الوزير الأول البلجيكي أمام الجمعية العامة الأممية

المأساة الإنسانية التي يعيشها العالم سببها الحلول العسكرية

أمين بلعمري

يبدو أن الحلول العسكرية وسياسات التدخل في شؤون الآخرين تحت مختلف المسميات والمبررات، كاختراع برنار كوشنير الذي أطلق عليه مبدأ “التدخل الإنساني” أو التدخلات الأمريكية باسم نشر الديمقراطية والقضاء على الديكتاتوريات أو بذريعة ملاحقة الإرهاب ومكافحته... إلخ، كل هذه الحالات بالتجربة خلفت كوارث إنسانية غير مسبوقة والحالة الأفغانية والعراقية والوضع في ليبيا الآن يثبت فشل هذه السياسات التي لم تعد تخلق إلا الفوضى المزمنة والمآزق المستعصية.
إن التوجه المناهض لاستعمال القوة العسكرية وانتقاد اللجوء إليها لحل الأزمات يزداد مؤيّدوه، ومداخلة الوزير الأول البلجيكي “إليو دي ريبو” أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 69، تؤكد بوضوح أن الخيار العسكري في تراجع، حيث حمّل الأخير الرئيس الأمريكي السابق جورج ولكر بوش تبعات الدمار الذي لحق بالعراق وكذا الوضع الخطير الذي تعيشه منطقة الشرق الأوسط بأكملها. وأضاف قائلا – بحسب ما أوردته يومية لوسوار البلجيكية-: “لا أحد يمكنه أن يمنعني من الاعتقاد أن الدمار الإنساني الذي نشهده اليوم هو كذلك محصلة الإخفاقات الذريعة للمسؤولين السياسيين الذين فضّلوا الحلول العسكرية والحرب الوقائية المزعومة”. وأضاف، خلال مداخلته التي انتقد فيها السياسات الغربية التي أدت إلى تعزيز التطرف والإرهاب قائلا: “كيف لا يمكننا أن نرى أن الكبت والإهانة عززا التطرف أكثر”.
الوزير الأول البلجيكي تطرق كذلك إلى القضية الفلسطينية، معتبرا أنها يجب أن تكون في مقدمة أولويات الأجندة الدولية. وأضاف، أن التوصل إلى اتفاقية سلام يشكل عاملا حاسما للاستقرار والسلام في كل منطقة الشرق الأوسط وفي العالم.
إن هذا الكلام الذي جاء على لسان الوزير الأول البلجيكي، الذي تحتضن بلاده الأمانة العامة للحلف الأطلسي، الذي أصبح إحدى آليات تكريس التدخلات العسكرية، ولو على حساب الشرعية الدولية أو عن طريق استغلال اللوائح الأممية، كما حصل في الحالة الليبية مع اللائحة 1973 التي أقرّت إنشاء منطقة حظر جوي فقط، ليتم استغلالها وتحويرها إلى ضربات عسكرية استهدفت رموزا سيادية للدولة الليبية من مقرات وشخصيات، بل إلى عدوان خارجي مباشر والكل يرى المأزق الذي تعيشه ليبيا اليوم جراء ذلك التدخل المتهور للناتو سنة 2011، فهل بقي هناك من شك في أن الحلول العسكرية لا تزيد الأمور إلا تعفّنا وتعقيدا؟!.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024