لم يعد العالم يتساءل عن مدى جدية الاستعدادات والتهديدات الغربية بتوجيه ضربة عسكرية ضد سوريا لأنه أصبح مقتنعا بأن الغرب صادق هذه المرة في تهديداته، والسؤال المطروح اليوم هو متى ستوجه هذه الضربة وأية أهداف سيتم ضربها.
هذه القناعة توصل اليها الجميع من خلال حملة الاتهامات الموجهة ضد نظام الأسد بزعم قتل شعبة بالسلاح الكيميائي وأيضا من خلال الاستعدادات العسكرية الجارية هنا وهناك، إذ أعلن مسؤول رفيع المستوى بوزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» أمس أن أربع مدمرات تحمل صواريخ كروز تابعة للبحرية الأمريكية موجودة في البحر الأبيض المتوسط على أهبة الاستعداد لتنفيذ أية أوامر خاصة بسوريا توجه إليها خلال الساعات المقبلة.
وأقر المسؤول بوجود ٤ مدمرات في المتوسط مشيرا إلى أنها قادرة إذا دعت الحاجة على تنفيذ المهام المتعلقة بسوريا وفي الوقت ذاته توفير الحماية لإسرائيل على حد قوله.
وأضاف بأن الجيش في حالة تأهب لتنفيذ أي قرار عسكري يتخذه الرئيس الأمريكي مضيفا انه إذا اختار أوباما أحد الخيارات العسكرية فسيتم تنفيذه.
كما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية أمس أن طائرات نقل من طراز سي ـ ١٣٠ وحاملات عسكرية بدأت في الوصول إلى قاعدة اكروتيرى الجوية البريطانية بقبرص ـ والتي تبعد ١٠٠ ميل فقط عن الساحل السوري ـ إستعدادا للهجوم العسكري المحتمل على بلاد الشام.
وأوضحت الصحيفة أن قبرص ستتحول إلى مركز لاي حملة عسكرية مرتقبة، قبل ان تضيف بأن وصول الطائرات الحربية يوحي بأن بريطانيا أخدت قرار التأهب القصوى في الوقت الذي يصعد فيه رئيس وزرائها ديفيد كاميرون والرئيس الأمريكي باراك أوباما وقادة أوروبا موقفهم المعارض للرئيس بشار الأسد ويسعون بكل الامكانيات لاتهامه بابادة المواطنين السوريين الأبرياء بالكيميائي حتي قبل ان تصدر نتائج تحقيقات المفتشين الأمميين.
وإذا كانت مسألة ضرب سوريا شبه محسومة لدى الكثيرين، فان المحللين والخبراء العسكريين يتباحثون في شكل هذه الضربة ومدتها، وبهذا الخصوص أشارت توقعات إلى انها ستكون محدودة في المدى والزمن.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية، لم تكشف أسماءهم، أن الضربة الأميركية لن تدوم على الأرجح أكثر من يومين وستجري بشكل يجنّب الولايات المتحدة التدخل بشكل أكبر في النزاع السوري المستمر منذ أكثر من سنتين.
كما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن أوباما الذي مازال يدرس الخيار العسكري ضد نظام الأسد سيأمر على الأرجح بعملية عسكرية محدودة.
وأفادت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين في الإدارة أن الضربة ستتضمن إطلاق صواريخ كروز من بوارج أميركية منتشرة في البحر المتوسط على أهداف عسكرية سورية.
وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن التحرك العسكري لن يكون حملة طويلة تهدف إلى إطاحة الرئيس بشار الأسد أو تغيير موازين القوى في النزاع. وأضافت أن مسؤولي الاستخبارات الأميركية سيكشفون خلال الأيام القليلة المقبلة معلومات تدعم الاتهامات الموجّهة لدمشق باستخدام أسلحة كيماوية في الهجوم الذي أوقع ١٣٠٠ قتيلاً، بحسب المعارضة الأسبوع الماضي، في وقت تنفي دمشق أن تكون استخدمت مثل هذه الأسلحة. وذكرت الصحيفة نقلاً عن المسؤولين أن الولايات المتحدة تجري مشاورات مع حلفائها لكن أملها ضئيل في الحصول على ضوء أخضر من الأمم المتحدة بسبب معارضة روسيا التي ترفض اي خيار عسكري تصعيدي لحل الازمة السورية.
وفي ظل هذه الاجواء التصعيدية التي تذكرنا بتلك التي سبقت ضرب العراق قبل عقدين من الزمن ثم ضرب كوسوفو منتصف التسعينيات وبعدها التدخل العسكري لاسقاط النظام الليبي السابق، يترقب العالم بقلق وخوف شديدين مايمكن ان تحمله الساعات القادمة لسوريا.
والكل يحبس أنفاسه خشية حصول المحظور وتنفيذ الضربة العسكرية التي لايمكنها في كل الاحوال إلا ان تحمل مزيدا من الموت والدمار لأبناء الشام.