في ظل التصعيد الذي تشهده ليبيا وحالة الفلتان الأمني التي أدخلت البلاد في أجواء من الاحتراب الداخلي، تتكاتف جهود البعض للخروج من عنق الزجاجة، وإيجاد أرضية تفاهم تحقق الوفاق والمصالحة وتقود إلى إعادة بناء مؤسسات السلطة ومداواة جراح الشعب وقبل ذلك وبعده حقن دمائهم.
وفي هذا الإطار، أعلنت هيئة تقصي الحقائق والمصالحة الليبية، أمس الأول، عن تشكيل فريق عمل من مختلف الجهات والتخصصات للقيام بإعداد مبادرة وطنية لإنهاء الخلاف بين الفرقاء كافة وحقن دماء الليبيين.
وأفادت الهيئة، بأن “الفريق سيقوم بالتواصل مع جميع الفرقاء والأطراف المعنية وتقديم هذه المبادرة إلى الجهات ذات العلاقة ومتابعة تنفيذ ما تنتهي إليه وذلك تقديرا منه للظروف العصيبة التي تمر بها البلاد وما ترتب عليها من انقسامات وحروب ودمار لمقدرات الشعب وانفلات أمني خطير وتشريد الكثير من عائلات، الأمر الذي يتطلب معه وعلى وجه السرعة العمل على معالجته”.
وتكمّل هذه المبادرة ما توصّل إليه مجلس النواب الليبي، الذي أقرّ، لأول مرة في تاريخ البلاد، قانوناً لمكافحة الإرهاب يعتبر “منظمة إرهابية” أيّ مجموعة ذات هيكل تنظيمي مؤلفة من ثلاثة أشخاص أو أكثر تكونت لأيّ مدة كانت وتعمل بصورة متضافرة بقصد ارتكاب “جريمة إرهابية داخل التراب الليبي أو خارجه”.
وكان مجلس النواب اعتبر في 24 أوت الماضي ميليشيات “فجر ليبيا” و«أنصار الشريعة” مجموعتين إرهابيتين، مؤكداً أنه سيدعم الجيش لمحاربتهما.
وفيما تحاول الجهات الحكيمة مدّ ليبيا بقشة النجاة للخروج من محنتها المتواصلة منذ 2011، تواصل المليشيات المسلحة تقطيع أوصال البلاد وتقتيل الشعب وترويعه. وقد لقي ستة أشخاص - بينهم إمام وعقيد متقاعد - مصرعهم في اليومين الماضيين، نتيجة أعمال اغتيال متفرقة في مدينة بنغازي التي تشهد انفلاتا أمنيا وأعمال قتل شبه يومي.
كما أعلنت الحكومة الليبية المؤقتة منطقة ورشفانة منطقة منكوبة ودعت كافة الأطراف إلى وقف إطلاق النار فورا.
سرية أمنية لحماية البعثات الدبلوماسية
أعلنت ما يسمى “هيئة حماية وتصحيح مسار ثورة 17 فبراير” في ليبيا، إنشاء سرية أمنية لحماية المرافق الحيوية في طرابلس، ودعت البعثات الدبلوماسية إلى العودة بعد خروجها على خلفية الاشتباكات بين مليشيات مسلحة في العاصمة.
وقالت الهيئة - في بيان تلاه المتحدث باسم قوات عملية فجر ليبيا أحمد هدية - إنها تكفلت بحماية السفارات الأجنبية والبعثات الدبلوماسية.
على الصعيد الداخلي، دعا هدية جميع الأطراف السياسية في البلاد إلى تحييد المؤسسات التي ترمز إلى وحدة الوطن عن الصراعات السياسية وعلى رأسها الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور ومصرف ليبيا المركزي.
كما دعا نواب البرلمان الليبي المنتخبين (المجتمعين في طبرق) للتواصل مع المؤتمر الوطني العام لاستلام مهامهم وفق الإعلان الدستوري.
وكانت قوات عملية فجر ليبيا بسطت، الشهر المنصرم، سيطرتها على مطار طرابلس الدولي ومقرات الوزارات.
ويعتبر المؤتمر العام، المنتهية ولايته، أن البرلمان المنتخب غير شرعي حتى الآن، لأنه لم يلتزم بعقد جلسته الأولى في العاصمة طرابلس، ولم يلتزم بإجراءات التسليم والاستلام كما ينص الدستور الليبي.