مسألـــــــة الزوائــــــد والأتربــــــة فــــــــي سلاســــــــــل التوزيـــــــــع أصبحــــــــت قضيــــــــة رأي عــــــام
ثمّنت جمعيات ومنظّمات مهنية القرار الوزاري المشترك الذي صدر عن وزراء الداخلية، التجارة، الفلاحة، والصناعة والإنتاج الصيدلاني، والذي يحدّد شروط وخصائص عرض الخضر والفواكه الموجهة للبيع، وينصّ القرار على إزالة الأجزاء غير القابلة للاستهلاك، ما لم تكن ضرورية لحفظ وحماية المنتجات، ويهدف هذا الإجراء إلى تحسين جودة المواد المعروضة للمستهلك وضمان خضوعها للمعايير الصحية.
يلزم القرار بأن تكون المنتجات خالية من التربة، الأحجار، مخلفات النباتات، السيقان والأوراق غير الصالحة للاستهلاك، ومن شأن هذا الإجراء أن يضع حدّا لممارسات بعض التجار، مثل بيع البطاطا الملطخة بكميات كبيرة من الأتربة أو البصل الأخضر بأوراقه غير القابلة للاستهلاك، ممّا يساهم في تحسين جودة المنتوجات المعروضة وتعزيز صحة المستهلك.
ووصف الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، القرار بـ “الصائب”، وأوضح رئيسها الحاج طاهر بولنوار لـ«الشّعب”، بأنه يهدف بالدرجة الأولى إلى تنظيم النشاط التجاري، خاصة فيما يتعلّق بالجوانب الصحية والنظافة، نظرا لكون واجهة المحل تعكس جودة المنتجات وتؤثر على رضا المستهلكين، كما يساهم هذا القرار في حماية حقوق المستهلك، وهو أسلوب تجاري معتمد في العديد من الدول.
واستند بولنوار في ذلك إلى بعض الأسواق العالمية التي تُعرض فيها الفواكه والخضر بطريقة منظمة ونظيفة، لدرجة تجعلها أشبه بعرض داخل محل مجوهرات، ممّا يعكس العناية الفائقة بالنظافة والجودة. وأضاف بأنّ “بعض المحلاّت في بلادنا – رغم أنّ الأمر غير معمّم – تعاني من مشكلات مثل الأتربة، الغبار، والأوساخ التي تتراكم على الخضر والفواكه، بالإضافة إلى ذلك، يعاني المستهلك من زيادة الوزن غير الفعلي عند شراء أي مادة من الخضر والفواكه، حيث قد يدفع ثمن أجزاء غير صالحة للاستهلاك مثل الأوراق الزائدة أو الأتربة الملتصقة بالمنتوجات”.
كما يساهم القرار، بحسبه، في تحسين عرض المنتجات، وضمان أنها لا تضر بصحة المستهلك، فضلا عن التأكّد من جودتها وطزاجتها، فمن غير المقبول أن يباع منتج فاسد أو غير صالح للاستهلاك في الأسواق، خاصة وأنه في العديد من الدول، يتم تصنيف الفواكه والخضر وفق درجات جودة محدّدة، لكن على الأقل يجب أن تكون المنتجات خالية من الأتربة، الأحجار، والشوائب غير الضرورية.
وعرج بولنوار، في حديثه إلى مادة البطاطا، التي يشتكي بعض المستهلكين من أنّ جزءا كبيرا من وزنها من التراب أو الأحجار المصاحبة لها، ممّا يؤدي إلى خسارة مالية للمستهلك، بعكس الفواكه تُعرض نظيفة دون أية إضافات غير ضرورية، وهو ما ينبغي تطبيقه عندنا لضمان الشفافية والعدالة في المعاملات التجارية.
واعتبر رئيس الجمعية، أنّ هذا القرار يمثل خطوة إيجابية نحو تحسين قطاع الخضر والفواكه وتنظيم النشاط التجاري، بما يضمن حقوق جميع المستهلكين، وأكّد أن الجميع مستهلكون في النهاية، ممّا يجعل الالتزام بهذه المعايير ضروري، وأوضح أنّ الجمعية ستواصل جهودها في توعية التجار بأهمية الامتثال لهذه المعايير، لما تحمله من فوائد تعود عليهم أيضا سواء من خلال تعزيز ثقة الزبائن، أو الحفاظ على نظافة محلاتهم، بالإضافة إلى دورها الأساسي في حماية صحة المستهلكين وحقوقهم.
وعن متابعة تنفيذ هذا القرار، أفاد بولنوار بمجرّد دخول القرار الوزاري حيّز التنفيذ، ستعمل الوزارة على تطبيقه ميدانيا، وخلال الجولات التفتيشية التي تشمل المحلّات التجارية والأسواق الخاصة ببيع الخضر والفواكه، سيلتزم أعوان الرقابة بمتابعة تطبيقه ميدانيا وعبر ربوع الوطن، وسيطالب التجار الالتزام بهذا القرار، وأي تاجر لا يلتزم به سيعتبر مخالفا للقانون، ممّا قد يعرّضه لعقوبات محتملة.
ضبط الممارسات التجارية
من جانبه، قال المنسّق الوطني لمنظمة حماية المستهلك فادي تميم إنّ “القرار الوزاري المشترك بين وزارات التجارة، الفلاحة، الصناعة والإنتاج الصيدلاني، والداخلية جاء في وقته، خاصة أنّ مسألة الزوائد والأتربة في الخضر متواجدة في سلاسل التوزيع أصبحت قضية رأي عام، هذه الظاهرة تثير استياء المستهلكين وتتناقلها منصات التواصل الاجتماعي يوميا، ما استدعى تدخّلا جديا لتنظيم السوق وحماية حقوق المستهلك”.
وأوضح في هذا الصدد، كان هناك مرسوم تنفيذي صادر عن وزارة الفلاحة سنة 1994 يحدّد المواصفات الفيزيائية للخضر، لكنه بقي مجمّدا ولم يجسّد على أرض الواقع، لكن اليوم تفاقمت المشكلة وأصبحت مقلقة، ليس فقط من الناحية الأخلاقية، بل حتى من الناحية القانونية والدينية، إذ أنّ المستهلك يدفع ثمن الخضار، وليس ثمن الزوائد التي يتم التخلّص منها لاحقا.
وأفاد بأنه بموجب هذا القرار الوزاري المشترك، سيتم ضبط الممارسات التجارية غير العادلة، مثل بيع الخضر بالأتربة أو وضع منتجات ذات جودة عالية في الأعلى وإخفاء الرديئة في الأسفل، كما أنه سيشمل تحديد فترة الأمان للمواد الكيميائية المستعملة في الزراعة، وضبط نسبة التغاضي عن الزوائد بـ 10 بالمائة والخضروات الفاسدة بـ 2 بالمائة داخل العبوة الواحدة فقط.
وبشأن الأسعار، فاعتبر المتحدّث، أنه لا دعي من التخوّف لارتفاعها، فالعكس هو الصحيح، لأنّ “المستهلك الذي كان يشتري 1كلغ من الخضار ويجد نصفه زوائد، كان يدفع ضعف الثمن الحقيقي للمنتج، بهذا القرار، سيدفع ثمن المنتج الصالح للاستهلاك فقط، ممّا يعني أنّ الفائدة ستكون لصالحه”، بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الأسعار تحدّدها الوفرة في أسواق الجملة، ويمكن ضمان تطبيق هذا القرار عبر المراقبة المستمرة داخل هذه الأسواق، مع إمكانية تدخّل فرق الرقابة لمحاسبة المخالفين وسحب المنتجات غير المطابقة للمعايير.
ويأمل فادي تميم أن يساهم هذا القرار في الرقي بجودة المنتجات المطروحة في الأسواق، ممّا يضمن توفير سلع ذات معايير عالية تلبي حاجيات المستهلكين، كما يهدف من خلاله إلى تعزيز وحماية حقوق المستهلك، من خلال تطبيق معايير صارمة تضمن الشفافية والنزاهة في جميع مراحل البيع والتوزيع.