مازال التصعيد سيد الموقف بالمغرب، حيث تحوّلت الاحتجاجات، إلى صدامات واشتباكات بين المنتفضين الغاضبين وقوات الأمن التي يبدو أنها تلقّت أوامر من السلطات العليا لمواجهة الحراك الشعبي بالقوّة.
لكن رغم الحملة البوليسية التي يشنها المخزن وسلسلة الاعتقالات التي طالت العشرات من الناشطين، إلا أن الغليان يبقى سيّد الموقف في مواجهة العرش الذي يقف حائرا يبحث دون جدوى عن مخرج يهدئ الشوارع الملتهبة، خاصة بعدما أخذت المنظمات الدولية تصدر بيانات إدانة واستنكار لتعامله القمعي مع انتفاضة الحسيمة السلمية والمشروعة.
فأمس تواصل الإضراب العام بإحكام ليومه الثالث، ومعه تمدّد الغضب الشعبي إلى عدة مدن شهدت مواجهات بين المحتجين ورجال الشرطة خلّفت عددا كبيرا من الجرحى والموقوفين، وقد اشتكى آلاف المغاربة من قيام البوليس بإطلاق الغاز المسيل للدموع عليهم وقيامه ليلا، بترويعهم عبر الطرق على الأبواب بقوة.
كما قطعت الشرطة أوصال مدينة الحسيمة، عبر منع وصول المواطنين بكثافة إلى حي «سيدي_عابد، الذي تحول في شهررمضان، إلى موقع تجمع ليلي للاحتجاج.
نجاح كبير للإضراب
عرف الاضراب العام الذي دعا إليه نشطاء الحراك الشعبي للريف منذ يوم الخميس والذي جاء للمطالبة بالافراج عن المعتقلين، نجاحا كبيرا حيث أغلقت مختلف المحلات التجارية أبوابها بالحسيمة ونواحيها وتم الالتزام بالإضراب أيضا في مدينتي امزورن وبني بوعياش.
ورغم التهديدات والضغوط التي مارستها السلطات لثني المضربين عن حركتهم، إلا أن المحلات ظلّت موصدة كتعبير عن رفض حملة القمع البوليسي التي يقودها المخزن ضد أهالي هذه المنطقة الذين عانوا طويلا من الإقصاء والتهميش ولما انتفضوا ضد ذلك، وجدوا السوط يسقط على رؤوسهم.
وقاطع مصلون في مدينة الحسيمة، خطبة الجمعة، كأسلوب احتجاجي جديد، للضغط من أجل إطلاق سراح المعتقلين، فيما شهدت بلدة إيمزون التي تقع على بعد 450 كيلومترا شمال شرقي العاصمة الرباط مواجهات حادة بين الشرطة والمحتجين.
معتقلون يحملون جروحا جراء التعذيب
وأمام هذا التصعيد والانتهاكات، نددت منظمة حماية حقوق الانسان الكائنة في لندن أمنيستي إنترناشنل بـ «الاعتقالات الجماعية» للمحتجين والمناضلين والمدونين في منطقة الريف بالمغرب، بعد عدة أشهر من الاحتجاجات الداعية إلى وضع حد للتهميش وتمكين أفضل للمنطقة من ناحية الخدمات».
وأكدت المنظمة غير الحكومية، أنه تم منع بعض المحتجين المعتقلين من التواصل مع محامييهم خلال فترة حبسهم، وحسب المحامين الذين ذكرتهم المنظمة فإن «بعض المعتقلين يحملون جراحا بارزة على وجوههم».
وتخشى أمنيستي من أن يتم إدانة المحتجين السلميين والمدونين الذين يغطون هذه الاحتجاجات على مواقع التواصل الاجتماعي بتهمة المساس بأمن الدولة إذ جاء في البيان «نخشى أن تكون حملة الاعتقالات هذه متعمدة من أجل معاقبة محتجي الريف بعد عدة أشهر من الاحتجاج السلمي. فعلى السلطات المغربية أن تحترم الحق في حرية التعبير والتجمع».
وأكدت المنظمة أنه لا يجب منع المتهمين من حقهم في محاكمة عادلة وعلى السلطات أن تحرص على عدم إدانتهم باتهامات مغلوطة كونهم شاركوا فقط في احتجاجات.
وذكرت المنظمة أن «قوات الأمن المغربية اعتقلت بين 26 و31 ماي ما يقارب 71 شخصا بالحسيمة والمدينتين المجاورتين إمزوران وبني بوعياش»، مضيفة أنه «تم إدانة 33 شخصا على الأقل من قبل وكيل المملكة بالحسيمة وتم رفض طلب الافراج عن 26 محتجا رهن الحبس الاحتياطي حيث تم تأجيل القضية إلى غاية 6 جوان».
شتم وتهديد بالاغتصاب
ونقلت أمنيستي أن «العديد من المعتقلين قد صرحوا لمحامييهم أنهم تعرضوا للشتم والتهديد بالاغتصاب من قبل العناصر التي أوقفتهم بينما قال آخرون إنهم أجبروا على إمضاء تقارير مساءلة مزورة».
كما أعربت أمنيستي عن قلقها إزاء نقل حوالي 30 محتجا موقوفا بين 26 و31 ماي إلى الدار البيضاء للمساءلة أمام الشرطة القضائية وهي جهاز يتكفل بالجرائم الخطيرة المتعلقة بأمن الدولة والإرهاب.
علاوة على ذلك ترى أمنيستي إنترناشنل أنه من «المقلق جدا» أن يتم اتهام المحتجين بتهم متعلقة بأمن الدولة من أجل معاقبة المناضلين الذين يشاركون في احتجاجات مرتبطة بمطالب اجتماعية.
كما أعربت المنظمة عن قلقها تجاه انتهاك مبدأ قرينة البراءة فما يخص الزفزافي ومناضل آخر تم توقيفه معه إضافة إلى المعاملة «اللاإنسانية والمزرية» التي يعانيان منها.
تعتيم إعلامي وطرد للصحافيين
نددت منظمة مراسلون بلا حدود بالتجاوزات الممارسة ضد الصحافيين الذين جاءوا لتغطية المظاهرات التي تضرب الريف المغربي منذ وفاة بائع السمك محسن فكري في حاوية قمامة في أكتوبر 2016 بينما كان يحاول أن يسترجع بضاعته المحجوزة من طرف الشرطة.
وأشارت منظمة مراسلون بلا حدود إلى أنها قد سجلت حالتي توقيف وثلاث حلات اختفاء وطرد الصحافي الجزائري جمال عليلات معتبرة أن السلطات المغربية تريد إخماد أحداث الريف.
واعتبرت من جهتها رئيسة تحرير مراسلون بلا حدود فيرجيني دانغلز أنه «من الضروري السماح للصحافيين والصحافيين المواطنين بتغطية أحداث الريف خوفا من أن تصبح هذه المنطقة مثلما هو عليه الحال في الصحراء الغربية أي منطقة ممنوعة على المعلومة الحرة».
للتذكير فإن المغرب يحتل المرتبة 133 في الترتيب العالمي لحرية الصحافة لسنة 2017.
هذا وشارك المئات من الأشخاص، أمس الأول، في وقفة أمام مقر الهيئات الأوروبية ببروكسل تضامنا مع المعتقلين في الاحتجاجات الشعبية بالمغرب.
وتحت صيحات «الحسيمة في خطر» و»لا لعسكرة الريف» و»لا للتوقيفات والاختطاف» اجتمع مغاربة بلجيكا بالقرب من ساحة شومان القريب من المفوضية الأوروبية ومجلس الاتحاد الأوروبي ببروكسل للمطالبة بالإفراج عن قائد الحراك ناصر الزفزافي وكل الموقوفين منذ أسبوع.
الريف على صفيح ساخـن
منظمات حقوقيـة تنـدد بالاعتقـالات الجماعيـة في منطقـة الريـف
شوهد:766 مرة