الشاة السرندية في أسواق النعامة

سعرها لا يتجاوز الـ 8 آلاف دينار

النعامة : مروان الشيخ ناصري

“ السرندية “ أو “الدغيمة” هي شاة العابرة للحدود نحيفة صوفها على عظم  سعرها لايتعدى 8  آلاف دينارفي أحسن الأحوال حطت بها الرحلة قادمة من الحدود عبر مسالك وطرق تمتد عبرالولاية الشاسعة وحتى من ولايات مجاورة أخلطت حسابات الموالين وأثارت فتنة في أسواق الولاية.العملية يسودها  الغموض خصوصا إذا ماتعلق الأمربشيء يسمى التهريب لكن فضول الوصول الى الحقيقة كان الزاد الوحيد لتتبع هذا  الحيوان الهارب أو المهرب عبر الحدود هارب من القحط الذي ضرب الجهة الشرقية منذ  8  أشهر ومهرب عبر شبكات واسعة بعد جولته لعدة أسواق أسبوعية للتأكد من تواجد هذا الوافد الجديد الى تراب الولاية وبالذات في أسواق المواشي الأسبوعية لبلدية بن عمار وبلدية المشرية، سوق المواشي العين الصفراء  وسوق النعامة وحتى سوق بوقطب بولاية البيض جميعها  يتواجد  بها قطعان كل واحد يضم مابين 20  شاة في القطيع الواحد وربما تزيد الى غاية 50  أوأكثر والملاحظ هذا العام أن الشاة اكتسحت الأسواق المحلية في الولاية بقوة خلال الأشهر الأخيرة وقد يكون في بعض الأحيان دخولها مناصفة في السوق مع مثيلها المحلية أوتكون الأغلبية لنعجة السرندية أو الدغيمة كما تسمى بمصطلح الموالة أي التي بها سواد في الوجه المتعارف به محليا.
 وفي لقائنا بالسيد رئيس الغرفة الفلاحية الذي أكد أن الولاية يتواجد بها  1.5  مليون رأس عبر جميع البلديات الـ 12 والذي كان كان جد مسرور بدخول هذه الاعداد الهائلة من الشاة السرندية كي ترتفع نسبة رؤوس المواشي وتسترد ماخسرته الولاية خلال السنوات الماضية من نهب الثروة الحيوانية بسبب التهريب الى المغرب والذي كلف خسارة فادحة قدرت في أقل الظروف بمليون رأس على الأقل.
أما مديرية المصالح الفلاحية التي كان مديرها في عطلة لكن نائب المدير وجهنا الى الطبيب البيطري الدكتور بومدين من مديرية الفلاحة الذي أكد لنا أنه خلال  عمليات الحجز وبعد استدعاء من طرف حرس الحدود وحيث أكدت المصالح الخاصة بالجمارك أثناء معاينتها للقطعان سلامتها من الأمراض المعدية إلاما تصاحب حالات الهزال من أمراض تنفسية والمعروفة عند الموالين باسم » الرية« وهي لاتشكل  خطرا على رؤوس الماشية، كما كان مشاعا  في الوهلة الأولى من طرف الموالين أنفسهم الذين أبدوا تخوفهم من الشاة القادمة عبر الحدود وانها تحمل أمراضا معدية وأن الغرض من ارسالها هو عدوى القطعان المحلية ربما لتخويف التجار والمواطنين منها، لكن جميع الأطباء البياطرة أكدوا سلامتها والواقع أكد أن الشاة جاءت هاربة بجلدها وصوفها من قحط اجتاح شرق المغرب،مما اضطر الموالون المغاربة ببيعها بأثمان رمزية وادخالها الى الجزائر عبر شريط حدودي يعرفه المهربون جيدا.
وفي سوق بن عمار  حاولنا كسب ود بعض الموالين  حيث حاولنا التقرب من أحد الموالين الذي يدعى قادة » اشترينا منه 5 نعاج والتي بعناها في نفس السوق بعد تركه  وطلبنا منه أن يخبرنا عن مصدرها وكيف تصله رفض وأوجس منا خيفة، لأن شكلنا  لا يعطي لنا صفة موالون برغم الهيئة التي اتخذناها لكنه وعدنا بتزويدنا حتى بـ  200 رأس في حال قبلنا عرضه وان لديه الشاة »الشارف«  هي من  بلغت الست سنوات كاملة بسعر 7500 والخروف الى غاية 18 ألف دينار رفض اعطائنا رقم هاتفه لكن ضرب لنا موعدا بـ » السوق الجاي نتلاقو هنا« وضرب بعصاه على الأرض.
 في سوق المشرية في يوم الأربعاء كان لقاءنا بالحاج أحمد أحد كبار الموالين الذي يعرفنا وسألناه عن سبب تواجدنا في السوق وهو الذي يعرف أنني بعيد عن ميدان الموالين صارحته بالموضوع فرفض التعاون في الأول، لكنه بعد إصراري دلني الى بعض الخيوط المقطوعة الرأس والتي لاتؤدي الى الحقيقة الكاملة أسماء جزائريين لا نذكرها على سبيل التشهير، لكنهم من كبار المربين والموالين في الحدود من منطقة القصدير والكعلول وماقورا ولعريشة،  مغنية سيد الجيالي، هي أسماء تكررت عند موالين آخرين في حديثهم للجريدة خلال هذا الروبورتاج عن منطقة عبور الشاه الى تراب الولاية وانتشارها في جل أسواقها الأسبوعية بل حتى الى أسواق البيض وبشارعن طريق قدوم القطعان الى السوق بطريقة عادية، قال إن الحيوانات ليس لها جواز سفر ولاجنسية في موقف ساخر  وأنه أول شيء يعود بالفائدة  وهو عابر  للحدود في إشارة منه الى المخدرات والمشروبات الكحولية.
الموالون بين الرافض والمؤيد
اختلفت آراء الموالين حول هذه الشاة السرندية بين المؤيد لتواجدها بسبب سعرها الذي لايتجاوز الـ 7 آلاف دينارفي أحسن الأحوال وهي تشكل صفقة العمر لبعض منهم، نذكر الموال »المبروك« الذي اشترى قطيعا يبلغ 250  رأس وقام بالاعتناء بها وتوفير الأعلاف والرعاية الصحية ليبيعها بعد 3 أشهر وبرغم أن كل رأس كلفه ألفين دينار جزائري يبيعها لتجار موالين من ولاية بشار بمبلغ  14  ألف دينار أي بربح وفير في فترة وجيزة ليعيد  الكرة لمدة 9  أشهر من قدوم أول الدفعات المهربة من المغرب، وقد شابه »المبروك« مربين آخرين في شراء قطيع  والعناية به برغم ارتفاع أسعار الأعلاف  للقنطار بـ 2900 دينار و3000 دينار للشعير وقد يخالفه الحاج محمد سحاوي موال من عين بن خليل الذي رفض شراء هذه الشاة، لأن التهريب جريمة حسب وصفه وأنه لا يسمح لاختلاط السلالة المحلية بهذه القادمة كون هذه الأخيرة تشكل خسارة كبيرة للموال، لأنه يبيع مثيلتها على الأقل ب 27  ألف دينار في المقابل لـ 13 في أحسن الأحوال لشاة السرندية و18 للخروف السرندي الذي يفوق مثيله 38 ألف دينار وهذا الفرق يؤرق الموال خصوصا أيام قبيل العيد الأضحى وهي المناسبة الذي يصول ويجول ويزيد طول عمامته أمام حديث  المواطنين الذين جاؤوا لشراء الأغنام سواء للولائم الأفراح اولشراء الأضاحي  الذين رحبوا بوجود الشاة السرندية لأنها كسرت الأسعاروأحدثت شرخا في الأسعار»فمحمود« الذي التقيناه وهو يسوق 3 شياه، سعيد كونه أن المبلغ الذي خصصه لشراء شاتين من السلالة المحلية قد أوفى له شراء ثلاث واقتصد 4 آلاف دينار، بل قال وهو يودعنا انه على استعداد  لشراء الأضحية، لأن سعرها سيكون في متناول الجميع، إذا لم يمسها ريح المضاربين، في الأيام القادمة عشية عيد الأضحى.
لاخوف من إختلاط السلالات
والشيء الذي يتخوف منه المربون هو اختلاط السلالات المحلية من خلال التزاوج  الذي أكده لنا الدكتور حساني  محمد ان التزاوج بين سلالة السرندية وأولاد جلال تعطي جنس محسن وراثيا يجمع بين طول القامة وجودة اللحم وتعدد المواليد في السنة هذا ماصرحه لنا مدير مركز التلقيح الاصطناعي وتحسين السلالة بلحنجير الذي أكد لجريدة الشعب أنه لا خطر من تزاوج الأنواع المحلية مع الوافد الجديد، كما قدم لنا دور المركز للحفاظ على الرأس الحمراء وعلى نقاوة السلالات مثل » الدمان« »السيداون« » الرامبي« أولاد جلال » الدغمة« هذا النوع المحلي الذي يتميز بنوعية لحم لا تضاهى في أي نوع آخر وسمعته التي خارج الحدود، وعن المهمة الموكلة للمركز حول عمليات التلقيح 20 ألف عملية منذ نشأته بالاضافة للحفاظ على السلالة للبقر والخيل العربية الأصلية.
برغم من أننا لم نصل الى الحقيقة الكاملة إلا أن الأسابيع الأربع مع الموالين كانت مهمة في التعرف على بساطة الموالين وعلى المشقة التي يعانون منها وعلى طرق المهربين وشبكتهم المحلية والدولية في أمور لم نستطع الإفصاح عنها لإنعدام الأدلة المادية، لكن الحقيقة أن الشاة “تبعبع” في أسواقنا شئنا أم أبينا وهي الآن تحمل الجنسية المحلية بعد أن أكلت من خيرات هذه الأرض الطيبة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024