الدكتور عبد القادر دندن أستاذ بجامعة عنابة لـ«الشعب»:

من الضروري التعاون الدولي لمحاربة الإرهاب

حوار: آمال مرابطي

 

تنسيق استخباراتي ولوجستي
اعتبر الدكتور عبد القادر دندن أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة عنابة أن ما شهدته تونس الجمعة من هجمات تؤشر على خطة ممنهجة لدى الجماعات الإرهابية هناك لضرب الدولة في الصميم.. والشريان الحيوي لاقتصادها المتمثل في السياحة التي توازي مكانة القطاع النفطي والطاقوي... كون هذا القطاع يشغل نسبة كبيرة من اليد العاملة الدائمة والمؤقتة، ويساهم بنسبة معتبرة في الدخل القومي وفي تسويق صورة راقية وجذابة لتونس كدولة متفتحة ومسالمة وموطنا لفرص استثمار مستقبلية مغرية، لاسيما وأن قوة البلاد كنقطة جذب سياحي قد تضررت من الأحداث التي أعقبت ما عرف بـ»ثورة الياسمين»، وزادته الهجمات الإرهابية سوءا خصوصا تلك التي مست متحف الباردو قبل أشهر قليلة.
 سجل إقبال السياح على البلاد خلال هذا الشهر انخفاضا بنسبة أكثر من 20 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، وبعد هجمات سوسة مباشرة غادر أكثر من 3 آلاف سائح البلاد وتم إلغاء حجوزات بالجملة من طرف وكالات أجنبية أوروبية.
ويعتقد الدكتور دندن لـ»الشعب» أن هجوم  سوسة يؤشر على خلل أمني كبير وهشاشة الإجراءات المتخذة لمواجهة الخطر الإرهابي، فرغم أن المنطقة سياحية بامتياز تمكن الجاني من التسلل وتنفيذ عمليته بسلاسة.
ويضيف: «لا يمكن تحليل الحدث التونسي بمعزل عما شهده يوم الجمعة الدامي من هجمات عنيفة في الكويت وفرنسا الصومال، فقد كانت تلك الهجمات متزامنة تقريبا وموقعة من طرف تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية الإرهابي، وهناك دلالة أخرى لتوقيت الهجمات فقد تزامنت مع يوم جمعة وفي شهر رمضان، ومن المعروف أنه من ثوابت تلك الجماعات المتطرفة اختيار رمزية مكان وزمان ضرباتها، فبحسب مرجعيتها الفكرية الخبيثة، توقيت هذه الهجمات يمنحها زخما روحيا وعقائديا باعتبارها قربان لله تعالى في أيام مباركة.
وفي السياق نفسه، أشار دندن إلى أنه إذا صحت فرضية التنسيق في هذه العمليات فهذا مؤشر خطير على ما وصل إليه هذا التنظيم من درجات جاهزية وعملياتية عالية، إلى الحد الذي يمكنه من ضرب ثلاثة مواقع في ثلاث قارات مختلفة بتلك الدقة والقوة،. وهنا يطرح التساؤل حول واقع التنسيق الأمني الإقليمي والدولي لمكافحة الإرهاب، ففي حين ينسق التنظيم الإرهابي «داعش» هجماته لا تزال الدول غير قادرة على بناء تعاون فعال عملياتي واستخباراتي ولوجيستي لمواجهة الإرهاب عموما.
واعتبر أن تونس ورغم صعوبة موقفها، تمتلك مؤهلات في حربها على الإرهاب اعتمادا على تضامن الجزائر التي واجهت الإرهاب منفردة وبدون دعم دولي بل تحت وطأة حصار غير معلن. بإمكان تونس الاستفادة من الخبرة الجزائرية وكسب وقت وجهد ثمينين من خلال تعاونها الفعال مع الجزائر، كما أن الوضع الدولي الآن مواتٍ أكثر بالنسبة لتونس لأن هنالك وعي عالمي بخطورة الإرهاب وبشموليته عكس ما كان عليه الحال في التسعينيات بالنسبة للجزائر، كما أن الآلة الإعلامية المتطورة اليوم والمتفتحة يمكنها أن تلعب دورا مؤثرا في تفنيد الفكر المتطرف الدخيل على الإسلام، مع إمكانية استفادة تونس من الهجمات التي شهدتها فرنسا للحصول على دعم أكبر في مختلف المستويات، والعمل على إيجاد مخرج للأزمة الليبية التي جعلت من البلاد حاضنة مثالية للإرهاب وتصديره لباقي دول الجوار في ظل مركب أمني معقد لا يمكن فيه لأية دولة أن تحقق فيه أمنها بمعزل عن بقية الدول الأخرى، وهذا ما أشار إليه الرئيس التونسي باجي قائد السبسي مباشرة بعد الهجمات حين صرح أن «تونس لا يمكنها مواجهة الإرهاب لوحدها».
كما أشار الدكتور دندن إلى أن تحييد الخطر الإرهابي في تونس يبقى مرتبطا بوضع الحكومة استراتيجية فعالة لضمان أمنها، ويرتبط أيضا بمدى استفادتها من المناخ الدولي المدرك حاليا لخطورة الإرهاب، وبالقدرة على تفنيد الفكر الديني المتطرف عند الشباب ونشر قيم الإسلام السمحة والصحيحة كي لا تبقى تونس وشبابها ضحية لأفكار مغلوطة عن الدين حتى أصبحت أول مصدر للمقاتلين الأجانب في صفوف التنظيمات المتطرفة.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024