115 لاعبا من الطراز العالمي ومواهب صاعدة ينتظر منها الكثير في بلاد الصامبا
من أرض البافانا بافانا بإفريقيا، انتقلت كأس العالم إلى بلاد السامبا بأمريكا اللاتينية، حيث ستنصّب البرازيل هذا الخميس عاصمة عالمية لكرة القدم، تشد لها الأنظار بعدما شدت إليها رحال المنتخبات المشاركة والجماهير الوفية، وكما جرت عليه العادة ستمثل القارة السمراء بخمس فرق، ينتظر منها مشاركة مشرفة بالوصول الثاني على الأقل أو إحداث المفاجأة بالمرور إلى أدوار أخرى.
انتقل تنظيم أغلى منافسة كروية في العالم، إلى البرازيل بعدما جرت النسخة الأخيرة عام 2010 بجنوب إفريقيا، وشهد لها آنذاك بالتنظيم المحكم والملاعب الكبيرة الممتازة والظروف المناسبة التي جرت فيها المنافسة من أول مباراة إلى غاية تتويج المنتخب الاسباني بطلا للدورة، دون سطوع نجم آلة الفوفوزيلا التي دوت في المدرجات، لتنجح بذلك إفريقيا كلها في تنظيم حدث رياضي بهذا الحجم، رغم أن مشاركة منتخباتها كانت مخيبة باستثناء غانا، التي حالت يد اللاعب الأوروغواياني لويس سواريز دون بلوغها المربع الذهبي وإحداث سابقة تاريخية لمشاركات القارة.
ستحتضن كأس العالم إذا، واحدة من أقوى دول جنوب المعمورة، وعضو من أعضاء مجموعة البريكس، التي تضم جنوب إفريقيا وتمثل ناديا اقتصاديا للدول النامية ذات التطور الاقتصادي المتميز والمستوى الاجتماعي الجيد، كما تعد قدوة هامة لدول إفريقيا الأقل نموا كي تسير على نفس الدرب، فجرأتها على تنظيم مثل هذه التظاهرات ذات الطابع الرياضي والاقتصادي الضخم في غاية الأهمية من حيث إزالة عديد الفوارق بين الشمال والجنوب والترويج لصورة مجتمعات مؤهلة وناضجة.
وبالعودة إلى مشاركات المنتخبات الإفريقية في الدورات الأخيرة للمونديال، يمكن وصفها بالمخيبة ما عدا بعض الاستثناءات القليلة كبلوغ الكاميرون الدور الربع النهائي في دورة 1990، والسنغال سنة 2002، وغانا عام 2010، واكتفت نيجيريا بالدور الثمن النهائي كحد أقصى لمشاركتها في دورتي 1994 و1998. فيما اقتصرت باقي المشاركات على لعب المباريات الثلاث لدوري المجموعات، ورغم أنهم يتلقون كامل التشجيع إلا أنهم الاكتفاء بالمشاركة باعتبارها حدثا ونصرا في حد ذاتها.
لكن مكانة اللاعبين الأفارقة على الصعيد العالمي، أصبحت تضاهي مكانة لاعبي أوروبا وأمريكا اللاتينية، فمنهم من ينشط في أقوى النوادي والبطولات وتوّج بأغلى الألقاب وترك بصمات لا تمحى من ذكرى أعرق الأندية، لذلك يحق لإفريقيا اليوم أن تطالب من سفرائها الخمس في بلاد السامبا مشاركة أرقى وأكثر تشريفا، وإسعاد الشعوب التي تتنفس كرة القدم ويمحي أي انتصار كامل همومها.
وتمثل منتخبات الجزائر، نيجيريا، غانا، كوديفوار والكاميرون، إفريقيا في مونديل 2014، بعد مشوار طيب في التصفيات أهَّلها للحضور في البرازيل كأفضل البلدان التي يمكنها تشريف مشاركة إفريقيا لما تملكه من تقاليد عريقة في كرة القدم ولاعبين شباب صاعدين ينشطون في أقوى البطولات الأوروبية.
محاربو الصحراء ..الدور الثاني طموح مشروع
اعتلى المنتخب الوطني الجزائري، قائمة أفضل المنتخبات الإفريقية والعربية واحتل المرتبة الـ 22 عالميا في آخر تصنيف للفيفا، ويعكس ذلك المستوى الذي بلغه المنتخب الوطني في السنوات الثلاث التي أعقبت تدني مستواه إلى الدرك الأسفل بعد مونديال بلاد العم مانديلا.
الخضر هذه المرة في أحسن رواق لتحقيق أفضل ماركة في نهائيات كأس العالم بتجاوز دور المجموعات على الأقل، وهو طموح مشروع بالنظر إلى نوعية التركيبة البشرية لكتيبة البوسني وحيد حاليلوزيتش، التي تجمع بين خبرة الكوادر (مجيد بوقرة، رفيق حليش، مهدي لحسن، جمال مصباح) ومواهب شابة تتحرق شوقا لتقديم أفضل مستوى لها بدءا من المباراة الأولى ضد منتخب بلجيكا، على غرار، فيغولي، بن طالب، غولام، جابو والوافد الجديد محرز.
وتبشر حالة التفاؤل والارتياح التي خرج بها الناخب الوطني من معسكر سويسرا التحضيري وفوز أشباله في اختبارين وديين، بإمكانية الظهور بوجه يفوق كل التوقعات، خاصة وأن بحوزته خيارات عديدة في كثير من المناصب والمنافسة على أشدها بين اللاعبين للظفر بمكانة أساسية.
الأفناك أو محاربو الصحراء، حفظوا ماء وجه العرب باعتباره البلد العربي الوحيد في المنافسة، يحملون آمال الشعب الجزائري والشعب الإفريقي ككل لتكسير تقليد الاكتفاء بثلاث مقابلات والمغادرة تحت تصفيقات (المهم المشاركة)، المناسبة أكثر من تاريخية إذا لرفع العلم الوطني عاليا في بلاد السامبا ورفع التحدي.
النسور الممتازة.. وحلم التحليق عاليًا
التحق منتخب نيجيريا أو النسور الممتازة كما يسمى، بالبرازيل، وهو يضع تاج بطولة إفريقيا 2013 على رأسه، ما يضعه أمام مسؤولية إثبات أحقيته باللقب الإفريقي وتحقيق مشاركة ناجحة، ولاشك أن تجاوز نيجيريا لدور المجموعات، أين سيقابل الأرجنتين، البوسنة وإيران، سيخفف هموم 120 مليون مواطن نيجيريا من جرائم تنظيم بوكو حرام الإرهابي.
المدرب ستيفان كيشي القائد السابق للمنتخب النيجيري، أمام تحدي مواصلة المسيرة الباهرة على رأس الفريق وتشريف ثقة الاتحادية النيجيرية لكرة القدم التي فضلته كخيار محلي على مدربين أجانب لقيادة الفريق، بل وإثبات نجاعة خياراته التكتيكية وإبطال مفعول الانتقادات الأخيرة التي طالته من قبل الصحافة بسبب خيارته.
ولم يكن منتخب نيجيريا في مشاركاته الماضية في حاجة إلى لاعبين لامعين بقدر ما كان بحاجة إلى أفضل المدربين الذين يحسنون استغلال الفنيات اللامعة لهؤلاء لأمثال جاي جي أوكوشا ونواكو كانو، ويقع على عاتق الطاقم الفني النيجيري وضع التوصيفة المثالية لتوجيه وتوزيع رفقاء نجم تشيلسي الانجليزي جون أوبي ميكال. ونصح النجم السابق ساندي اوليساح، رفقاء الحارس المتألق اينياما باعتماد كرة جماعية وأسلوب لعب منسجم، لأن كرة القدم الحالية لا تتوقف على المهارات الفردية التي طالما كانت وراء تفوق النسور الممتازة.
ودون التقليل من قيمة البوسنة وإيران، تبدو الطريق أمام نسور نيجيريا معبدة نحو الدور الثاني وحتى الذهاب بعيدا في المنافسة، وإن حدث فسيكون أفضل تشريف لمستوى كأس إفريقيا للأمم، وأفضل فرحة للشعب النيجيري ولعشاق هذا الفريق.
النجوم السوداء ..الرهان الرابح للأفارقة
تعوّد متتبعو المنتخب الغاني على شخصيته القوية في نهائيات كأس العالم، حيث ترك انطباعا طيبا في دورة 2006 بألمانيا وكان فخرا للقارة الإفريقية في مونديال جنوب إفريقيا 2010 حينما كان قاب قوسين أو أدنى من الوصول الى الدور نصف النهائي لولا تضييع مهاجمه جيان اساموها لضربة جزاء حاسمة في الثواني الأخيرة حينما قام لاعب الأوروغواي سواريز بلعب دور الحارس وأخرج الكرة من الشباك بقبضة اليد.
يلقب لاعبوها بالنجوم السوداء أو برازيليو إفريقيا، يتميز لعبهم بالانضباط التكتيكي، والاندفاع البدني والمهارات الفنية الفردية، قادرون على قلب موازين أي لقاء ويملكون طول النفس وعدم الاستلام إلى غاية آخر دقيقة في عمر اللقاء، غالبيتهم محترفون في كبار النوادي الأوروبية (7 لاعبين في البطولة الايطالية لوحدها) يقودهم مدرب محلي وسيقابلون الولايات المتحدة في أول مباراة، وهنا نستذكر مقولة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان حينما تفوقت بلاده غانا على أمريكا بهدفين لهدف في مونديال 2006، «وأخيرا انتصرت على الولايات المتحدة حتى وإن كان ذلك خارج أسوار الأمم المتحدة»، فهل سيعيد رفقاء القائد مايكل إيسيان الكرة ويفتحون الطريق نحو لعب أدوار متقدمة رغم صعوبة المجموعة.
الفيلة أمام فرصة محو الخيبات السابقة
رشَّح المختصون في شؤون الكرة المستديرة، منتخب كوديفوار خلال السنوات العشر الأخيرة على تسيّد القارة الإفريقية والذهاب بعيدا في نهائيات كأس العالم التي شارك بها في دوراتها الماضية، غير أن توقعات المختصين والمناصرين طالما أصيبت بخيبة شديدة، فرفقاء القائد ديديه دروغبا الذي يملك شهرة تفوق شهرة الرئيس الايفواري الحسن واترا بكثير لم يعرفوا للدور الثاني طريقا ويعودون إلى الديار في الأيام الأولى للمونديال، على الرغم من أنهم يعدون الجيل الذهبي للبلاد.
دروغبا قال في حوار قبل السفر إلى بلاد السامبا أن قلة التضامن داخل المجموعة من بين الأسباب الرئيسية للمشاركات البائسة، لكنه يشعر أن هناك تلاحما وانصهارا أكبر داخل المجموعة التي تضم لاعبين ذوي خبرة وشباب يملكون مواهب عالية، وما على المدرب الفرنسي صبري لموشي سوى وضع التركيبة اللازمة ليتقدم الفيلة نحو مراحل أخرى من النهائيات وسيواجه في مجموعته كل من كولومبيان اليونان واليابان الذي سيخوض ضده اللقاء الأول.
الأسود غير المرّوضة ينتظر منها الكثير لولا ..
ينطبق وصف الأسود الجموحة أو غير المرّوضة تماما على لاعبي المنتخب الكاميروني، حيث عجزت الاتحادية الكاميرونية عن ترويضهم ومنعهم من الاحتجاج على المنح التي وعدتهم بها ولقيت رفض واستهجان رفقاء القائد صامويل إيتو، ورغم هذا المشكل ظهرت الأسود بـ «فورمتها» المعتادة في المواجهة الودية ضد ألمانيا أحد المرشحين للتتويج باللقب العالمي، وإذا نجح الفريق في تجاوز هذه القضية المؤسفة، فيمكن أن نرى منتخبا يقاتل فوق الميدان لترك بصمة لا تمحى في البرازيل البلد الذي سينافسه في المجموعة الأولى رفقة كرواتيا والمكسيك.