مرّ لمرحلة جديدة في اختيار المنافسين وتسيير التّعداد

بلماضي يكسب الرّهان خلال التّربّص الحالي

محمد فوزي بقاص

نجح الناخب الوطني جمال بلماضي في اختيار ثلاثة منافسين أقوياء لتربص شهر جوان، بعدما تبين أن اختباري موريتانيا ومالي كانا مفيدين، قصد التحضير الجيد لدخول معترك تصفيات كأس العالم 2022 شهر سبتمبر المقبل بقوة أمام منتخبي جيبوتي وبوركينافاسو، حيث استفاد رفقاء المحارب سفيان فيغولي من المواجهتين لتصحيح الأخطاء، والتيقن من صعوبة المأمورية التي تنتظرهم لاقتطاع تأشيرة التأهل للدور الفاصل المزمع إقامته شهر مارس 2022، فيما تبقى مباراة تونس تسعين دقيقة لتسلق الترتيب العام للاتحاد الدولي، وخطف المركز الإفريقي الثالث من نيجيريا.
 
اتّضحت الرؤية أكثر للاعبي الخضر خصوصا الوافدين الجدد، عما ينتظرهم خلال تصفيات مونديال قطر، بعدما استهدف بلماضي منافسين قويين يعيشان أفضل أيامهما، حتى يفتح أعين لاعبيه ويوعيهم بخطورة الوضع، خصوصا أن المنتخبات الإفريقية تواصل العمل والتطور من سنة لأخرى.
بلماضي اختار مواجهة منتخب موريتانيا، الذي يسير في ديناميكية جيدة من النتائج الإيجابية، بعد ضمان التأهل لكأس أمم إفريقيا للمرة الثانية في تاريخه والثانية على التوالي، حين فرض التعادل ذهابا وإيابا على المنتخب المغربي، وفاز ذهابا وإيابا على منتخب إفريقيا الوسطى، وتعادل وانهزم مع منتخب بورندي، مواصلا تألقه وتطوره على الصعيد القاري للسنة السابعة على التوالي، وتحديدا منذ تولي المدرب الفرنسي كورونتان مارتينس مقاليد العارضة الفنية للمرابطين شهر أكتوبر من عام 2014.
بلماضي كشف أنّ اختيار مواجهة منتخب موريتانيا جاء تحضيرا لمقابلة جيبوتي شهر سبتمبر المقبل، لحساب الجولة الأولى من تصفيات كأس العالم، حيث أكّد في مؤتمر إعلامي أن رفقاء لاعب ريال فالادوليد مختار الحسن أقوى من منتخب جيبوتي بدنيا وفنيا، كما وضع المسؤول الأول على رأس العارضة الفنية للخضر البدلاء في الصعوبة لاختبار جاهزيتهم، ومعاينة بعض الأسماء الجديدة ولاعبين آخرين في مناصب غير متعوّدين على الظهور بها، لإدراك مدى قدرتهم على إيجاد الحلول الملائمة في المباريات الصعبة، وحين يتم الاعتماد عليهم في المباريات الهامة والمصيرية.
في ذات السياق، لم يكن اختيار منتخب مالي عشوائيا، هو الذي أضحى يسيل الكثير من الحبر، جراء خرجاته القوية في الوديات والمباريات الرسمية أمام كبار القارة السمراء، ويواصل التطور للسنة الرابعة على التوالي، خصوصا أنّ نواة المنتخب والتشكيلة الأساسية أغلبها من اللاعبين الشباب، حيث أنّ معدل عمر منتخب مالي لا يتجاوز 25 عاما، وسبّب الكثير من المتاعب لكتيبة المحاربين الذين حافظوا على تركيزهم طيلة أطوار اللقاء، وتمكّنوا من تسجيل هدف وحيد في المواجهة.
صخرة دفاع الخضر جمال الدين بن العمري، أوضح أن مواجهة منتخب مالي اختبار جيد للمنتخب، وقال بهذا الشأن «واجهنا منتخبا قويا ومنظما في كل الخطوط، منتخب مالي شكّل لنا الكثير من المتاعب».
وأضاف «منذ مدة لم نواجه منتخبا بهذه القوة، وتحديدا منذ مباراة المكسيك، ومواجهة النسور ستسمح لنا من التركيز أكثر في المباريات المقبلة لأنها أعادتنا إلى مواجهات المستوى العالي».
25 لاعبا في مواجهتين
بالرغم من تحدي الإبقاء على سلسلة المباريات دون هزيمة، وتحطيم الرقم القياسي الإفريقي الذي كان بحوزة منتخب كوت ديفوار بـ 26 مباراة، والعمل على الاقتراب أكثر من تحطيم الرقم القياسي العالمي الذي يتواجد بحوزة منتخبي إسبانيا والبرازيل بـ 35 مواجهة كاملة، إلا أن بلماضي منح فرصة اللعب لـ 25 لاعبا كاملا في امتحانين وديين، وقام بتغيير 100 بالمائة من لاعبي التشكيلة الأساسية، وهو ما يؤكد الثقة الكبيرة التي يضعها مهندس التتويج القاري في لاعبيه، من أجل تجسيد مشروعه الرياضي وبلوغ أهداف العقد الذي يربطه بالاتحادية الجزائرية لكرة القدم، بالتأهل لنهائيات كأس العالم وبلوغ الدور ربع النهائي على الأقل، لأول مرة في تاريخ مشاركات الجزائر في كأس العالم.
الشيء الملفت للانتباه خلال مواجهتي موريتانيا ومالي، هو أن الطاقم الفني مرّ لمرحلة جديدة في تسيير المباريات، حيث أضحى ينوع النهج التكتيكي من مناسبتين إلى ثلاثة خلال تسعين دقيقة، أين استعمل لحد الآن 04 خطط لعب، المعتادة (4-1-4-1) والكلاسيكية (4-4-2)، والهجومية (4-3-3) وكذا خطة (4-1-2-3)، وهو الأمر الذي جعل هجوم الفريق الوطني يزعزع استقرار دفاعات موريتانيا ومالي بتسجيل خماسية كاملة في مواجهتين، وهي استراتيجية جديدة اعتمدها جمال بلماضي في خرجات الخضر الأخيرة، عكس السابق أين كان يعتمد على خطة واحدة لخلق الانسجام بين العناصر الوطنية، وهو ما يؤكد التطور المستمر للمحاربين، الذين يواصلون التألق للسنة الثالثة على التوالي.
تحطيم عدّة أرقام قياسيّة
مواجهتا موريتانيا ومالي سمحتا للخضر من معادلة الرقم القياسي الإفريقي في عدد المباريات دون تذوق طعم الهزيمة، وهو الأمر الذي صار من بين أولويات اللاعبين في خرجات المنتخب، وورقة رابحة أخرى في يد الطاقم الفني لتحفيز لاعبيه وحثهم على بذل المزيد من الجهود أثناء اللقاءات، وهو ما أكّده الظهير الأيسر لنادي مونشنغلادباخ الألماني رامي بن سبعيني، الذي قال في هذا الشأن «سلسلة المباريات دون هزيمة أصبحت حافزا كبيرا بالنسبة لنا».
وتابع حديثه «هدفنا الأول تحطيم الرقم القياسي الإفريقي، ومواصلة المشوار لكتابة أسماء جيلنا في تاريخ كرة القدم العالمية بتحطيم الرقم العالمي».
في ذات السياق، فإنّ تحقيق نتيجة أمام منتخب تونس غدا، سيفتح الباب الاقتراب من تحطيم الرقم القياسي العالمي الذي يتواجد بحوزة منتخبي اسبانيا والبرازيل بـ 35 مواجهة دون هزيمة، حيث سيرتفع العدد إلى 27 مقابلة، وإذا سارت كل المباريات على ما يرام في تصفيات كأس العالم، خاصة ضد منتخب بوركينافاسو ذهابا وإيابا، سيبلغ رفقاء السفاح بغداد بونجاح عتبة 33 مواجهة دون تذوق طعم الهزيمة، لتكون المباريات الثلاثة الأولى من الدور الأول لكأس أمم إفريقيا 2022 بالكاميرون، كفيلة بتحطيم الرقم العالمي ودخول تاريخ الساحرة المستديرة من أوسع أبوابها.
هذا، وتمّ تحطيم عدة أرقام قياسية استعصت على مختلف الأجيال التي مرت على المنتخب الوطني، حيث يقترب الحارس مبولحي بخطى ثابتة من خطف مركز الوصافة، لأكثر اللاعبين تقمصا للألوان الوطنية على مر التاريخ، أين بلغ المباراة رقم 77 ضد منتخب مالي، ويتواجد حاليا في المركز السادس بالترتيب العام، وعلى بعد 08 مباريات للإطاحة بالأسطورة رابح ماجر، صاحب الـ 86 مواجهة بألوان الخضر، فيما يبدو تحطيم الرقم القياسي للمتصدّر لخضر بلومي، صاحب الـ 100 مواجهة صعبا على مبولحي، كون نهائيات مونديال قطر ستكون بنسبة كبيرة آخر محطة يظهر خلالها الحارس الجزائري رايس الوهاب مبولحي بألوان الأفناك.
كما أنّ المحارب سفيان فيغولي ارتقى في الترتيب العام لأفضل الهدافين في تاريخ المنتخب الوطني، بانفراده بالمركز رقم 11 عن طريق تسجيله ثنائيته الثانية وبلوغه الهدف رقم 16، كما أن القائد رياض محرز أصبح سابع هدّاف في التاريخ يبلغ عتبة عشرين هدفا، بعد تسجيله هدف الفوز أمام منتخب مالي الذي يعتبر هدفه الخامس على التوالي.
توبة، بدران، فرحات وبلقبلة كسبوا نقاطا
عرفت المواجهتان الوديتان الأوليين لشهر جوان تألق أربع لاعبين، يتعلق الأمر بالمدافعين المحوريين أحمد توبة وعبد القادر بدران، بالإضافة إلى متوسط الميدان هاريس بلقبلة والجناح زين الدين فرحات، الذين كسبوا عدة نقاط ايجابية، أين خاض لاعب والويجك الهولندي مباراة دون خطأ ضد موريتانيا في أول ظهور له مع المنتخب، وأصبح يهدّد المكانة الأساسية لصخرة الدفاع جمال الدين بن العمري.
كما أنّ مدافع الترجي الرياضي التونسي عبد القادر بدران، أدى مباراة قوية في أول ظهور له أساسيا بألوان المنتخب، ولقي إشادة الناخب الوطني بأخلاقه وقيمته الفنية، وهو ما جعل الجميع يطمئن على مستقبل الخضر، بعدما بحث الكوتش جمال مطولا عن لاعبين مميزين في محور الدفاع، بعد اعتزال كارل مجاني اللعب الدولي.
أبهر متوسط ميدان نادي بريست هاريس بقبلة عشاق الخضر خلال ظهور أمام منتخب موريتانيا أساسيا، ودخوله بديلا للدبابة عدلان قديورة أمام نسور مالي، أين قام بدوره على أكمل وجه في منصب لاعب ارتكاز والمدافع المتقدم، ووجد أخيرا خليفة لاعب الغرافة الذي يقترب من اعتزال اللعب الدولي وتعليق الحذاء.
لاعب نادي نيم زين الدين فرحات هو الآخر، وعكس خرجاته السابقة تمكّن من الظهور بمستوى لا بأس به أمام موريتانيا، أين استعمل على الرواق الأيسر وأدى مباراة جيدة، وكان وراء أغلب الهجمات الخطيرة للخضر، كما قدّم تمريرته الحاسمة الأولى مع المنتخب، وهو ما جعل الجميع يشيد بأدائه لأول مرة خلال 13 مواجهة ظهر خلالها مع المحاربين.
في سياق آخر، تخلّصنا من التسيب الذي كان يطبع تربصات شهر جوان من كل سنة، التي لطالما ارتبطت بغيابات كوادر المنتخب الذين يتم تعويضهم باللاعبين المحليين، بالإضافة إلى تكاسل الحاضرين عن العطاء فوق أرضية الميدان بعد مواسم شاقة مع أنديتهم الأوروبية، وهو الأمر الذي تغير منذ تولي نجم مارسيليا الأسبق مهام العارضة الفنية للمنتخب.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024