تشكو معظم البلديات النائية بالمنطقة الغربية لولاية تيبازة من مشكل ضعف ميزانياتها بفعل قلّة إيراداتها الأمر الذي يؤثر سلبا على نوعية وكمية المشاريع التنموية المدرجة ضمن أجندتها باعتبارها ترتبط ارتباطا وثيقا بمدى تجاوب السلطات الولائية مع مطالب سكان ذات البلديات ومسؤوليها.
فبني ميلك وأغبال ومسلمون وسيدي سميان ومناصر هي كلها بلديات لها امتداد جبلي وريفي وتكاد تخلو من النسيج الصناعي والتجاري وحتى الخدماتي لأسباب يدركها أهل المنطقة جيدا والذين يركزون في حياتهم اليومية على الاسترزاق من المنتجات الفلاحية التي تبقى بالنسبة لهم فضاءا عمليا لا يمكن التخلي عنه أو التفريط فيه، فيما تبقى السلطات المحلية في حيرة من أمرها فيما يتعلق بتوفير مداخيل مالية تتيح لها الوفاء بالتزاماتها تجاه سكان المنطقة الذين لا يزالوا ينتظرون الكثير منها.
وبلدية بني ميلك بأقصى غرب الولاية على الحدود مع ولايتي عين الدفلى والشلف لا تقدر على ضمان نفقات التسيير في ميزانيتها السنوية بالنظر إلى كون مداخيلها لا تتجاوز عتبة ١٠٠ ألف دج، حسب ما علمناه من أحد المصادر المحلية الأمر الذي يترجم واقعا ماليا مزريا لا يصح معه الحديث عن دفع دواليب التنمية والتي تبقى عالقة في أدراج مكاتب السلطات الولائية التي يرجع لها الفضل في انقاذ تلك البلديات النائية من عزلة خانقة، إلا أن توزيع المشاريع التنموية يبقى إلى حد الساعة ينفذ وفق سياسة التقتير التي تراعي مسألة الانتشار الديموغرافي في اعتماد برامج التنمية البلدية النائية من عزلة خانقة، إلا أن توزيع المشاريع التنموية يبقى إلى حد الساعة ينفذ وفق سياسة التقتير التي تراعي مسألة الانتشار الديموغرافي في اعتماد برامج التنمية البلدية، وبلدية بني ميلك النائية لم تتعد حدود قدراتها التنموية تهيئة دار الشباب وقاعة للانترنت وتهيئة ملعب جواري لفائدة فئة الشباب، فيما اضطر سكان ذات البلدية إلى الاحتجاج أكثر من مرة على تأخر مشروع تهيئة الطريق الولائي رقم ٠٣ الذي يربط عاصمة البلدية ببلدية الداموس الساحلية، وهو المشروع الذي توقف بصفة نهائية مؤخرا عقب فشل المقاول في تجسيده لأسباب تبقى مجهولة.
كما لايزال سكان مختلف دواوير البلدية يعانون من الطرقات، لاسيما تلك التي توصلهم إلى عاصمة البلدية أين تتمركز الخدمات الصحية المتدنية بمعية الخدمات الإدارية المحدودة مع الإشارة إلى أن بلدية بني ميلك تحوز على عيادة متعددة الخدمات محرومة من المناوبة الليلية وأثناء العطل ويعمل بها طبيبان وعونان ممرضان على شاكلة ماهو معمول به في قاعات العلاج بالمدن الأخرى. ومن ثم فإن تطلعات السكان إلى واقع صحي أفضل تبقى قائمة وملحّة ولا تقدر السلطة المحلية على تقديم قيمة مضافة بالنظر إلى ضعفها المالي، كما لايزال سكان البلدية يطالبون بمزيد من المؤسسات التربوية لاسيما المتوسطة منها والثانوية، إلا أن موقع البلدية كثيرا ما يرغم الجهات الوصية على صرف النظر عنها ورصد مزيد من المشاريع للمناطق الآهلة بالسكان، ويبقى سكان بني ميلك بالرغم من ذلك متشبثين بأراضيهم الفلاحية التي تعتبر المصدبر الوحيد لرزقهم، بحيث شرع العديد ممن نزحوا إلى المدن الكبرى خلال فترة الأزمة الأمنية في الرجوع إلى قراهم ودواويرهم لخدمة أرضهم متجاوزين بذلك أزمة ضعف ميزانية البلدية التي لا تقدر على توفير الحياة الكريمة لهؤلاء بالرغم من مساهمتهم في إثراء الاقتصاد الوطني بكميات هامة من المنتجات الفلاحية.
وبالمقابل، تمكنت بلدية القليعة بشرق الولاية من تخصيص مبلغ يفوق ٤٦٠ مليون دج لقسم التجهيز بميزانيتها للسنة المنصرمة أضيفت لها حصة هامة من الجهات الوصية بلغت ٧٧ مليون دج، الأمر الذي مكنها من تنفيذ ٥٥ عملية انمائية خلال العام المنصرم واتمام ١٩ عملية أخرى ورثها المجلس البلدي عن العهدة السابقة إضافة إلى إقتناء عدد لا يهان به من الآليات والسيارات النفعية والسياحية لفائدة المصالح البلدية متخصصين بقدر وافر من النفقات الأخرى للجانب الاجتماعي المرتبط باقتناء محافظ مدرسية ودعم العائلات المعوزة خلال شهر رمضان وتكريم النجباء في مختلف الامتحانات المدرسية، الأمر الذي لا يمكن الحديث عنه بعديد البلديات النائية التي خيمت عليها عزلة خانقة أبعدت عنها كل أوجه التنمية والترقية الاجتماعية.
وقد تكون هذه المعطيات الواقعية حافزا أمام بعض النازحين لرفض العودة إلى أراضيهم بحجة افتقارها لأدنى ضروريات الحياة الكريمة.