العالم يعترف بنجاح الانتخابات لرئاسة مالي

.. بداية مرحلة بناء دولة المؤسسات

حمزة. م

استطاعت دولة مالي، شعبا وحكومة أن تكون في مستوى الحدث، ونجحت في تنظيم انتخابات رئاسية نزيهة، واثبت الإقبال القوي للناخبين على صناديق الاقتراع في الدور الأول والثاني وعي الشعب بحساسية المرحلة الحالية وأهميتها في بناء مؤسسات الجمهورية التي انهارت في لمح البصر.

واستطاع المتنافسون على كرسي الرئاسة أن يرتقوا بأنفسهم إلى مستوى الحدث والمصلحة الكبرى للبلد فزيارة، صومايلا سيسي، للرئيس المنتخب إبراهيم ابوبكر كايتا في بيته ليهنئه بالفوز ويعترف بانهزامه أمامه في الدور الثاني بنسبة 22.39 مقابل 77.61 بالمائة صورة نادرة الحدوث في استحقاقات الدول الإفريقية، وتمثل درسا قويا يجب الاقتداء به، ورغم الأزمة العاصفة التي ضربت أركانها وحولتها إلى فاشلة في لمح البصر بسبب تراكمات تاريخية ومؤامرات خارجية، خرجت مالي سالمة من تحدي الانتخابات وأقبلت على تحدي آخر لا يقل أهمية بقيادة الرئيس الجديد إبراهيم ابوبكر كايتا.
 كل الأطراف في مالي متفقون على أن تنظيم جلسات جامعة للمشاورات والمصالحة، أولوية قصوى لا تقبل التأجيل، تلتقي فيه كل الآراء والمقترحات على اختلافها وتحترم فيها إرادة كل الأطياف والأقليات دون أي إقصاء أو تهميش أو التفاف مادامت تحت قبة المصلحة العليا للبلاد. ولم يعد عقد هذه المشاورات بالشيء العسير على الماليين بعدما النجاح الباهر في تنظيم الانتخابات، والأمر الصعب هو ما ينتظره غالبية الشعب من الرئيس كايتا الذي حظي بثقة الأغلبية الساحقة، فورشات عديدة مفتوحة أمامه وجبهات صعبة تستوجب الإرادة الصلبة للمواجهة.
 ووضع "إي بي كا" استرجاع الأمن وحماية الوحدة الوطنية والترابية للدولة، أولوية المرحلة المقبلة وكانت أهم وعد قطعه أمام أنصاره في الحملة الانتخابية، واختار هذا المحور الحساس، لأنه من صلب هيبة الدولة، والشعب المالي ظل خلال سنة ونصف يبحث عن استرجاع هذه الهيبة بقيادة رئيس ذو شخصية قوية.  ويمر هذا الهدف عبر إعادة بناء مؤسسة الجيش، بتدريب وتكوين عناصره وشراء عتاد حربي حديث، وإزالة آفة الولاء للرتب والقيادة على حساب الولاء للوطن، ووضع حد لتدخله في الشؤون السياسية والتورط في قضايا الفساد المالي والإداري، لأن قوة الجيش تعني قوة الوطن، وحياده يعني مسارا سياسيا صحيحا.  ولن يجد إبراهيم ابوبكر كايتا مشاكل مالية، لتسيير ملف التنمية في الشمال فخزينة الدولة استفادت من 3 ملايير دولار بعد نجاح مؤتمر المانحين المنعقد الأشهر الماضية ببروكسيل، وسيباشر مهامه على هرم السلطة في جو سياسي ملائم بعد الإجماع لذي  حصل عليه من قبل الأحزاب والشخصيات البارزة في الدولة.  قد تكون الفترة المقبلة صعبة على الماليين، ولكن نجاحها الذي سيحتاج لجهد ووقت ينبغي أن يأخذ في الحسبان كدرس مهم لدول المنطقة وجل الأفارقة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024