يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور ميلود ولد الصديق، أنّ ما يسجل من تطورات في منطقة الساحل على غرار مالي وتشاد، لايمكن فصله عما يقع في العالم من تحولات جيوستراتيجية، انطلاقا من الحرب الروسية الأوكرانية، وقال أنّ التصريحات الأخيرة لروسيا بأنّ العالم سيتغير بعد أحداث أوكرانيا بشكل كبير، دليل على توجّه العالم نحو نظام عالمي جديد، مشيرا إلى تأثير دول غربية فيما يحدث في منطقة الساحل الإفريقي.
أكد الدكتور ميلود ولد الصديق، أنّ تسارع الأحداث في مالي في الفترة الأخيرة فيما يتعلق بإلغاء كل الاتفاقيات التي تحدد إطارا قانونيا لوجود قوتي «برخان» الفرنسية و»تاكوبا» الأوروبية في مالي، وكذلك اتفاقية التعاون الدفاعي المبرمة عام 2014 بين مالي وفرنسا، فضلا عن الانسحاب من مجموعة دول الساحل الخمس هي بمثابة إشارة واضحة لعدم الرضا بالسياسات الفرنسية المنتهجة في المنطقة ورفض لكل ما هو فرنسي في مالي.
أضاف أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، في تصريح لـ»الشعب»، أنّ تطور الأحداث في منطقة الساحل بشكل سريع ليس فقط في مالي فحسب بل كذا في التشاد التي تشهد هي الأخرى مظاهرات غير مسبوقة من قبل المجتمع المدني وكذا الأحزاب المعارضة، راجع لعدة أسباب من أبرزها رغبة فرنسا في توسيع وجودها العسكري في تشاد، من خلال بناء قاعدة عسكرية أخرى وهو ما لم يتقبله الشعب التشادي ولا المعارضة التي تقوم بمباحثات وحوار مع السلطة، بدليل استهداف بعض المعالم الفرنسية في العاصمة نجامينا على غرار محطة الوقود التابعة لشركة «توتال» رمز الاقتصاد الفرنسي.
ولم يستبعد المتحدث وجود يد لبعض الدول فيما يحصل في تشاد بالنظر إلى الشعارات التي تم توظيفها مثل «فرنسا برا... تشاد حرة» وهي شعارات كلها تنبئ بأنّ المنطقة لاسيما جنوب الصحراء وشعوبها بدأت تعي أنّ التواجد الفرنسي هو سبب تخلفها وتأخرها، فضلا على وجود فواعل أخرى وقوى صاعدة وأخرى كبرى على غرار روسيا والصين تحاول التواجد بالمنطقة وتثبث إقدامها.
أشار ولد الصديق، أنّ ما يحدث في تشاد ومالي ملفت للانتباه، وينبئ بأنّ هناك صحوة ويقظة إستراتيجية في نفس الوقت لدى المجتمع المدني، وكذا لدى النخبة العسكرية والسياسية قناعة بأنّ التواجد الفرنسي في المنطقة ليس فيه منفعة بل هو ضدّ هذه الشعوب، وهو ما تم ترجمته في السلطات في مالي من خلال اتخاذ مجموعة من القرارات تعكس مرة أخرى تدهور العلاقات بين مالي وفرنسا في الأشهر الأخيرة.