الأمن الغذائي الذي هو ركن من أركان السيادة الوطنية من خلال وفرة الإنتاج وتقوية الصناعة الغذائية.
ومن خلال استعراض إلتزمات حنون في مجال التنمية المحلية.. يلاحظ بأنها ركّزت تركيزا قويا على اقتراحات عملية.. وأفكار ملموسة قابلة للتطبيق في الميدان كونها انطلقت من مبدأ حيوي ألا وهو التشخيص الدقيق لكل ما له علاقة بالتنمية المحلية.. لإحلال محل ذلك التوازن الجهوي على الديقراطية القاعدية.. التقسيم الإداري، وزارة للتخطيط، تحديد الصلاحيات ودسترة الإصلاح الزراعي.. كل هذه المحاور وأخرى ترى فيها حنون البوادر الأولية التي تمكّن من وضع الأسس البديلة لسياسة تنموية محلية وفق نظرة جديدة مخالفة تماما لما ماهو سبق.. مكملة لباقي التصورات الإقتصادية والإجتماعية الأخرى الواردة في هذه الإلتزامات.