عـالج 16893 قضية عبر كامل إقلـيـم الولاية

مـركز المراقبة بالبـليدة.. استباق الجرائم مفتاح الأمان

أحمد حفاف

عالج المركز الولائي للمراقبة بواسطة الفيديو 16893 قضية عبر كامل إقليم ولاية البليدة، خلال السداسي الأول من سنة 2024 الجارية، وذلك من خلال كاميرات المراقبة وبالتنسيق مع الفرق العملياتية بالميدان، منها 13616 قضية في مجال الأمن العمومي و3277 قضية في مجال الشرطة القضائية.

تؤكّد الأرقام أهمية استخدام أنظمة المراقبة بواسطة الفيديو بهدف الوقاية من الأعمال الإجرامية وحماية الأشخاص والممتلكات بصفة عامة وضبط حركة المرور عبر الطرق بالمدن ومعاينة المخالفات المرورية، كما تظهر أهمية تنصيب كاميرات المراقبة في الأماكن العامة نظرا لأهميتها الكبيرة في الحدّ من ارتكاب الجريمة بجميع أشكالها.
 دخل المركز الولائي للمراقبة بواسط الفيديو لولاية البليدة حيز الخدمة في أفريل من سنة 2023 الماضية بمقره في حي سيدي الكبير، علما أنّ العمل بهذا النظام التكنولوجي بدأ في سنة 2012 قبل تطويره في سنة 2018، حيث كان تابعا من قبل لبعض المصالح لجهاز الأمن الوطني.
وتم إنشاء هذا المركز بهدف التقليص من مؤشر الجريمة بجميع أشكالها والحفاظ على النظام العام، وكذا المساهمة في التحرّيات والتحقيقات القضائية بشكل مباشر أو غير مباشر، بالإضافة إلى تسهيل عملية النشر الجيد للتشكيلات الأمنية في الميدان.

هكذا يـتم تـنصيـب الـكامـيرات

يقول رئيس هذا المركز، لمين خروف، بأنّ وضع كاميرات المراقبة لا يتم اعتباطيا بل بناء على دراسة مع الأخذ بعين الاعتبار النقاط السوداء وأماكن تواجد الجمهور بعدد كبير، مضيفا بالقول: «نحصل في بعض الأحيان على النقاط التي ينبغي مراقبتها بالكاميرات من قبل المصالح العملياتية، وبدورنا ننجز دراسة وبناء عليها نقوم بتنصيب هذه الكاميرات».
 وتابع عميد الشرطة: «المركز يخضع لرئاسة الوالي باعتباره رئيسا للجنة الأمنية للولاية وتنصيب كاميرات المراقبة يتم بناء على الاحتياجات الأمنية، أما نحن فنقوم بتشغيل النظام بهدف التقليل من الجريمة وهذا بالتنسيق مع المصالح العملياتية التي تشتغل في الميدان ومختلف الشركاء الأمنيين (الدرك الوطني مثلا)».
لا يقتصر مركز المراقبة بواسطة الفيديو على كاميرات المراقبة فحسب، بل يعمل على رصد الجرائم وحفظ النظام العام بواسطة تقنيات أخرى مثل الراديو وتلقي التبليغات عن طريق خطوط خاصة للهاتف، وكذا تطبيق « ألو شرطة « الذي يسمح باستقبال فيديوهات وصور ورسائل من قبل المواطنين عن طريق هواتفهم النقالة شريطة تحميله علما أنّه يشتغل بنظام « أندرويد».
يتحكّم هذا المركز بكلّ كاميرات المراقبة المنصبة عبر كامل اقليم ولاية البليدة، والتي يتم تنصيبها بشكل سري ضمن إطار حماية النظام التكنولوجي المتبع بحسب ما صرح مدير هذا المركز، حيث أظهر منحى بياني حدوث قفزة نوعية في نشاطه منذ شهر ديسمبر الماضي بعد ربط النظام بمراكز أمن الدوائر ما أدّى إلى اكتماله.

الـقـيـادة في حــالـة الأزمـات

كما يعتبر المركز الولائي للمراقبة بواسطة الفيديو مركزا للقيادة في حالة وقوع أزمة طبقا للمرسوم الرئاسي 15-228 الذي بموجبه تم إنشاؤه، وحاليا يحتوي مقره بالبليدة على خمس قاعات متخصّصة، مع إمكانية توسعة النظام بقاعات أخرى مستقبلا وتدعيمه بتطبيقات تكنولوجية ذكية أيضا.
 تتولى قاعة كاميرات المراقبة خارج النظام تتبع تدفقات الفيديو الواردة من أنظمة المراقبة بواسطة الفيديو، المنصّبة على مستوى المنشآت الكبرى مثل المطارات، الملاعب والموانئ وغيرها من الأماكن ذات الأهمية، أمّا قاعة الأمن العمومي فمهمّتها تأمين ومراقبة سيرورة حركة المرور، بالإضافة إلى توفير التأمين للمواكب الرسمية وضمان تسيير فعّال للتشكيلات الأمنية.
تتمثل القاعة الثالثة في قاعة مكالمات النجدة التي يستقبل بها مكالمات النجدة الواردة من المواطنين عبر خطوط النجدة 17 و1548 وتطبيق « ألو شرطة»، أما قاعة الأحداث الرابعة فتتولى متابعة وتسيير الأحداث اليومية والجنح التي قد تقع على الطريق العام، التبليغ عن كلّ شيء يهدّد الصحة العامة، السكينة العامة، الطمأنينة والأمن العام.
ويضاف إلى هذه القاعات العملياتية الأربعة واحدة تقنية يطلق عليها قاعة تسيير النظام ومهمتها ضمان استمرارية نظام المراقبة بواسطة الفيديو والتدخل الآني لحلّ الأعطاب التقنية للنظام.
 ومن بين المهام المنوطة إلى هذا المركز التصدي إلى الحرائق ونجدة الأشخاص، تأمين المنشآت المستقبلة للجمهور والتسيير الأمني للأحداث الرياضية والثقافية، وإعداد وتحيين المخططات الأمنية المعروفة وإبلاغ السلطات بالمعلومات في حينها قصد اتخاذ القرار المناسب دون تأخير.

... يُسهّل عمل القضاء بتوفير أدلّة البراءة والإثبات

 بتوفره على أعلى التكنولوجيات المسخّرة للإشراف واستغلال تدفقات الفيديو على المباشر على اعتبار أنّه يشتغل بدون انقطاع، ينجز المركز الولائي للمراقبة بواسطة الفيديو بالبليدة عملا استباقيا ووقائيا، ومن خلال وسائله التقنية يوجّه التشكيلات الأمنية التي تشتغل في الميدان كما يبلغها بدرجة الخطر فيما يخصّ الجريمة ودرجة السيولة فيما يخصّ حركة المرور.
 في هذا الصدد، أوضح عميد الشرطة لمين خروف:» في حالة ارتكاب سائق مخالفة كأن يركن سيارته في مكان غير مسموح نأخذ رقم لوحة ترقيمه ونرسلها إلى الفرق المختصة إقليميا.. درجة الخطر كأن نلاحظ شخصا يضرب في أخر أو يقوم بمداهمته أو محاولة اعتداء ونسرع في عملنا بتبليغ الفرق التي تشتغل في الميدان كي تمنع وقوع الجريمة وهذا عمل استباقي من شأنه أن يقلّل من الجريمة.»
وتابع وهو يشرح كيفية استغلال المركز الذي يقوده:» من خلال تفقّد الفيديو نرصد المجرمين والجرائم ونقوم بعملنا بتبليغ الجهات القضائية ونبلغ السلطات المحلية عن وجود خطر أو تجمعات في أماكن ما، كما نقدم المساعدات للشركاء الأمنيين لتسهيل عملها في الحصول على أدلّة أثناء عملية التحقيق والتحرّي التي يقومون بها.»
في هذا الصدد، أوضح ذات المسؤول:» الفيديوهات والتسجيلات التي بحوزتنا تسمح للجهات القضائية بالحصول على أدلة إثبات خلال سير الدعوى العمومية وهذا ما يسهل عملها للفصل في القضايا، وبالمقابل قد يسمح علمنا في إثبات براءة شخص تم توقيفه عن طريق الخطأ وبعد العودة إلى الفيديو المسجل بمركزنا يظهر أنه ليس ذلك الشخص المجرم الذي تبحث عنه مصالح الأمن».

.. ما ترصده كامـيرات الخواص والمحـلات

فيما يخصّ الكاميرات التي يضعها بعض الخواص لا سيما في المحلات التجارية، أوضح عميد الشرطة لمين خروف بأنّ ثمّة قانون يضبط هذه الكاميرات، وينصّ ضرورة الحصول على إذن من النيابة العامة لتفقد تسجيلات هذه الكاميرات ما دام يوجد قانون آخر يضمن عدم التعدّي على المعلومات والبيانات الشخصية بحسب تعبيره.
في هذا الصدد، علمت «الشعب» بأنّ مصالح الدرك الوطني قامت قبل أيام قلائل بتفحّص كاميرا صاحب محل لبيع العقاقير والخردوات، وسمح لها ذلك بالكشف عن هوية سارق سيارة لصاحبها المقيم بالقطب الحضري سيدي سرحان بأعالي بلدية بوعينان.
ولعلّ ما يؤكّد بأنّ مركز المراقبة بواسطة الفيديو يأخذ بعين الاعتبار ما تلتقطه كاميرات الخواص، هو أنّه يستقبل فيديوهات للمواطنين عن طريق «ألو شرطة» والذي يسمح لها بتحديد مكان وجود الشخص الذي قام بإرسال الفيديو-يقول لمين خروف.
وفيما يخصّ توسعة هذا النظام ليشمل كاميرات الخواص كما هو معمول به في بعض الدول مثل إنكلترا، فقد أوضح ذات المسؤول بأنّ أيّ توسعة كانت وجب أن يسبقها الإطار التشريعي، أيّ يصدر قانون يسمح باستغلال كاميرات الخواص، كما هو الحال بالنسبة للكاميرات المتنقلة «الدرون»، لافتا إلى ثمّة مساع لتدعيم النظام بتطبيقات ذكية ليكون أكثر نجاعة وفعّالية في المستقبل القريب.
وأكّد المتحدّث بأنّ نظام المراقبة الذي يشتغل به المركز مؤمنا ومسيرا من قبل كفاءات جزائرية، ويقوم بتكوين المتربّصين حول الجانب التقني والجانب العملياتي.

تــأمـين المـباريـات ومواجهـة العنـف في الملاعـب

يلعب المركز الولائي للمراقبة بواسطة الفيديو بولاية البليدة دورا كبيرا في تأمين المباريات والتصدي لظاهرة العنف في الملاعب، حيث يضع خطة محكمة دوما لإنجاح المنافسات التي يحتضنها ملعب مصطفى تشاكر، لا سيما مباريات المنتخب الوطني لكرة القدم.
في هذا الصدد، تطرق لمين خروف إلى تجربة المركز فيما يخص تسيير مباريات كرة القدم بذات الملعب:» قبل إجراء أيّ مقابلة رياضية نقوم بعملية مسح للمنطقة بالكاميرات الموجودة ثم نوزع التشكيلات الأمنية، وبعدها نراقب دخول الجمهور إلى الملعب وعملية تموضعه داخل المدرجات، ثم نواصل تتبع أيّ خطر قد يظهر خلال سير المباراة ونعلم المصالح العملياتية، والمرحلة الأخيرة وهي أننا نقوم بتصريف الجمهور بعد نهاية المباراة لتفادي تسببه في ازدحام مروري.»
 غير أنّ ظاهرة العنف في الملاعب تستدعي تضافر جهود الجميع بحسبه: «مجابهة العنف تستدعي وجود نظام متكامل في الملاعب كأن نمنع المناصرين الذين لديهم سوابق عدلية- وقد يتسببون في وقوع أحداث شغب-من الدخول إلى الملعب وهذا سيكون سهلا باعتماد تقنية التعرف على الوجه التي يرتقب أن نتدعّم بها، وحتى بنظامنا الحالي نستطيع التعرّف على هويتهم باستخدام خاصية « الزووم «... ويمكن لنا مثلا أن نجهض مجموعة صغيرة من المشاغبين قبل أن تكبر وتتوسّع في المدرجات، وهذا يندرج ضمن عملنا الاستباقي الذي نقوم به».
وختم قوله: «العنف في الملاعب لا يمكن القضاء عليه بوضع الكاميرات فحسب، بل ينبغي القيام بالتحسيس والتنظيم وتجنيد أعوان الملاعب والتحلّي بالحسّ المدني لدى المشجّعين والمتفرجين، لكن الكاميرات تساعد كثيرا في الحد من الظاهرة، ومستقبلا ستكون أكثر نجاعة بتدعيم نظامنا بحلول تكنولوجية ذكية تساعدنا في مواجهة الجريمة.»
في الأخير، يمكن القول بأنّ مركز المراقبة بواسطة الفيديو سيفيد السلطات المحلية بولاية البليدة كثيرا في الأقطاب الحضرية الجديدة التي تم انجازها في العقدين الأخيرين ومازالت لم تتدعم بمراكز أمنية بعد، وستكون كاميرات المراقبة من بين الحلول الأمنية ليشعر المواطن بالأمان والطمأنينة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19558

العدد 19558

السبت 31 أوث 2024
العدد 19557

العدد 19557

الخميس 29 أوث 2024
العدد 19556

العدد 19556

الأربعاء 28 أوث 2024
العدد 19555

العدد 19555

الثلاثاء 27 أوث 2024