في السادس أفريل 2012، أعلنت الحركة الوطنية لتحرير أزواد، وهي أكبر فصائل الطوارق في مالي، إقامة دولتها في مناطق الشمال التي تشكل قرابة 68% من مساحة البلاد.
وقد جاء هذا الإعلان، الذي صدم كل دول المنطقة، في ظل أجواء التوتر وفراغ السلطة التي شهدتها دولة مالي، إثر الانقلاب الذي أطاح بالرئيس “أمادو توماني توري” في مارس 2012.
فمن هم الطوارق وما الذي يحرّك فيهم النزعة الانفصالية وكيف السبيل إلى إقناعهم بالحفاظ على الوحدة الترابية والشعبية لمالي؟
هناك من يسميهم الطوارق وهناك من يلقبهم بأمازيغ الصحراء أو بالرجال الزرق، نسبة إلى ملابسهم وعمائمهم، وهم قبائل رحل ينحدرون من قبائل بربرية نزحت من شمال إفريقيا إلى الصحراء الكبرى، لهذا يتحدثون الأمازيغية بلهجاتها وبعضهم تعلم العربية وأصبح يتحدث بها، وهم مسلمون سنيون مالكيون، استوطنوا منطقة الساحل قبل مئات السنين.
وقد استطاع الاستعمار الفرنسي أن يخضع الطوارق إلى سلطته، وبعد رحيله ورسم حدود جديدة للمنطقة، وجد الطوارق أنفسهم مشتتين بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، وليبيا والجزائر إلى الشمال، وبقيت الرغبة في الوحدة وتشكيل دولة كبرى تجمع شملهم، ومع هذه الرغبة كانت هناك عوامل ودوافع عززت طرح الانفصال، فالتهميش السياسي والإقصاء الذي تعرض له الطوارق في المؤسسات الحاكمة في بعض الدول التي تحتضنهم جنوب الصحراء، والغياب شبه الكلي لكل أشكال التنمية في المناطق التي يعيشون فيها، دفعت العديد منهم إلى الإصرار على تجسيد رغبة الانفصال على أرض الواقع. ومنه كان إعلان “حركة تحرير أزواد” دولتها المستقلة في شمال مالي قبل عامين والذي أجهض.
وقد كان لهذا الإعلان، كما سبق وذكرت، وقع شديد على دول الجوار التي عارضته بشدة، مؤكدة على ضرورة حماية وحدة مالي ومن خلالها وحدة المنطقة كلها، خاصة وأن الانفصاليين تحالفوا مع المجموعات الإرهابية، وأصبحوا يشكلون تهديدا حقيقيا لأمن الجميع.
ويبقى التأكيد أنه من حق الطوارق أن يحصلوا على حقوقهم المشروعة في العيش الكريم، وأن تستفيد مناطقهم من حركة تنموية شاملة، ويتم إشراكهم في مؤسسات الحكم، لكن ليس من حقهم بكل تأكيد نسف أوطانهم وتهديد وحدتها، لهذا نجد الجزائر تسعى بكل قوة إلى إقناع الانفصاليين الطوارق في مالي بصيانة وحدة البلاد والانخراط في العملية السياسية وحل كل الإشكاليات عبر الحوار والتفاهم بعيدا عن السلاح الذي زاد وضع هذه الدولة المغلوبة على أمرها سوءاً وحرك الأطماع الخارجية.
والأكيد أن المكانة الكبيرة للجزائر في وجدان الماليين، في الشمال كما في الجنوب، سيكون لها دور في إنجاح جهود الوساطة وتتويجها باتفاق ينهي التوتر في شمال مالي وينزع فتيل الانفجار من المنطقة.
الوحدة عامل قوة واستقرار
شمال مالي بحاجة إلى تنمية شاملة وإشراك سياسي
د.ف
شوهد:658 مرة