منذ تأسيسها عام 1987، تعرضت حركة حماس لسلسلة طويلة وقاسية من الاغتيالات التي طاولت قيادات عسكرية وسياسية وازنة على مستوى الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة. واستخدم الاحتلال الصهيوني سلاح الاغتيالات كوسيلة لملاحقة القيادات الفلسطينية داخلياً وخارجياً، للفتك بالتنظيمات الفلسطينية، ضمن محاولات فاشلة لوقف المقاومة ضدّه، وهندسة الوضع الفلسطيني على مقاسه.
وضعت سلطات الاحتلال الصهيوني قوائم واسعة بأسماء شخصيات وقيادات من حماس ترغب في الوصول إليها، استكمالاً لتاريخ أجهزتها في استهداف قادة الحركة منذ تأسيسها، دون وضع حدّ بين السياسية منها والعسكرية.
وبعد «عملية طوفان الأقصى»، استهدفت طائرة مسيرة للاحتلال مكتباً تابعاً لحماس ضمن بناية تقع في الضاحية الجنوبية لبيروت، واغتالت صالح العاروري، نائب رئيس «حماس» وقائد الحركة في الضفة الغربية، ويعد من أهم حلقات الوصل مع أذرع المقاومة في الخارج.
ولم يكن اغتيال العاروري سابقة أو مرتبطا بتداعيات السابع من أكتوبر، بل يأتي ضمن سلسلة من عمليات الاغتيال التي طالت قادة وكوادر حركة حماس وفصائل مقاومة أخرى منذ بداية تسعينات القرن الماضي. مثل اغتيال عماد عقل وهو من أبرز القادة العسكريين لكتائب عز الدين القسام، والذي اغتيل بعد محاصرة صهيونية في 24 نوفمبر 1993، منزلاً بحي الشجاعية في مدينة غزة واغتالته مع أحد مساعديه.
وبعدها اغتال الاحتلال، يحيى عياش الذي يعد من أبرز القادة العسكريين في كتائب القسام، وكانت تتهمه بتنفيذ تفجيرات وعمليات داخل الكيان.
ولتنفيذ عملية اغتيال عياش، تمكن جهاز «الشاباك» الصهيوني، في جانفي عام 1996، من تسريب هاتف ملغم إليه، وفجّره عن بعد. وهو ما جعل العديد من قادة حماس من يومها يتفادون الاستخدام المباشر للهواتف، وغالباً لا يتعاملون مع الهواتف المشبوهة.
وبداية الألفية الحالية، في 31 جانفي من عام 2001، قصفت طائرات صهيونية بالصواريخ مكتب الإعلام والدراسات التابع لحركة حماس في مدينة نابلس بالضفة الغربية، فقتلت القياديين جمال منصور وجمال سليم. ثم لاحقاً استهدف الاحتلال إسماعيل أبو شنب القيادي في حماس، في 21 أوت 2003 بمدينة غزة.
ولم يتوقف الكيان الصهيوني عند حدود استهداف القيادات الدنيا أو المتوسطة في حماس، حيث اغتالت في 22 مارس 2004 الشيخ أحمد ياسين، ويعد أحد أبرز المؤسسين والزعيم الروحي لحركة حماس، إثر إطلاق مروحيات الأباتشي 3 صواريخ عليه وهو جالس على كرسيه المتحرك خارج مسجد المجمّع الإسلامي في حي الصبرة بقطاع غزة.
ولم تتوقف آلة القتل الصهيونية بعد الوصول لزعيم حماس، حيث بعد أسابيع قليلة، اغتالت خلفه عبد العزيز الرنتيسي، وهو طبيب وسياسي من مؤسسي حركة حماس ومن أبرز القيادات السياسية فيها، في 17 أفريل من نفس العام.
وهو ما دفع حماس لفترات طويلة أن لا تعلن عن قادتها علناً أو تسمي رئيس مكتبها، مخافة استهدافه، مثلما حدث مع خالد مشعل الذي تعرض لمحاولة تسميم من قبل الموساد في العاصمة الأردنية عُمان عام 1997.
كما اغتال الكيان شخصيات أخرى من قيادات حماس، مثل صلاح شحادة مؤسس الذراع العسكري للحركة في 22 جويلية 2002، بقنبلة تزن أكثر من طن، ألقتها طائرة حربية على منزل في حي الدرج شرقي مدينة غزة، أدت إلى استشهاد شحادة و18 شخصا بينهم زوجته ومرافقه زاهر نصار.
وتوصل الاحتلال الصهيوني لمحمود المبحوح في جانفي 2010 الذي كان يعتبر مسؤولاً عن الخدمات اللوجستية في الحركة. واغتالته داخل غرفته بفندق في دبي عن طريق 11 عميلا للموساد دخلوا الإمارات بجوازات سفر أجنبية.
وبحسب مصادر مقربة من حماس، فإن دوافع الاحتلال من هذه العمليات اعتقادها أن ذلك يضعف الحركة، بينما الواقع أن حماس بحسب المصادر تضع الأمر بعين الاعتبار، وهي تعمل على استمرارية العمل من دون وجود المسؤول أو القائد، عبر خلايا صغيرة مدربة لاستكمال أي مهمة منوطة بها.
وإن كانت عمليات الاستهداف والاغتيالات تحد من سرعة الحركة، لكنها بحسب تلك المصادر لن توقفها، لأنها برأيهم مشروع مستمر ومتجذر، وفكرة راسخة لدى أجيال عدة.