يعرض رئيس الوزراء المكلف في تونس، إلياس الفخفاخ، تشكيلة حكومته الجديدة على البرلمان يوم الأربعاء المقبل لنيل الثقة، والانطلاق نحومرحلة العمل. وعلى الرغم من أنّ ضمان نيلها الثقة بات شبه محسوم، فإنّ تحديات داخلية وخارجية تنتظر هذه الحكومة، التي أبصرت النور تحت ضغط الخوف من الذهاب إلى انتخابات جديدة وحلّ البرلمان.
وتتشكل الحكومة الجديدة من حركة «النهضة» (54 مقعداً برلمانياً) و»حركة الشعب» (16 مقعداً)، و»التيار الديمقراطي» (22 مقعداً)، وحزب «تحيا تونس» (14 مقعداً)، و»نداء تونس» (3 مقاعد)، وحزب «البديل التونسي» (3 مقاعد) ومستقلين، وهوما يعني آلياً حصولها على الأصوات الضرورية (109 أصوات) لنيل الثقة.
وتفادى التونسيون كابوس حلّ البرلمان وإعادة الانتخابات التشريعية، وبقية الفرضيات الدستورية التي كانت ستقود البلاد إلى المجهول، في ظلّ غياب محكمة دستورية تتحمل مسؤولية تأويل الدستور، ولا سيما بعد ما ظهر من خلافات كبيرة بين الرئاسة والبرلمان، وحتى بين خبراء القانون الدستوري، الذين ذهب كل منهم في اتجاه وتأويل في هذا الشأن.
ويبدو أنّ هذا الاختلاف بالذات هوالذي دفع حركة «النهضة» إلى دخول الحكومة، بعدما أكّد رئيس الجمهورية قيس سعيد، صراحةً أنه الوحيد المكلَّف بقراءة الدستور، وأنه سيذهب مباشرة إلى حلّ البرلمان إذا سقطت حكومة الفخفاخ. ولكن ذلك سيحدث في فترة زمنية مفتوحة قد تطول لأشهر، ما يعني بقاء حكومة الشاهد المؤقتة والمصغرة لفترة غير واضحة، وتعطّل مصالح البلاد أمام استحقاقات لا تنتظر، ما يعني كلفة سياسية باهظة، لعلها أكبر من الحرص على تشريك «قلب تونس» الذي وضعته «النهضة» شرطاً لمشاركتها في حكومة الفخفاخ.
وأوضحت «النهضة» أنّ موقفها من المشاركة جاء «تقديراً للظروف الإقليمية المعقّدة والخطيرة، ولا سيما لجهة مخاطر الحرب في الشقيقة ليبيا، والأوضاع الداخلية الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، التي تستوجب تعجيلاً بتسليم إدارة البلاد لحكومة جديدة قادرة على إنقاذ الإصلاحات، وتحسين عيش المواطنين والاستجابة لتطلعاتهم ومطالبهم التي لم تعد تحتمل التأجيل، وحتى نجنّب بلادنا متاهة الجدل القانوني والتجاذبات المضرة بالوحدة الوطنية».
تحدّيات عاجلة
اعتبر الخبير الاقتصادي ووزير التجارة السابق، محسن حسن، أنّ حكومة إلياس الفخفاخ «ستكون في مواجهة تحديات عاجلة»، مؤكداً أنّ «تحقيق الإصلاحات الضرورية يتوقف على قدرة الفخفاخ على إرساء مناخ ثقة داخل حكومته وبين الحكومة والبرلمان، وأيضاً بين الحكومة والمنظمات الوطنية». وشدد على «دور عامل الثقة في إنجاح الحكومة من عدمه، نظراً لأجواء الاحتقان السياسي».
وأوضح حسن أنّ أهم الإجراءات التي يجب اتخاذها في شأن الإصلاحات، هي «إعداد قانون مالية تكميلي، يتم إكساؤه بالطابع السياسي للحكومة الجديدة، بعد أن صدّق البرلمان في ديسمبر الماضي، على قانون مالية لا يحمل أي برنامج أورؤية سياسية». وأضاف أنّ رئيس الحكومة مدعو أيضاً إلى «الدخول بسرعة في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، من أجل استكمال المراجعة السادسة وضمان صرف ما تبقى من قرض الصندوق بقيمة 1،2 مليار دولار».
ورأى الخبير الاقتصادي نفسه، أنّ الحكومة مطالبة كذلك «بتوجيه عاجل للبرلمان للنظر في مشاريع القوانين المتعلقة بجرائم الصرف (جرائم اقتصادية) وقانون الطوارئ الاقتصادية، لخلق متنفس قانوني يسمح بزيادة نسب النمو وتحريك الاقتصاد المنكمش».
ولفت حسن إلى أنّ حكومة الفخفاخ «مدعوة لاحتواء الاحتقان الاجتماعي، عبر دعم الاستثمار العمومي الموجه لقطاعات أساسية، ولا سيما التعليم والصحة عبر تطوير الشراكة مع القطاع الخاص».