يبدو أن الدعوات التي وجهها مشايخ دين وأقطاب فتوى عبر كل دول العالم الإسلامي التي طالبت المسلمين إلى عدم الرد على الاستفزاز والتعاطي بحكمة وتعقل، قد وجدت صداها من خلال ردة فعل المسلمين في كل أنحاء العالم على الرسم الأخير المجسّد للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، الذي جاء على الصفحة الأولى من العدد الأخير لأسبوعية “شارلي ايبدو” الأربعاء، وهو العدد الذي عرف بـ«طبعة الناجين” في إشارة إلى الصحفيين الذي خرجوا سالمين من الاعتداء الإرهابي الذي استهدف الأسبوعية الفرنسية الساخرة قبل 10 أيام.
في خطوة ذكية تحمل الكثير من الوعي والترفع عن الدخول في سجالات عقيمة كتلك التي يريدها القائمون الجدد على أسبوعية شارلي، لم يستجب المسلمون عبر العالم لاستفزاز الأسبوعية التي أعادت نشر كاريكتير جديد يجسد النبي محمد عليه الصلاة والسلام والتي طبعت منها حوالي 5 ملايين نسخة وهي صفقة لم تكن تحلم بها هذه الأسبوعية التي طبعت في يوم واحد ما يفوق بمليونين ما تطبعه خلال سنة بأكملها وإذا أخذنا في الحسبان ثمن النسخة الذي يقدر بـ3 أورو فان ما دخل إلى حساب هذه الأسبوعية في يوم واحد فقط يقدر بـ 15 مليون أورو أي يساوي مداخيل هذه الاسبوعية الفرنسية الساخرة التي تطبع 60 الف نسخة اسبوعيا تبيع منها 45 الف فقط وهي مداخيل 10 سنوات كاملة وهذا علاوة على الخبطة الإعلامية التي جعلتها أشهر من نار على علم.
كان من المفروض ان تنشر هذه الجريدة سواء كان في نيتها الانتقام او تكريم طاقمها الذي قضى في الهجوم الإرهابي صور ضحاياها الذين سقطوا تكريما لهم وتكون هذه الصور مدعومة برسائل تسامح وتعايش وليس الاستفزاز والإصرار على التعدي على مشاعر ورموز الآخرين بدعوى حرية التعبير التي بلغت حدا كبير من الوقاحة إلى درجة ان البابا فرانسوا خرج عن صمته واعتبر أن حرية التعبير المزعومة هذه لا تبرر انتهاك مقدسات الآخرين والتعدي على مشاعرهم.
من الطبيعي ان تكون هناك مظاهرات ومسيرات منددة برسومات شارلي ايبدو في بعض دول العالم الإسلامي كتلك التي شهدتها العاصمة الاقتصادية لباكستان حيث توجد القنصلية الفرنسية كما شهدت مدن أخرى نفس المشهد مثل اسلام اباد وبيشاور تدخلت خلالها الشرطة لتفريق المتظاهرين الذين قاموا باحراق العلم الفرنسي خلال المظاهرات التي خرجت بعد صلاة جمعة أمس.
السوريون لم تمنعهم الظروف القاسية التي يكابدونها من الخروج في مسيرات للتنديد بما نشرته أسبوعية «شارلي ايبدو» الأربعاء الماضي، حيث انطلقت مسيرة في حلب منددة بتلك الرسومات المسيئة إلى رسول الإسلام والعالمين محمد عليه الصلاة والسلام.
«شارلي ايبدو” تريد أن تجعل من المسلمين سجلا تجاريا
نداءات الحكمة والتعقل للرد على الاستفزازات
أمين بلعمري
شوهد:861 مرة