تعتبر سابقة في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة التي ولدت العام 1958 بعد انقلاب الجنرالات الشهير على خلفية أحداث الثورة الجزائرية، يتم فيها وضع رئيس فرنسي سابق تحت النظر من طرف الشرطة القضائية الفرنسية للتحقيق معه في قضية تتعلق باستغلال النفوذ.
وتعود جذور هذه القضية، التي وضع بخصوصها نيكولا ساركوزي تحت النظر، إلى خريف 2013 أين وضع حينها العديد من المقربين من الرئيس الفرنسي السابق (2008 - 2012) تحت التنصت الهاتفي في قضية تمويل ليبي محتمل في عهد العقيد القذافي لحملة الانتخابات الرئاسية لساركوزي، وخاصة ميشال غودان، الذي شغل منصبين هامين قبل أن يصبح رئيس ديوان ساركوزي العام 2012 وهما مدير عام الشرطة الفرنسية وقبلها محافظ شرطة باريس. وقد جلبت عملية التنصت على مكالمات متعددة انتباه المحققين، تمت بين الرئيس الفرنسي السابق ورئيس ديوانه ميشال غودان، تبين من خلالها أن الأخير حاول الحصول على معلومات تتعلق بالملف الليبي من رئيس الاستعلامات الداخلية باتريك كالفار وذلك بطلب من ساركوزي.
وفي سياق يتعلق دائما بحملة انتخابات ساركوزي، كان المحققون قد اكتشفوا قبل ذلك، من خلال التنصت على مكالمات الرئيس السابق الفرنسي نيكولا ساركوزي بأمر من العدالة الفرنسية عبر هاتفه الذي كان تحت اسم مستعار وخلال مكالماته الهاتفية مع محاميه الشهير تييري هارتزوغ، تبين أنهما حاولا الحصول على معلومات من القاضي جيلبير ازيبار، تتعلق هذه المرة بقضية تمويل حملة ساركوزي الرئاسية بمبلغ تعدى السقف المسموح به قانونيا في فرنسا، قدمته ليليان بيتانكور المالكة لأغلبية الأسهم في شركة التجميل الشهيرة (لوريال). وقد تم مكافأة هذا القاضي نظير هذه الخدمة بإعطائه منصب قاضٍ في مملكة موناكو.
هذه القضية أسقطت كذلك رؤوسا أخرى في القضاء الفرنسي، يتعلق الأمر بأسماء كبيرة في العدالة الفرنسية وهما القاضيان جيليبير ازيبار وباتريك ساسو، وهما قاضيان في النيابة العامة لمحكمة التمييز، بالإضافة إلى محامي ساركوزي تييري هارتزوغ، وثلاثتهما وضعوا تحت النظر، أمس الأول الاثنين، للتحقيق معهم في قضية الاشتباه في تشكيلهم شبكة رصد معلومات لفائدة مقربي ساركوزي أو لفائدة الرئيس الفرنسي السابق شخصيا حول إجراءات قضائية قد تتخذ في حقه.
هذا وقد تم اقتياد الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، أمس، من طرف المحققين التابعين لديوان قمع الفساد للشرطة القضائية الفرنسية إلى مقرها المركزي بنانتير بنواحي باريس، أين تم وقفه على ذمة التحقيق لـ24 ساعة قابلة للتجديد مرة واحدة. وبحسب القانون الفرنسي المتعلق بقضايا جرائم استغلال النفوذ، فإن العقوبة، في حال الإدانة، قد تصل إلى خمس سنوات سجنا وغرامة مالية.
الأكيد أن نيكولا ساركوزي أصبح صاحب سوابق في هذه الجمهورية الفرنسية الخامسة، فبعد أن كان أول رئيس فرنسي يؤدي عهدة رئاسية واحدة بعد فشله أمام نظيره اليساري فرانسوا هولاند العام 2012، هاهو يكون أول رئيس سابق للجمهورية يتم إيقافه ووضعه تحت النظر للتحقيق معه من قبل الشرطة الفرنسية وهو اليوم يواجه سيناريو شبيها بذلك الذي عاشه نظيره اليساري ومدير صندوق النقد الدولي السابق دومنيك ستروسكان، الذي قيل حينها إن ساركوزي كان وراء فضيحته الجنسية في أحد فنادق نيويورك التي تفجّرت شهورا قليلة قبل الانتخابات الرئاسي الفرنسية وذلك من أجل إبعاد هذه الشخصية اليسارية من الوزن الثقيل من طريقه في هذه الانتخابات، بصفته أقوى مرشح للفوز بها آنذاك، إلا أن إبعاد ستروسكان لم يسعف ساركوزي في الفوز بعهدة ثانية أمام تذمر الشعب الفرنسي من سلوكاته وتصرفاته والذي عاقبه جراء ذلك في أول فرصة أتيحت له. هكذا قد ينتهي المسار السياسي لساركوزي ذي 59 عاما، في الوقت الذي أبان فيه عن طموحاته السياسية من جديد من خلال التحضير لاستحقاقات الرئاسة لسنة 2017.
مهدد بعقوبة خمس سنوات سجناً
الشرطة الفرنسية تحقق مع ساركوزي في قضية استغلال نفوذ
أمين بلعمري
شوهد:693 مرة