أكّدت عدة جهات معنية بسوق العقار بصفة مباشرة، أنّ تسويق السكنات الجاهزة المستعملة يشهد هذه السنة جمودا كبيرا وعزوفا غير مسبوق من طرف طالبي السكن. في حين يشهد سوق الكراء انتعاشا نسبيا، أرجعه المتعاملون في القطاع إلى إقدام طالبي السكنات على الانخراط في مشاريع عدل الموعودة، مع تكييف فترة الانتظار بعمليات الكراء مؤقتا.
في ذات السياق، فقد أشار محدثونا من سماسرة العقار وأصحاب وكالات عقارية، إلى أنّ كلّ أحجام السكنات أضحت مطلوبة للكراء هذه السنة، لاسيما بالمدن الكبرى، أين يضطر الأزواج الجدد إلى الاستقلالية الاجتماعية عن أوليائهم طلبا للسعادة وفرارا من مشاكل اجتماعية محتملة. كما يضطر آخرون اللجوء إلى الظاهرة لأسباب مهنية بحتة، لاسيما حين يكون الزوجان عاملين، مع الإشارة إلى أنّ هؤلاء غالبا ما يكونون من منخرطي برامج عدل المعلن عنها أو حتى برامج الترقوي. وتتراوح الأسعار المتداولة بمختلف المدن الكبرى للولاية، ما بين 15 و20 ألف دج للسكن ذي الغرفتين و25 إلى 28 ألف دج للسكن ذي 3 غرف ومن 30 إلى 35 دج للسكن ذي الأربع غرف. غير أنّ الذي أضحى يؤرق هؤلاء يكمن في التسبيقات التي يحدّدها صاحب السكن أو الوكالة العقارية بسنة كاملة، فيما يطالب هؤلاء بـ3 أو 6 أشهر على أكثر تقدير، الأمر الذي أشعل فتيل المنافسة الشرسة ما بين الوكالات العقارية وملاك السكنات.
أما فيما يرتبط بتسويق السكنات الجاهزة، فقد أشار محدثونا إلى أنّ أسعارها تبقى في حدود لا تطاق، لاسيما حينما يتعلق الأمر بفئة الموظفين. وقال هؤلاء، إن المرقين الخواص الذين يقدمون على تشييد سكنات وبيعها يعتبرون في الوقت الراهن السبب المباشر في بلوغ أسعار السكنات الى حدود قصوى، بحيث يتحجج هؤلاء بغلاء القطع الأرضية ومواد البناء، ناهيك عن ارتفاع مختلف التكاليف المرتبطة بالتهيئة وإعداد المخططات ومن ثم فهم يسوقون السكنات المحصل عليها بأسعار بعيدة كل البعد عن تلك التي تعتمدها المصالح العمومية. وأكّد بعض أصحاب الوكالات العقارية، الذين رفضوا الإشارة إلى عناوين عملهم، أنّ سعر السكن ذي 3 غرف يتراوح ما بين 800 وحدة بفوكة وحجوط وشرشال إلى 900 وحدة ببوسماعيل و1100 وحدة بالقليعة (منطقة تجارية). أما السكن ذو الأربع غرف فيتراوح سعره ما بين 950 وحدة بفوكة وحجوط إلى 1200 وحدة ببوسماعيل و1400 وحدة بالقليعة، فيما لا يتجاوز سعر السكن ذي الغرفتين حدود 500 وحدة بفوكة وحجوط وشرشال و650 وحدة ببوسماعيل والقليعة وهي كلها أسعار تسيل لعاب مالكي السكنات الذين يرفضون التنازل عن قسط منها أو بيع سكناتهم بأسعار معقولة اقتداءً بما هو حاصل لدى المرقين الخواص، الذين ينتجون سكنات مرفقة بعديد المرفقات الاجتماعية كالتدفئة المركزية ومسخن الماء والمكيفات الهوائية وغيرها، أو حتى بالمستثمرين في سوق العقار الذين يعرضون أعلى الأسعار من أجل شراء العقارات على اختلاف أنماطها.
تجارة فوضوية في القطع الأرضية
على عكس الجمود الذي يشهده سوق السكنات الجاهزة، تعرف تجارة القطع الأرضية رواجا كبيرا بمختلف أقاليم الولاية لأسباب مختلفة، تتعلق أبرزها في رغبة الأسر ميسورة الحال في توفير أكبر عدد من الغرف بالسكن الواحد للمّ شمل أفرادها وجنوح بعض العائلات العاصمية والبليدية إلى حيازة سكنات إضافية لها بالساحل التيبازي لاستغلالها خلال الفترة الصيفية، إضافة إلى الرغبة الملحة لبعض العائلات في استغلال سكن فردي بعيدا عن ضوضاء العمارات والمناطق الآهلة بالسكان، ومن ثمّ فقد انتعشت تجارة هذا النمط من العقار خلال الفترة الأخيرة ولاتزال الأمور على حالها، بحيث يزداد الطلب على مختلف القطع الأرضية المخصصة للبناء لدى مختلف الوكالات العقارية، لاسيما خلال الفترة الصيفية، الأمر الذي فتح المجال واسعا أمام احتيال بعض مكاتب الدراسات والوكالات العقارية في هذه المسألة، من حيث شراء مساحات شاسعة تابعة للقطاع الفلاحي وتقسيمها إلى قطع صغيرة لتسويقها للراغبين في الاستثمار في العقار. غير أنّ الزبون يتفاجأ أخيرا بكون أرضه لا يمكن بناؤها قانونا، بحكم تبعيتها للقطاع الفلاحي ولا يمكنه الحصول على رخصة البناء بأيّ حال من الأحوال دون أن تتدخل السلطات المعنية لمنع الظاهرة أو تقنينها.
وأشار بعض المتتبعين للشأن العقاري، إلى أن ذلك يندرج ضمن تداعيات تخفيف الضغط على مشاريع السكن العمومي، بالنظر إلى كون الشاري يسجل رسميا ضمن مالكي القطع الأرضية الذين لا يسمح لهم الاستفادة من المشاريع العمومية المتعلقة بالسكن.