تطلع لتقرير المصير وفق الشرعية الدولية
يحيي الشعب الصحراوي، غدا الاثنين 27 فبراير الجاري، الذكرى الـ41 لتأسيس الجمهوروية العربية الصحراوية الديمقراطية وكله عزم على استكمال «معركته المقدسة والعادلة»، في ظرف تطبعه الانتصارات القانونية والدبلوماسية وحملة تضامنية دولية.
يستعيد الصحراويون ممن شاركوا في وضع اللبنة التأسيسية للدولة الصحراوية ذات 27 فبراير 1976، هذه الذكرى بكل فخر واعتزاز، خاصة وأن الإعلان عن تأسيس الجمهورية الصحراوية من طرف جبهة البوليساريو ببئر لحلو (الأراضي المحررة)، تم غداة مغادرة آخر جندي إسباني للتراب الصحراوي، ومع بداية حرب تحريرية جديدة ضد المحتل المغربي، انتهت ميدانيا بالتوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار على أساس مخطط التسوية السلمي الأممي-الإفريقي.
فور الإعلان عن تأسيس الجمهورية، تم تنصيب الحكومة الصحراوية الأولى ببئر لحلو، يوم 5 مارس 1976، بالرغم من نقص الإمكانيات ونزوح الآلاف من الأشخاص الفارين من الغزو المغربي لأراضيهم.
مع تعاقب الأيام والسنين، يزداد الشعب الصحراوي، في مخيمات اللاجئين والأراضي المحتلة، تمسكا بخياره النضالي وتشبثا بمؤسساته التي تشكل، اليوم، مبعث فخر واعتزاز وإحساس صادق وعميق بانتماء وطني يتعزز مع مرور الزمن إلى دولة مستقلة.
عبر رئيس الجمهورية العربية الصحراوية، إبراهيم غالي عن عزم الشعب الصحراوي مواصلة كفاحه قائلا: «لاشيء سيثني الشعب الصحراوي عن المضي في معركته المقدسة العادلة من أجل انتزاع حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال».
موقف لطالما أكد عليه الرئيس الصحراوي الراحل، محمد عبد العزيز، في آخر ذكرى أحياها السنة الماضية وسط مواطنيه بمخيمات اللاجئين قائلا: «أننا إذ نجدد عهد الوفاء للشهداء الأبرار ونحيي مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي الأبطال المرابطين في الميدان على أهبة الاستعداد لمواجهة كل الاحتمالات والتحديات»، وأكد المرحوم يقول أنه «لا مستقبل ولا وجود للصحراويين إلا في وطنهم الحر المستقل، الدولة الصحراوية السيدة على كامل ترابها الوطني».
بعد انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1984 احتجاجا على انضمام الجمهورية الصحراوية إليها، ها هو المغرب ينضم إلى الإتحاد الإفريقي في نفس الظروف وبوجود الجمهورية الصحراوية التي أصبحت، اليوم، عنصرا مؤسسا لايمكن الاستغناء عنه في مسار تعزيز هذا الصرح القاري.
بهذا الخصوص، أوضح الرئيس الصحراوي، إبراهيم غالي، أنه «انتصارا للحق والقانون والشرعية» و «انتصار للشعب الصحراوي».
كما تأتي هذه الذكرى الـ41 وسط هبة تضامنية واسعة واعتراف دولي متزايد بحقوق الشعب الصحراوي وسيادته على أراضيه، سواء على الصعيد الأممي أو الأوروبي.
فمنذ أول لائحة لمجلس الأمن تأسف فيها سنة 1975 للغزو المغربي للصحراء الغربية وطالب من خلالها المغرب بالانسحاب الفوري من هذا الإقليم، إلى غاية آخر قرار اعتمد في أبريل 2016، ما انفك مجلس الأمن يلح على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والمطالبة بتنظيم استفتاء، وهي المهمة التي أسندت لبعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو).
على الصعيد الأوروبي، أكد قرار محكمة العدل الأوروبية الصادر بتاريخ 21 ديسمبر 2016 على أن اتفاقات الشراكة وتحرير التجارة المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لا تنطبق على الصحراء الغربية التي لا تعد جزءا من المغرب.
غوتيرس يستقبل بوخاري
استقبل الأمين العام لمنظمة لأمم المتحدة، أنتونيو غوتيريس أول أمس، بنيويورك، ممثل جبهة البوليساريو أحمد بوخاري الذي سلمه رسالة عاجلة من الرئيس الصحراوي، إبراهيم غالي بشأن الخطر الفعلي المترتب عن استمرار وقف مسار السلام من طرف المغرب وكذا الوضع المتأزم في أرض الواقع إثر الاستفزاز المتعمد و المخطط من طرف المغرب في منطقة كركرات، وأوضح الرئيس الصحراوي في رسالته إلى الأمين العام الأممي أن المسؤولية تقع على عاتق المغرب في حالة تصعيد الوضع في منطقة كركرات.
تزييف مفضوح
قابلت سنة الانتصارات الدبلوماسية والقانونية للجمهورية العربية الصحراوية، استفزازات متواصلة من قبل الاستعمار المغربي، التي بدأها بطرد أعضاء البعثة الأممية (مينورسو)، ووصلت إلى حد الاعتداء على منطقة الكركرات الواقعة تحت سيطرة قوات البوليساريو الصيف الماضي، مما رفع درجة التوتر عاليا، جعلت من اتفاق وقف إطلاق النار قابل للانهيار في أية لحظة.
لم يجد الملك المغربي محمد السادس، حرجا من الاتصال بالأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرس، أول أمس، داعيا إياه للتدخل ضد ما يزعم أنه استفزازات من جبهة البوليساريو في الكركرات، متناسيا أن بلاده دائما ما ضربت بالقرارات واللوائح الأممية عرض الحائط. حيث يعد قيامه بتعبيد طريق بالمنطقة التابعة للأراضي المحررة، أكبر استفزاز يهدد وقف إطلاق النار.
كان المغرب قد ساق حجة التصدي لمهربي المخدرات كمبرر لتعبيد طريق الكركرات، علما أن الأمم المتحدة تسجله كأول منتج للقنب الهندي على الصعيد العالمي، وهو ما لفت إليه ممثل جبهة البوليساريو على مستوى الأمم المتحدة في رسالته الأخير لمجلس الأمن الدولي.