صادق مجلس الأمة، أمس الثلاثاء، في جلسة علنية ترأسها عزوز ناصري، رئيس المجلس، على مجموعة من مشاريع القوانين الهامة التي تمس مختلف مناحي الحياة الوطنية، بحضور عدد من أعضاء الحكومة، يتقدمهم وزير العدل حافظ الأختام لطفي بوجمعة، ووزيرة العلاقات مع البرلمان كوثر كريكو، ووزراء وكتاب دولة آخرون.
في مقدمة النصوص المصادق عليها، مشروع القانون المتعلق بالإجراءات الجزائية، والذي تضمن إدراج «إجراءات بديلة» في مجال المتابعة الجزائية ضد الأشخاص المعنويين، منها آليات لتسوية القضايا عبر إرجاع الأموال المحولة أو المختلسة خارج الوطن ودفع مستحقات الخزينة العمومية. كما تضمن النص إنشاء وكالة وطنية لتسيير الأموال المحجوزة والمصادرة، إلى جانب توسيع تطبيق نظام الأمر الجزائي ليشمل جميع المخالفات، في خطوة تهدف إلى تحسين فاعلية العدالة وتخفيف العبء عن المحاكم.
وفي السياق ذاته، صادق المجلس على مشروع قانون التعبئة العامة الذي جاء ليؤسس لإطار قانوني شامل لمجابهة التهديدات التي قد تطال أمن الوطن وسلامته الترابية، عبر تعبئة الوسائل البشرية والمادية لخدمة الدفاع الوطني. ويمنح النص لرئيس الجمهورية صلاحية إعلان حالة التعبئة وتحديد المحاور الاستراتيجية بموجب مرسوم رئاسي.
اقتصادياً، وافق المجلس على نص القانون المنظم للنشاطات المنجمية، الذي يُعد ركيزة لتحديث الإطار القانوني لهذا القطاع الاستراتيجي، حيث يهدف إلى تعزيز جاذبيته الاستثمارية، وترسيخ الشفافية واستغلال الثروات المعدنية بطريقة عقلانية. وقد تضمن النص توصيات بإطلاق منصات رقمية وتزويد الوكالات المنجمية بالإمكانات اللازمة.
كما صادق المجلس بالإجماع على القانون الجديد للأوقاف، الذي يهدف إلى ترقية الأملاك الوقفية وتثمينها ضمن رؤية ترتكز على الحوكمة الرشيدة. وأشاد وزير الشؤون الدينية يوسف بلمهدي بهذه الخطوة، مؤكداً مساهمتها في تعزيز العمل الخيري والتكافل الاجتماعي والتنمية المستدامة.
في الشق الاجتماعي، صادق أعضاء المجلس على قانون التأمينات الاجتماعية الذي ينص على تمديد عطلة الأمومة للمرأة العاملة إلى خمسة أشهر (150 يوماً) بدل 98 يوماً، مع إمكانية تمديد إضافي في حال ولادة طفل مصاب بإعاقة أو مرض خطير. وقد اعتُبرت هذه الخطوة تجسيداً لالتزام رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في دعم حقوق المرأة وتعزيز الحماية الاجتماعية.
من جانب آخر، وافق المجلس على تعديل قانون التقاعد الذي يخفض سن التقاعد لأساتذة التربية الوطنية ومستخدمي القطاع بثلاث سنوات، ليصبح 57 سنة للرجال و52 للنساء، في إجراء وُصف بأنه اعتراف بمكانة الأسرة التربوية ودورها المحوري في بناء الأجيال.
وفي سياق دعم القطاع السياحي، صادق مجلس الأمة على القانون المحدد للقواعد العامة لاستغلال الشواطئ، والذي يهدف إلى تنظيم الأنشطة السياحية على الساحل الوطني، ومكافحة التجاوزات، وتحفيز الاستثمار في هذا المجال ضمن إطار يحترم البيئة والثقافة العامة لاستعمال الفضاءات العمومية.
وقد شهدت جلسة أمس إجماعاً على غالبية النصوص المصادق عليها، مما يعكس انسجام المؤسسة التشريعية مع توجهات الدولة وخياراتها الإصلاحية. واختُتمت الجلسة بتأكيد رئيس المجلس، السيد عزوز ناصري، على أهمية هذه النصوص في تكريس السيادة الوطنية وتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الحوكمة في مختلف القطاعات.