حلت أمس الذكرى الثانية على إسقاط نظام معمر القذافي الذي أعدم من قبل مسلحين مدعومين من الحلف الأطلسي يوم ٢٠ أكتوبر ٢٠١١ وبعد ثلاثة أيام من ذلك أي ٢٣ أكتوبر من نفس السنة أعلن تحرير ليبيا، من نظام القذافي الذي حكم الجماهيرية الليبية الإشتراكية العظمى على مدار ٤٢ سنة، لم ينجح فيها الراحل العقيد القذافي من بناء دولة مدنية بالمفهوم الحديث تقوم على مبدأ المواطنة أي دولة مؤسسات وقوانين. وظلت معادلة القبيلة تطغى على الفكر السياسي في ليبيا وحكم الفرد الذي إستمد شرعيته طيلة هذه الفترة من ثورة الفاتح سبتمبر ١٩٦٩ التي أطاح فيها ثلة من ضباط الجيش يطلقون على أنفسهم «الضباط الأحرار» بالملك إدريس الأول من أبرزهم معمر القذافي، عمر المحيشي، عبد السلام جلود، أبو بكر جابر يونس… إلخ، وينتهي الحكم الملكي ويستبدل بنظام حكم فريد من نوعه في العالم وهو النظام الجماهيري المستمد من أفكار وفلسفة معمر القذافي التي جاءت في «الكتاب الأخضر» للعميد الذي تحول إلى دستور البلاد ومرجعية للحكم وتسيير الدولة.
إنه بعد ٤٢ عاما من حكم هذا النظام بقيادة القذافي وفي غمرة ما يسمى «بالربيع العربي» عرفت ليبيا إنتفاضة شعبية تطالب بالإصلاح السياسي والعدالة الإجتماعية.. سرعان ما تحولت إلى عصيان مدني مسلح سيطرت عليه الجماعات الراديكالية المتطرفة المدعومة من «الناتو»، الذي تحول فيما بعد إلى طرف في المواجهة الليبية من خلال الاستهداف المباشر لرموز الدولة في ليبيا ثم الإستهداف المباشر لمؤسسات ورموز الدولة في ليبيا ثم الاستهداف المباشر للقذافي، وفرض حظر جوي على الطيران الليبي، فتح الباب مشرعا أمام الميليشيات المسلحة للسيطرة على العاصمة طرابلس.
بعد سنتين من سقوط نظام القذافي، لم تخرج ليبيا بعد من الفوضى العارمة وإستفحال مبدأ اللاقانون، بل على العكس تزداد غرقا فيها والموشرات توحي بأن البلاد على شفير حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، فالدولة الليبية عاجزة حتى عن حماية نفسها من الميليشيات المسلحة التي تحولت إلى معضلة حقيقية للسلطات الإنتقالية الهشة وللمجتمع الدولي بشكل عام، على صعيد آخر عرفت المواجهات القبلية تصاعدا غير مسبوق عبر مختلف أرجاء ولأسباب عدة كان آخرها أول أمس الثلاثاء حين عرفت منطقتي الزاوية والعجيلات غرب العاصمة مواجهات دامية على خلفية إختطاف مواطنين من الزاوية.
يبدو أن كل هذه المشاكل التي أثقلت كاهل الدولة الليبية جعلها تكتفي في الذكرى الثانية لسقوط نظام القذافي، بإصدار بيان هنأت فيه الشعب الليبي بمناسبة حلول الذكرى الثانية «لتحرير ليبيا» الذي وصفتها في بيانها بذكرى نهاية عهد الإستبداد والطغيان، وخلت الشوارع والساحات الليبية من كل الرموز الاحتفالية بالذكرى، كتلك التي تعرفتها السنة الماضية بنفس المناسبة، وغابت فيها كل مظاهر الحماسة. مؤشر على درجة إحباط عام لدى الشعب الليبي ل لوضعه الأمني والإقتصادي الذي يتجه نحو الأسوء في ظل إنسداد تام لكل الأفق والسبل.
إحباط عام يطبع الشارع الليبي
غــياب مظاهر الإحتفالية في ذكـرى «الثـورة»
أمين بلعمري
شوهد:974 مرة