يبدي المحلل السياسي الدولي، ومنسق الحملة الدولية للعدالة من أجل سانكارا (الرئيس البوركينابي السابق)، عزيز سالمون فال في هذا الحوار الذي خص به «الشعب»، رأيه في إسقاط شعب بوركينافاسو لنظام بليس كومباوري، ويعتقد أن وحدة الصف هي الطريق الأنسب لنجاح المرحلة الانتقالية، ويؤكد ارتفاع الوعي السياسي للشعوب الإفريقية.
«الشعب»: ماهي قراءتك الأولية لما قام به الشعب البوركينابي؟
سالمون فال: دعنا نقول أن الرئيس بليز كومباوري أحد أعمدة فرنسا-إفريقيا، تمت إزاحته من الحكم بطريقة سلمية عبر الشارع، لذلك أحيي باسم جميع منتسبي الحملة الدولية للعدالة من أجل سانكارا الرئيس السابق، شجاعة شعب بوركينافاسو وكل ضحايا المظاهرات الأخيرة، وأعتقد أن المحاولة العبثية لتغيير المادة 37 من الدستور لتمكينه من البقاء في الحكم قوت صفوف المعارضة السياسية والمجتمع المدني والشعب الذي خرج من سباته.
فمنذ 27 سنة استلهمت المعارضة والشعب من خصال الرئيس طوماس سانكارا الذي اغتيل رفقة عشرات الشخصيات السياسية دون أية محاسبة أو محاكمة، ومقاومته الظلم والاضطهاد، وندعو في التنسيقية المجتمع الدولي إلى تفعيل قرار لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة الصادر قبل 18 سنة، القاضي باستخراج رفاة سانكار والتحقيق في ظروف مقتله، وأرى أن الطبقة العسكرية والمدنية في هذا البلد اثبتت نضجها ووعيها وتدرك أن بقايا النظام يمكنها أن تسبب الكثير من الإزعاج.
المراحل الانتقالية مثلت دائما تحديا كبيرا للبلدان الإفريقية ومنها من دخل في أزمات معقدة وحروب أهلية، والنقاش في بوركنافاسو الآن، كله منصب على كيفية تسيير هذه المرحلة والوصل إلى بر الأمان، ما الذي يجب الفاعلين في الساحة حاليا القيام به لتخطي هذا الظرف الحساس؟
القضاء، المنتخبون والجيش عليهم أن يختاروا سريعا معسكرهم ضد نظام فرنسا-إفريقيا، فالحصانة واستقطاب القوى الحية للوطن من طرف نظام واغادوغو وصلت إلى نهايتها، وأظن أن العسكريين الذي ساهموا في تأزم الوضع السياسي بتدخلاتهم في الحياة السياسية ملزمون اليوم، بترك السلطة للقوى المدنية والسياسية، فالجيش يتصارع على مرحلة انتقالية لا يجب أن تكون سلمية فقط وإنما تسمح أيضا بالوصول لتنظيم انتخابات حرة وشفافة، لذلك فالمعارضة مجبرة على البقاء موحدة لتحقيق الغاية، وعلى مناضلي سانكارا أن يراقبوا ما سيتولد عن هذه الفترة لضمان انتقال يعكس التطلعات الديمقراطية والشعبية ولا تصيب أي هشاشة.
ألا تعتقد أن الشعب البوركينابي، بإرادته السلمية في التغيير، أثبت للعالم أن الوعي السياسي للشعوب الإفريقية ارتفع وأن عهد الانقلابات قد ولى؟
مخطأ من يعتقد أن الوعي السياسي للشعوب الأفريقية ضعيف، فالحقيقة أننا منغلقون في ظروف نيوكولونيالية مع سيادات متآكلة وأنظمة غربية برجوازية تعيش على ثراوت الشعوب، فالنظام المنهار في بوركينافاسو واتباعه يحاولون الاختباء في أماكن فاخرة للأنظمة الحليفة بالمنطقة ساعدوها هم في النشوء والتغلغل.
لقد اعتبر كومباوري دائما، حجر زاوية لفرنسا-إفريقيا، الناتو وأفريكوم، وساهم طيلة سنوات حكمه في زعزعة استقرار دول المنطقة والقوى الاجتماعية، وساعد في نهب وتجريد الثروات الطبيعية وملء جيوب الأنظمة الأوليغارشية حول العالم، إن النظام البوركينابي المنهار يشكل تهديدا كبيرا بالنظر إلى ارتباطه الوثيق بمصالح القوى الأمبريالية.
ما هو تأثير ما يجري في بوركينافاسو، على دول الجوار والساحل الإفريقي؟
يمكن أن يكون لما تعرفه هذه البلاد حاليا انعكاسات خطيرة، كما يمكن أن تكون مفيدة أيضا، فالقوى المنهزمة من قبل الشعب، وضفت طويلا في زعزعة استقرار المنطقة من سيراليون، ليبيريا مرورا بمالي والنيجر وقد تخلى عنهم عرابوهم من بعض القوى الغربية، والشرعية ستهمشهم وتحاصرهم، وإذا ظلوا تحت حماية أصحاب فرنسا-إفريقيا وبعض الأوساط الأخرى، فإن إستراتيجية الفوضى الخلاقة ستمتد وتتوسع أكثر.
وعلينا نحن الأفارقة أن نأخذ بوعي كل هذه المخاطر بجدية كبيرة ونتحد قبل فوات الأوان، ومطالبون من الاستلهام من النموذج الجزائري في الكفاح ضد المستعمر، واستذكار مواقف وأفكار فرانس فانون التي تنطبق على الواقع الحالي.