تعرف بلديات تلمسان أزمات مالية خانقة، بفعل ضعف مداخيلها وقلة المخصصات المالية التي تمنحها الولاية للبلديات، ما يجعلها تصرف أموالها في أجور العمال والوقود ورفع القمامة وتنظيف الشوارع فقط.
«الشعب”، اختارت الدخول إلى عمق البلديات للوقوف على مشاريعها والتوقف عند مشاكل التنمية.
الزائر لبلديات تلمسان يقف على مشاريع انطلقت بوتيرة متسارعة لكنها توقفت فجأة، وغالبا ما يكون المال سببا رئيساً في ذلك، إضافة إلى شح ميزانية البلدية ما يجعلها تتوقف لسنين.
ففي بلدية بن سكران تحول مشروع دار الثقافة إلى أطلال بعدما توقفت به الأشغال لأكثر من 7 سنوات بفعل شح ميزانية البلدية. ورغم أن المشروع وصل إلى حدود 80 من المائة من الإنجاز لكنها الأشغال لم تنته لحد الآن والمشكل هو المال.
نفس المشكل تعانيه بلدية هنين، التي لاتزال المكتبة البلدية المقابلة للدائرة مجرد هيكل بعدما وصلت أشغالها إلى 45 من المائة فقط. أما ببلدية بني وارسوس الفقيرة، فلاتزال مكتبتها مجرد أساسات، حيث لم تتعد الأشغال 10 من المائة، ولم تتمكن البلدية حتى من إقامة طريق اجتنابي لإبعاد الشاحنات وخطرها عن السكان والسبب هو نقص المال لا غير.
وتعرف ولاية تلمسان تطورا كبيرا في توزيع المياه الصالحة للشرب، حيث أن توزيع المياه بلغ 80 من المائة بفعل إنجاز 3 محطات لتحلية مياه البحر مكنت من توزيع المياه على مدار 24 ساعة على السكان، وهي نعمة عليهم لكنها في الحقيقة نقمة على البلديات، بفعل قدم شبكات التوزيع التي تحطمت وتصدعت بفعل قوة الضغط ما جعل البلديات في صراع دائم مع ترقيعها وتجديد قنوات المياه وسط المدن والقرى تفاديا لتضييع المياه.
وأمام فاقة البلديات، فإن رؤساءها يجدون أنفسهم في حيرة في كيفية التصرف مع نقمة المياه المحلاة، ما جعل بلديات تضحي بأجور عمالها وبعض حاجياتها، مقابل إصلاح القنوات. كما يواجه رؤساء بلديات، متابعات قضائية بفعل تورطهم في التعاقد مع مقاولين بدون أموال، الأمر الذي جعل المشاكل تتفاقم في المجالس البلدية بولاية تلمسان حتى صارت أروقة العدالة تستقبل أسبوعيا مشاكل السكان.
ويعد السكن من مشاريع الدولة التي تقوم ببنائه بمختلف الصيغ، سواء الاجتماعي أو التساهمي، فميزانية البلدية لا يمكنها أن تبني السكن، لكن هي مسؤولة عنه، ما يفاقم من غضب واحتجاجات المواطنين، رغم أنه لا علاقة لها به.
من جهة أخرى، فإن النقل المدرسي من مسؤولية وزارة التضامن، لكن البلديات تواجه هذه المشاكل، خاصة البلديات ذات القرى المتناثرة، على غرار بني وارسوس، جبالة، الرمشي وبني خلاد... حيث غالبا ما تكون الاحتجاجات موجهة للبلديات التي يفرض عليها توفير النقل المدرسي في ظل غياب وسائل النقل وشح ميزانياتها التي تمكنها من شراء حافلات للنقل المدرسي، حيث لجأت بعض البلديات، على غرار بلدية الرمشي، إلى كراء حافلات النقل الجماعي من نوع “كارسان” تابعة للخواص من أجل ضمان تمدرس التلاميذ وهو ما زاد مصاريف إضافية على كاهل ميزانية البلدية ما يهدد التوازن المالي بعجز.
ومن أجل إعطاء مصداقية أكبر، تقربنا من بعض رؤساء البلديات، حيث أكد لنا رئيس بلدية الرمشي، السيد شريفي عبد الكريم، أن ميزانية البلدية لا تكفي لتسيير لأسبوع واحد، وهو ما يجعلهم يطالبون السلطات العليا بإدماج مصاريف تهيئة الشوارع والإنارة العمومية ضمن ميزانية الدولة. نفس الأمر طالب به رئيس بلدية بني وارسوس، السيد بضياف حسن، خلال لقائه بوالي الولاية. أما رئيس بلدية الفحول، وأثناء زيارة والي الولاية لبلديته الفقيرة، فقد أشار إلى أن القضية تخص الميزانية التي تمكن من قيام البلدية بمشاريع كبيرة تعود بالفائدة على السكان.