انقلابات، حروب وتداعيات أزمات سياسية

الجيـوش الإفريقيـة في مواجهة التهـديدات الجيواستراتيجية

حمزة محصول

مواجهة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود تستدعي جاهزية واحترافية

فشلت عديد البلدان الافريقية، في بناء منظومة عسكرية قوية تستطيع الدفاع عن سلامتها الترابية ووحدتها الوطنية وصد أي عمل عدواني يأتي من الخارج أو ينشأ داخليا. حدث هذا رغم مرور أكثر من نصف قرن عن استقلال البلدان الإفريقية التي  لازالت القوات القارية والأممية لحفظ السلام تتولى مسؤولية  صيانة الأمن والاستقرار.
أكدت تجارب معظم دول العالم مع الحروب والأزمات، أن من يملك مؤسسات تنفيذية، تشريعية وعسكرية متينة، يستطيع مجابهة الصدمات والحفاظ على توازنه في أسوأ الحالات. وبرهنت الأحداث المتسارعة، أن منظومة الدفاع الوطني تمثل حجر الزاوية أو الركيزة الأساسية لهبة الدولة ووحدتها وسلامتها، أما إذا كانت شكلية ولا تقوى على مجابهة هجوم مسلح لجماعات إرهابية أو حركة تمرد، فيعني أن الفوضى والاقتتال وانهيار الدولة ستكون بديلا حتميا.
للأسف الشديد، تنطبق الحالة الثانية على معظم بلدان القارة الافريقية، التي وجدت نفسها بعد نصف قرن من الاستقلال عن الاستعمار الأوروبي بشكل عام، في نقطة الصفر تقريبا في مجال الدفاع الوطني.
 على الرغم من الأموال التي تصرف سنويا على هذا القطاع، إلا أن النتائج على الأرض تأتي في كل مرة مغايرة  تماما للتوقعات والمجهود المادي المبذول.
الرئيس الأمريكي باراك أوباما، قال في حوار لقناة تلفزيونية بواشنطن الأسبوع الماضي أن «الولايات المتحدة ولمواجهة الأخطار التي تتهددها، قامت ببناء أقوى جيش في العالم»، وتستخدمه «ورقة ضغط» في سياستها الخارجية للي ذراع كل من يعارض أو يقف في وجه المصالح الحيوية لأمريكا أينما وجدت.»
ومع علم الأفارقة بحجم التهديدات، وخوضهم لأزمات دامية امتدت لسنوات، لم ينجح الكثير منهم  في بناء جيوش قادرة على حماية الشعب،  وسلموا أمروهم لقوات الاتحاد الافريقي والامم المتحدة لحفظ السلام والأمن، فهي متواجدة في الصومال، افريقيا الوسطى، الكونغو الديمقراطية، السودان، ومالي باعتبارها اكثر الدول التي تعرف وضعا أمنيا متدهورا وتسابق الزمن لاستعادة الاستقرار ولم الشمل والمصالحة بعد اتفاق سلام تتولاه جهود الوساطة الدولية برعاية الجزائر.
لم تسلم القوات الإفريقية المشتركة لحفظ السلام، من الانتقادات، حيث اعتبرت ضعيفة النجاعة وقليلة الخبرة والتكوين، واستخدمت في أكثر من مرة كذريعة من طرف الغرب لتبرير تدخل فرنسا عسكريا، عبر جنودها المتواجدين في قواعد عسكرية أو «الفيلق الأجنبي» المشكل من 3000 عنصر من القوات الخاصة الذي يخضع لرئاسة الجمهورية الفرنسية، ومنوطة بمهام التدخل السريع في أي منطقة تقتضي المصلحة والحاجة لذلك.
والسؤال الذي يطرح، لماذا الجيوش الافريقية ضعيفة اليوم رغم حجم التحديات وقيمة المبالغ المالية التي تصرف عليها؟. وهنا يجيب المختصون في الشؤون الأمنية والسياسية للقارة الافريقية، أن السر يكمن في النزاع الدائم في بعض الدول بين الساسة والعسكر، حيث اعتقد جل الرؤساء الأفارقة، أن خطر قادة الجيش عليهم أكبر من حركات التمرد، أو النزاعات الإثنية.
في غرب افريقيا مثلا، تخوض نيجيريا، وبدرجة أقل الكاميرون حربا ضروسا مع بوكو حرام، هذا التنظيم الإرهابي الذي استغل الهشاشة الامنية، لفرض سيطرته على مدن وقرى شمال شرق نيجيريا وألحق أضرار وهزائم بالجيش الذي تقدر ميزانيته السنوية 4 مليار دولار، تثار بشأنه العديد من الاتهامات بالاختلاس والفساد، ومن المهم التذكير أن هذه الدولة التي تحتل صدارة الاقتصاد الافريقي عرفت 6 انقلابات عسكرية.
أما الكاميرون وبميزانية سنوية قدرها 400 مليون دولار سنويا، لم يستطع الجيش إظهار امكانيات معتبرة أمام التنظيم الإرهابي، وحسب الخبير العسكري  فيكتوران حاموني، يكفي مشاهد الاستعراض العسكري السنوي الذي يبين نوعية الأسلحة التي تمتلكها قوات الأمن الرئاسي، ومقارنتها بتلك التي بحوزة الجيش على جبهات القتال.
 يقول الخبير  في مؤلفه «سياسة الدفاع والأمن الوطني الكاميروني» أن هم الرئيس بول بيا، هو تحصين الأمن الرئاسي خوفا من الانقلاب على نظامه، في وقت يعيش الجنود على الحدود أوضاعا مزرية.»
ونظرا لضعف جيوش الدول الافريقية، سيجد الاتحاد الافريقي نفسه مجبرا على تسخير 750 مليون دولار لقطاع الأمن والسلم بالقارة هذه السنة، والتي يتوقع فيها أن تتضح فيها ملامح القوة الافريقية للرد السريع على الأزمات.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024