توصل البوركينابيون، الخميس، إلى وضع أرضية قد تشكل اللبنة الأولى لمرحلة انتقالية سلمية، تحضيرا لما بعد كمباوري الذي أطيح به نهاية أكتوبر المنقضي بعد انتفاضة شعبية، تفجرت بسبب طموحاته السياسية المتعلقة بالاستمرار في الحكم بعد 27 سنة قضاها رئيسا للبلاد.
الجيش أقوى مؤسسة دستورية في البلاد، استلم السلطة بعد فرار كمباوري بمساعدة فرنسية إلى كوت ديفوار، وسط فوضى عارمة عرفتها بوركينافاسو، ووسط تنازع رجلين في هذه المؤسسة على قيادة المرحلة الانتقالية، وهما: الجنرال طراوري، قائد الجيش وأحد ضباطه في الحرس الرئاسي، وهو الجهاز المشكل أساسا من النخبة، علاوة على كونه من أحسن وحدات الجيش البوركينابي تدريبا وتجهيزا، لهذا رجّحت كفّة المقدم زيدا، الذي استطاع القضاء على أحلام خصمه الطامح في قيادة المرحلة الانتقالية خلال 24 ساعة فقط، أصبح بعدها الآمر الناهي في البلاد.
طموح المقدم زيدا، تلاشت بدورها وسط اعتراض المجتمع الدولي على قيادة العسكر للمرحلة الانتقالية وفي ظل ضغوط أمريكية متزايدة، استجابت المؤسسة العسكرية لمطالب المعارضة في الداخل، بوضع هيئة انتقالية بقيادة شخصية مدنية، و هي الخطوة التي توصلت إليها مختلف أطياف المعارضة البوركينابية وحساسيات المجتمع المدني وكل الفاعلين الخميس، بعد خمسة أيام من المشاورات، وجاءت هذه الخطوة في شكل إجماع تام، حيث صوّت الجميع على ميثاق انتقالي يتضمن أساسا قيادة مدنيين لأعلى الهيئات الانتقالية، وهما رئاسة الدولة ورئاسة البرلمان الانتقالي، وهي أول خطوة نحو إنفراج ما اعتبره مراقبون بوادر أزمة سياسية وعسكرية متفاقمة في بوركينافاسو، وسط تخييم شبح عزلة دولية وإفريقية لهذا البلد، خاصة وأن الاتحاد الإفريقي، كان قد صادق بالإجماع سنة 1999 على اتفاقية تجرّم الوصول إلى السلطة عبر الانقلابات العسكرية، وفي هذا الصدد، كان هذا الأخير، قد توعّد الجيش البوركينابي بفرض عقوبات في حال عدم تسليم السلطة للمدنيين وأعطاه مهلة لذلك مدتها 15 يوما تنقضي غدا الاثنين.
هذا الميثاق الانتقالي، الذي توصل إليه البوكينابيون، يقضي ـ كذلك ـ بتعيين الوزير الأول من طرف الرئيس الانتقالي، ويمكن أن يتولى هذا المنصب، رجلا من المؤسسة العسكرية ويقود الوزير الأول ـ حسب الميثاق ـ حكومة تتشكل من 25 وزيرا. أما ما يخص المجلس الوطني الانتقالي (البرلمان الانتقالي) ـ حسب ذات الميثاق ـ فإنه يتشكل من 90 عضوا أخذت فيه المعارضة السابقة حصة الأسد بـ30 مقعدا، ويتم تقسيم باقي المقاعد بين مختلف الأطراف الفاعلة الأخرى كما يلي: 25 مقعدا للمؤسسة العسكرية التي وافقت على إلغاء بند يشترط عدم تحزّب الرئيس الانتقالي، كما تحصل المجتمع المدني على 25 مقعدا بدوره، والمقاعد العشرة المتبقية، تمنح للأغلبية السياسية سابقا، أي لحزب بليز كمباوري، من ناحية أخرى، لا يحق لرئيس هذا المجلس الانتقالي، الترشح للانتخابات الرئاسية والتشريعية المقرر إجراؤها نوفمبر 2015.
الأكيد و في انتظار التوقيع النهائي على هذا «الميثاق» الذي وصفه البعض بأنه شبه دستور انتقالي، يمكن القول أن بوركينافاسو، قد خرجت من مرحلة الخطر، في انتظار اجتياز هذه المرحلة الانتقالية في سلام، قبل العودة إلى الشرعية الدستورية من جديد، عبر الصناديق الانتخابية.
في انتظار توقيع كل الفاعلين في الأزمة
ميثاق لتسيير المرحلة الانتقالية ببوركينافاسو
أمين بلعمري
شوهد:579 مرة