بن عمر بن جانا الخبير في الشؤون الأمنية والإستراتيجية لـ “الشعب”:

التدخل الخارجي عرقل جهود قيادة الأركان العمليـاتية المشتركة لـدول السـاحل

حاوره: حمزة محصول

يرى الخبير في الشؤون الأمنية والإستراتيجية، بن عمر بن جانا، أن التدخل الأجنبي عرقل عمل  قيادة الأركان العلمياتية المشتركة لدول الساحل الرامي لمواجهة التهديدات الأمنية بالمنطقة، ويشدّد في ذات الوقت على أهمية التنسيق الأمني في الظرف الحالي لقطع الطريق أمام الجماعات الإرهابية، مؤكدا أن الدول الكبرى لا تستطيع اتخاذ أي قرار دون الرجوع للجزائر. التفاصيل في هذا الحوار الذي أجرته معه «الشعب».
”الشعب”: كيف تقيم التنسيق الأمني القائم بين دول الميدان (الجزائر، مالي، النيجر وموريتانيا) وما مدى نجاعته في ظل المبادرات الدولية المختلفة لمكافحة الإرهاب؟
بن عمر بن جانا: يجب أن نشير أولا بأن الجزائر بذلت مجهودا كبيرا لخلق هذا الفضاء العسكري الجهوي المعروف باسم قيادة الأركان العملياتية المشتركة لدول الميدان، لكن للأسف هذه الهيئة لم تفلح في إعطاء الدفع اللازم وتنفيذ مهامه وأهدافه التي سطرها بطريقة سليمة، وذلك بسبب التدخل الخارجي.
لاحظنا ما جرى في مالي حين أقدم عسكري برتبة “نقيب” على انقلاب عسكري أدى إلى تغييب الشرعية وانهيار الدولة ونجمت عنه أوضاع وخيمة على المنطقة ككل، فالغاية الأساسية من العمل المشترك  لدول الميدان كانت ترمي لتفادي ما آلت إليه الوضعية في شمال مالي، ولكن لم تكن الاستجابة بسبب ضعف بلدان الجوار ماعدا الجزائر والتدخل الأجنبي في المنطقة.
والجزائر حاليا تنادي بتغليب العملية السلمية  وستنجح عن قريب في فرض مقاربتها، بالرغم من أنه لا تزال تلك الضبابية وانعدام التصور الواضح لدول المنطقة.
كيف يمكن الحديث عن تنسيق أمني عملياتي مع النيجر ومالي وموريتانيا؟
التنسيق الأمني ضروري جدا في الظروف الحالية وخاصة في ظل وجود حدود برية طويلة ومفتوحة بين البلدان المعنية، والفرق بين التعاون والتنسيق يكمن في أن الأول لا يعني آنية تبادل المعلومات عكس التنسيق الذي يعتمد على التبادل الفوري والآني للمعلومات وإعطاء المبادرة للقيادات الميدانية لاتخاذ القرار المناسب ضد التهديد المحتمل.
وبالنظر لخصائص التنظيمات الإرهابية التي تمتاز بالتنويه وسرعة التنقل بين التضاريس الوعرة تبقى دول الساحل ملزمة بالعمل المشترك والمستمر للتصدي للخطر الإرهابي، حتى وإن كان معظمها يعرف هشاشة سياسية واقتصادية إضافة إلى كونها ضعيفة جدا أمنيا فهي لا تسيطر على أقطارها وتركيبتها الاجتماعية متحركة، كلها عوامل تجعل منها ضعيفة في مواجهة التحديات الأمنية.
لكنها في المقابل تمثل المحيط الإستراتيجي والامتداد الأمني للأمن الوطني الجزائري، لذلك نعتمد عليها في تأمين الحدود والسيطرة عليها والعمل معا ضد أي تهديد.
الوضع المتأزم الذي تعرفه منطقة الساحل، فرض تظافر جهود الدول المعنية مع قوى دولية كبرى على رأسها


أمريكا وفرنسا، ما هي الصيغة المثلى للعمل المشترك مع هذه القوى؟
قبل الحديث عن التعاون المشترك في مجال الأمن، مع دول مثل أمريكا وفرنسا، يجب التنبيه، أن كل ما جرى في منطقة الساحل هو نتيجة التدخل العسكري لحلف الناتو في ليبيا، فالتعامل معها عن طريق القوة، أدى إلى تفكيك مؤسساتها الأمنية الوطنية والسياسية ونجم عنه أزمة انتشار الأسلحة القائمة حاليا، ولاشك أن إقدام ضابط برتبة نقيب في مالي على انقلاب يطرح الكثير من علامات الاستفهام.وهذه التي تسمى حاليا داعش، من أين حصلت على الدعم العسكري والمالي؟ فهناك اللغة السياسية والدبلوماسية وأيضا اللغة الأمنية التي تحمل أهداف مبيتة لا تخدم سوى مصالح القوى الغربية على حساب مصالح الدول المستضعفة، وبالتالي لابد أن يكون أي تعاون مبني على حماية وخدمة تطلعات دول الميدان.
اتضح من النقاشات الدولية بشأن ليبيا هذه الأيام، أن الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا، تولي أهمية قصوى للطرح الجزائري، هل يمكن القول أن الجزائر فرضت نفسها كقوة جهوية لها دور في تسوية الأزمات؟
الجزائر قوة جهوية وحجرة زاوية في الأزمة الليبية ومنطقة الساحل الإفريقي، ولا يمكن تخطي الرؤية الجزائرية، فالولايات المتحدة لا تريد فتح جبهة جديدة في ليبيا، وهناك دول أوروبية لا تريد حربا أخرى في هذه الدولة على غرار إيطاليا، لحسابات اقتصادية،  وعليه من غير الممكن أن تقوم فرنسا أو غيرها بخطوة دون مساندة الجزائر التي تؤمن أن أمن ليبيا هو أمنها، ولن يحدث أي تدخل دون موافقة مجلس الأمن الدولي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024