دول ومنظمات تبرّأت من المشاركة

منتـدى «كـرانس مونتانـا» يفضح تناقضات المغـرب بالداخلـة المحتلـة

حمزة محصول

الصحــراء الغربيـة قضيـة تصفيـة استعمـار

توج منتدى كرانس مونتانا، المنظم من 12 إلى 14 مارس بمدينة الداخلة الصحراوية المحتلة، بالفشل الذريع. وكان متوقعا أن لا تجني المؤسسة المنظمة سوى الإساءة لسمعتها، وأن لا يخدم هذا «اللاحدث» القارة الإفريقية في شيء، لتعارضه مع مبادئها وطموحاتها، وشكل فوق ذلك كله، خرقا فاضحا للقانون الدولي ولوائح الشرعية الدولية التي تؤكد على تصفية الاستعمار بالصحراء الغربية.

أكدت كافة المؤشرات والتصريحات، الخيبة المسبقة للمنتدى الذي ناقش موضوع «التعاون جنوب - جنوب وتنمية إفريقيا»، فمن حيث المبدأ يستحيل أن تستفيد شعوب جنوب المعمورة، من نقاش مغلق فوق أرض مغتصبة، لم تمثل فيه جل الشخصيات الحاضرة إلا أنفسها، بعدما تبرّأت منها المنظمات الحكومية التي تنشط بها.
ومن الطبيعي أن لا يخدم المنتدى التعاون جنوب - جنوب، لكون القيم التاريخية والأهداف المشتركة للدول الجنوبية، بنيت على مناهضة الاستعمار بكافة أشكاله، وضمان العيش الكريم لشعوبها، معتبرة ذلك حجر الأساس في حماية وترقية حقوق الإنسان. فما قيمة الندوة الاقتصادية المنعقدة في مدينة محتلة يهان شعبها يوميا؟ وكيف يمكن أن تسهم ثروات منهوبة في تنمية اقتصادية إقليمية؟
رئيس مؤسسة كرانس مونتانا، جون بول كارترون، قال في تصريح له «مستقبل إفريقيا يمر عبر إرساء كرامتها، والمغرب عامل هام في ذلك». والصحيح، أن إفريقيا تنتظر استكمال كرامتها باستعادة الشعب الصحراوي لسيادته على أرضه وكامل كرامته في وطنه، ولن يكون الاحتلال المغربي عاملا هاما في ذلك، إلا عبر تمكينه من تقرير مصيره.
وتجلّى التناقض الصارخ، بين ما زُعم أنه يعنى بالشأن التنموي للقارة، وبين أهدافها ومخططاتها الاقتصادية الحقيقية، في رسالة الملك محمد السادس للمشاركين، فقد تحدث عن «نموذج للتنمية لجهة الصحراء»، والحقيقة التي شهدت عليها عديد المنظمات الحكومية وغير الحكومية من مختلف بقاع العالم، أن هناك نموذج استعماري حديث، يمزج بين الأساليب القمعية للشباب الصحراوي وبين آليات نهب الثروات الباطنية والبحرية لجمهورية الصحراء الغربية المحتلة.
وسبق للمناضلين الحقوقيين، أن تعرضوا للاعتداء والمضايقة من قبل سلطات الاحتلال حينما أرادوا بلوغ الأراضي المحتلة ونقل ما يعانيه السكان من بطش وعنصرية وتعذيب، فكيف للمغرب أن يتحدث عن تنمية في بلاد يحتلها، ومعترف بها من قبل 80 دولة، في وقت لا يوجد أي بلد أو هيئة تقرّ للمملكة بأحقية سيادتها عليها.
ومن أشكال الاستمرار في خرق القانون الدولي، استغلال الثروات الطبيعية ونهبها، والنزاع مصنف منذ أزيد من عقدين، كقضية تصفية استعمار على مستوى هيئة الأمم المتحدة. وجدد الأمين العام، بان كي مون، التذكير به عشية انعقاد المنتدى، وشدد على أن الداخلة ليست مغربية «وأن الوضع النهائي للصحراء الغربية يشكل موضوع مسار مفاوضات تحت إشراف الأمين العام الأممي طبقا للوائح ذات الصلة».
وأكد بان كي مون، أنه لم ينتدب فليب دوست بلازي، أو آخر ليمثله أو هيئة الأمم المتحدة. فكان حضوره لا يمثل سوى شخصه، مثلما هو حال رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق ثباتيرو. بتأكيد من الحكومة ذاتها.
ملك المغرب قال في ذات الرسالة، «قارتنا دفعت أكثر من غيرها الثمن غاليا، خلال فترة الاستعمار ولازالت تعاني من أثاره إلى يومنا هذا»، في وقت تجمع غالبية دول القارة على أن استقلالها منقوص مادامت الصحراء الغربية قابعة تحت الاستعمار، وعليه فإنها مازالت تعاني مخلفات الاستعمار، وممارساته الحالية بحق العزل والأبرياء الصحراويين.
ودعا محمد السادس، إلى تطوير قارة أفريقيا، «بالعمل المشترك وليس بشكل منفرد»، وهنا تبرز جلسات وقمم الاتحاد الإفريقي، لتفضح من يعمل في عزلة، فقاعة الاجتماعات التي تحمل منذ القمة الأخيرة إسم نيلسون مانديلا، تشهد على نقاشات ومداولات ماراطونية لرؤساء وحكومات الدول الإفريقية، التي شملت كافة الهموم والتحديات المشتركة، من أزمات وفقر وتنمية ونزاعات.
وقد نجح العمل المشترك للأفارقة داخل قبة الاتحاد، في وضع خطط تنموية عديدة، آخرها «الاستراتيجية الكبرى لنهضة القارة» والتي تمتد إلى سنة 2063، وتم الشروع في تنفيذ أول أجزائها، بينما لم يتقدم المغرب بأي مقترح، لأنه ليس عضوا في الهيئة القارية، التي شجبت انعقاد منتدى كرانس مونتانا، في اجتماعها الأخير بأديس أبابا.
وخص الاتحاد الإفريقي، سنة 2015، بشعار: «تمكين المرأة في التنمية الإفريقية»، قبل أن تعلن المغرب، نهاية الأسبوع المنقضي، عن تشجيعها لإقامة مبادرة للمرأة الإفريقية، وهذا ما يكشف بوضوح من يعمل بشكل منعزل.
وقال الملك في رسالته، التي قرأها رئيس حكومته، إن المغرب «يسعى إلى تعزيز السلم والاستقرار»، لكن الواقع يثبت العكس، بتأكيد من أحد ساسة وأعضاء حكومته في تصريح لجريدة «لوموند» الفرنسية، «أن بلاده رمت بكل ثقلها لإفشال الوساطة الدولية في مالي، وتعمل جاهدة على عرقلة التوقيع على اتفاق السلم والمصالحة في مالي».
ويتحدث أيضا، عن « تشجيع التنمية البشرية والنهضة الاقتصادية في إطار احترام حقوق الإنسان، كما هو متعارف عليه دوليا»، في وقت يدخل القصر الملكي والحكومة كلما ظهر احتمال توسيع صلاحيات لجنة المينورسو، لمراقبة حقوق الإنسان في حالة طوارئ قصوى. ناهيك عن التجاوزات الموثقة بالصور، بحق السجناء والمعتقلين السياسيين والمتظاهرين السلميين والمقابر الجماعية.
ويعد كافيا لأن تصبح دعوته لتعزيز التضامن القاري خالية من الصدق والمصداقية، بالتمعن بجهود الدول الإفريقية المشتركة في هذا المجال، من خلال إرسال قوات حفظ السلام لدول تعرف أزمات، وتشكيل قوة للرد السريع ومساعدة نيجيريا على مواجهة تنظيم بوكو حرام الإرهابي بقوة قوامها 10 آلاف جندي. بينما تعاني الدول المجاورة للمغرب من غزو المخدرات الذي يهدد مجتمعاتها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024