شهد شمال مالي خلال ماي الماضي تصعيدا مفاجئا في التوتر بين مجموعات انفصالية مسلحة في منطقة «كيدال» والجيش المالي ودارت معارك دامية لعدة أيام وجرى التوصل إلى وقف النار في ٢٣ ماي بفضل تدخل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، الذي تدخل بصفته رئيسا للاتحاد الافريقي.
ومنذ تلك الفترة تدور مباحثات غير رسمية بين المجموعات المسلحة والحكومة المالية في العاصمة الجزائرية، على أن تبدأ المفاوضات الرسمية بها اليوم.
وكانت الجزائر قد دعت دول منطقة الساحل إلى عقد هذا الاجتماع لمناقشة ودراسة سبل حل الأزمة المتواصلة والمستمرة وفسح المجال أمام الماليين كي يتحدثوا مع بعضهم مباشرة واقتراح الحلول التي يرونها مناسبة لإنهاء الأزمة.
وقد اقترحت الجزائر انطلاق المرحلة التمهيدية من الحوار بين الأطراف المالية بحضور وزراء خارجية بلدان المنطقة، لأن أمن مالي من أمن هذه البلدان، وتكون هذه الأخيرة شاهدة على الاتفاق الذي سيتوصل إليه وتعمل على إلزام الأطراف المالية بتطبيق بنوده على أرض الواقع مفضلة حل الأزمة داخليا بين الماليين على التدخل الخارجي الذي لا يخدم الماليين ولا أي طرف، وإذا تطلب الأمر المساعدة فيجب أن لا تخرج من بين دول الساحل التي لعبت دورا هاما جدا في دعم الحوار، لا سيما الجزائر وبوركينا فاسو وتكامل موقفهما مع تنسيق جهودهما وخبراتهما من أجل الدفع بالسلام في مالي إلى الأمام.
فالجزائر التي عرفت أزمة أمنية دامت أكثر من عشرية والتي خرجت منها المصالحة الوطنية وقانون الرحمة والوئام المدني بإمكانها استغلال هذه الخبرة في الأزمة المالية لتحذو حذوها.
وفي هذا الإطار، أشاد رئيس المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “الإيكواس” جون دراماني، أمس الأول، بغانا بدور الجزائر في مسار السلم وتسوية الأزمة بمالي، بالرغم من أن الجزائر ليست عضوا في مجموعة «الإيكواس»، غير أنها تقوم بدور فعال في منطقة الساحل الإفريقي، فهل تتنازل الأطراف المالية المتصارعة عن طموحاتها وأهدافها الانفصالية لصالح المصلحة العليا للوطن، وهل ستوفق دول الساحل في إنجاح هذا المؤتمر؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة على هذه التساؤلات.