قرار إفريقي لتسوية تعقيدات القارة
ليست الجغرافيا وحدها ما يربط الجزائر وكينيا، فالبلدان المنتميان للقارة السمراء، تجمعهما روابط كثيرة لعلّ أهمها الرغبة الجامحة لكلا الطرفين في تمتين علاقتهما وتعزيز تعاونهما الثنائي وحرص كليهما على توحيد جهودهما لمواجهة التحديات الكثيرة والخطيرة التي تعترض القارة السمراء وعلى رأسها الإرهاب الآخذ في تمديد مساحته وتوسيع نشاطه الإجرامي مقابل لامبالاة واضحة من المجموعة الدولية التي صوّبت كل اهتمامها لاستئصال «داعش» وأدارت ظهرها لدول إفريقية عديدة تعيش تحت تهديد المجموعات الإرهابية وتعاني بمفردها ويلات أفعالها.
بين الجزائر وكينيا تطلعات وطموحات مشتركة، وبينهما إرادة في تعزيز التعاون الاقتصادي خاصة وأن الدولتين تمثلان محركا اقتصاديا فاعلا في منطقتي شمال وشرق أفريقيا، كما تسعيان إلى دفع تنسيقهما الأمني خاصة لما تتوفر عليه الجزائر من خبرة في مكافحة الإرهاب وما اكتسبته من مصداقية في مساعيها الرامية لحلحلة الأزمات التي تعصف بالمنطقة، على غرار جهودها لإعادة الاستقرار إلى شمال مالي، وحرصها على إجهاض كل محاولات عسكرة الحلّ في ليبيا والتّشديد بدل ذلك على المخرج السلمي التوافقي الذي يصون وحدة ليبيا ويحفظ أمن المنطقة.
وللتنسيق والتعاون الأمني وتبادل الخبرات في هذا المجال، أهميته على اعتبار أن كينيا مثل الجزائر تماما تعيش في منطقة ساخنة وتواجه تحديات خطيرة تفرضها «حركة الشباب «الصومالية الإرهابية التي لا تتردّد منذ سنتين في إرتكاب العديد من الجرائم داخل الأراضي الكينية.
لا شك أن زيارة رئيس جمهورية كينيا التي تعتبر قوة إقليمية تشق طريقها نحو التنمية والتقدم، وسجّلت معدّلات نمو تحسد عليها، ستتوّج باتفاقيات تترجم المواقف المتقاربة بين البلدين خاصة بشأن ما تعانيه القارة الإفريقية من أزمات والتي تحرص الجزائر كما نايروبي على ضرورة عمل الأفارقة معا من أجل التوصل لحلها.
وتتجلى تقارب الرؤى الجزائرية ـ الكينية من خلال تصريحات الرئيس أوهورو كينياتا، الذي قال أنه يتعين على دول افريقيا العمل معا من أجل التوصل إلى حلول للتحديات التي تواجهها من خلال حشر مواردها، بغض النظر عن ندرتها، في جهد مشترك يؤدي إلى تحسين الأوضاع، وأضاف لا يمكننا أن نشكو لأي أحد بمساعدتنا، إننا نحن المسؤولون عن مساعدة أنفسنا، ومن هذه النقطة يتعين علينا أن نبدأ.
كما أكد الرئيس الكيني على حاجة القارة الافريقية إلى التحدث بصوت واحد على الساحة الدولية، حتى يمكن الاستجابة لمطالبها.
وطالب الدول الافريقية بعدم السماح للحدود المصطنعة التي رسمتها الدول الاستعمارية في الماضي أن تفصل بينها، مؤكدا أن كينيا تعول كثيرا على مسألة التضامن الافريقي.
وبخصوص ليبيا قال أنه لا ينبغي طرح ما يحدث في ليبيا جانبا، إنها مشكلتنا ويجب علينا إيجاد حل لها.