يجتمع اليوم بالعاصمة الألمانية برلين 12 دولة، على رأسها الدول الخمس دائمة العضوية، بمشاركة أربع منظمات دولية، وبحضور طرفي النزاع في ليبيا، لوضع أسس إنهاء الأزمة وحالة عدم الاستقرار في هذا البلد منذ إسقاط نظام معمر القذافي في 2011. ونشرت عدّة مواقع مسودّة اتفاق مؤتمر برلين، التي ناقشها وعدّلها وزراء خارجية عشر دول خلال الأشهر الخمسة الأخيرة، كما تحدّث مسؤولون ليبيون عن بعض جوانبها. ورغم أنّ مسودّة اتفاق مؤتمر برلين لا تختلف كثيرا عن روح اتفاقات سابقة، مثل باريس وأبو ظبي وباليرمو، فإن أهم ما جاءت به المسودة الأخيرة دعوتها لفرض مجلس الأمن عقوبات على من يهدد وقف إطلاق النار. هذا، ويمكن تقسيم مقترح حل الأزمة الليبية - وفق المسودة المسربة - إلى عدّة مسارات: سياسية، عسكرية واقتصادية.
ستّة مسارات
حسب مسودة البيان الختامي لمؤتمر برلين، فإن مسارات العمل المقترحة ستّة، هي وقف إطلاق النار، وتطبيق حظر توريد الأسلحة، واستئناف العملية السياسية، وحصر السلاح في يد الدولة، وتنفيذ إصلاحات اقتصادية واحترام القانون الإنساني.
وتنص الوثيقة على إنشاء آلية تحت رعاية الأمم المتحدة، تنقسم إلى قسمين، أولهما يتمثل في لقاءات يعقدها شهريا ممثلون رفيعو المستوى عن الدول القائمة بالوساطة في تسوية الأزمة الليبية مع تقديم تقرير حول نتائج كل لقاء، أما القسم الثاني فسيكون على شكل مجموعات عمل تعقد اجتماعاتها مرتين في الشهر في ليبيا أو تونس.
ومن المفترض أن يحال البيان الختامي بعد تبنيه في مؤتمر برلين، إلى بساط البحث في مجلس الأمن الدولي.
وفيما يلي بعض التفاصيل عن السلال الست:
وقف إطلاق النّار
يحث البيان الأطراف المتحاربة في ليبيا على وقف إطلاق النار، معربا عن ترحيب المشاركين في المؤتمر بـ «انخفاض حدة القتال في البلاد بعد 12 جانفي»، وكذلك «المشاورات التي عقدت في موسكو في 14 جانفي لتهيئة الظروف لاتفاق وقف إطلاق نار». يدعو البيان إلى «وقف إطلاق النار من جانب جميع الأطراف المعنية»، والذي يجب أن يؤدي على المدى الطويل إلى «وقف شامل لجميع الأعمال العدائية، بما في ذلك العمليات التي تنطوي على استخدام الطائرات فوق أراضي ليبيا»، على أن تتولى الأمم المتحدة مراقبة سير تنفيذ الهدنة.
وتدعو الوثيقة أيضا لوقف كافة تنقلات قوات الأطراف المتحاربة أو نقل قوات «من أجل تقديم دعم مباشر لتلك الأطراف في جميع الأراضي الليبية منذ بدء سريان الهدنة»، في إشارة تشمل على ما يبدو تحرك تركيا لإرسال قوات إلى ليبيا دعما لحكومة الوفاق الوطني.
حظر توريد الأسلحة
في مشروع البيان، يتعهّد المشاركون في المؤتمر بالامتثال الكامل وغير المشروط لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بحظر الأسلحة، ويناشدون مجلس الأمن فرض عقوبات على البلدان التي تنتهك حظر الأسلحة واتفاق وقف إطلاق النار.
العملية السياسية
تقضي «سلة» العملية السياسية بتشكيل حكومة موحدة ومجلس رئاسي في ليبيا، حيث تقول الوثيقة: «ندعّم الاتفاق السياسي الليبي كأساس قابل للحياة للتوصل إلى حل سياسي في ليبيا. كما ندعو لإنشاء مجلس رئاسي فاعل وتشكيل حكومة ليبية واحدة موحّدة وشاملة وفعّالة، يصادق عليها مجلس النواب». ويدعو مشروع البيان جميع أطراف النزاع إلى استعادة العملية السياسية تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والمشاركة فيها بشكل بناء لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ومستقلة.
كما يطلب البيان من مجلس الأمن والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية اتخاذ إجراءات ضد الجهات التي تعرقل العملية السياسية، ويؤكد أهمية الدور الذي تلعبه دول الجوار في ضمان الاستقرار في ليبيا.
الإصلاحات الأمنية
يشير مشروع البيان المشترك إلى الحاجة لإصلاح قطاع الأمن في ليبيا. ويقول: «ندعو إلى استعادة احتكار الدولة للاستخدام القانوني للقوة». كما يعرب المشاركون في القمة عن دعمهم لإنشاء القوات المسلحة الليبية الموحدة وقوات الأمن الوطني والشرطة، الخاضعة للسلطات المدنية المركزية، بناء على المحادثات التي عقدت في القاهرة والوثائق ومخرجاتها.
الاقتصاد
يدعو البيان لإجراء إصلاحات هيكلية في الاقتصاد ويقترح تشكيل لجنة خبراء اقتصاديين بشأن ليبيا، تسهيلا لإنجاز هذه العملية. ومن المفترض في النتيجة وضع آلية من شأنها أن تعيد إعمار الاقتصاد في كافة المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الوفاق الوطني الجديدة».
المعايير الإنسانية
تؤكّد «السلة» الأخيرة على أهمية احترام المعايير الإنسانية وحقوق الإنسان في ليبيا، وتدعو لتحسين أداء المؤسسات القضائية، ووضع حد للاعتقالات التعسفية وإطلاق سراح جميع من اعتقل بصورة غير قانونية.
كما يحث البيان السلطات الليبية على إغلاق مراكز احتجاز المهاجرين وطالبي اللجوء تدريجيا، مع جعل التشريعات الليبية بشأن الهجرة واللجوء تتوافق مع القانون الدولي».
وتشدّد الوثيقة على ضرورة مساءلة جميع المتورطين في انتهاك أحكام القانون الدولي.
ورغم تضارب المواقف بين الدول 12 المشاركة في مؤتمر برلين، فإنه من غير المستبعد أن يتوصل المجتمعون إلى حد أدنى من التوافق، مما يسمح بوقف إطلاق النار، والشروع في إطلاق عملية سياسية، لكن تبقى آلية تنفيذها على الأرض أصعب الأمور.