تعتبر مظاهرات 09، 10 و11 ديسمبر1960 بالنسبة للمواطنين في عين تموشنت وتلمسان خصوصا منعرجا حاسما في مسيرة الثّورة عقب مواجهة الأساليب القمعية والوحشية التي كان ينتهجها المستعمر الفرنسي ضد الشعب الجزائري، فقد كشفت تلك الأحداث للعالم أجمع الحقيقة الإجرامية للمستعمر الفرنسي، وردّا على ذك خرج الجزائريون للتعبير بقوة عن رفضهم للاستعمار ولسياسة ديغول، ودعمهم لجبهة التحرير الوطني ولجيش التحرير الوطني وللحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية.
في هذا الصّدد، كشف لنا من ولاية عين تموشنت، الباحث في التاريخ محمد سلطان، أنّ ديغول حطّ الرّحال بولاية عين تموشنت بعد سنتين من توليه الحكم، وألقى خطابا بمقر البلدية وتكلّم عن الجزائر جزائرية والعمل مع بعضنا البعض، واستعمل ديماغوجية بغية التأثير على رجال جبهة التحرير الوطني، وأن يستميل الشعب الجزائري من خلال خطابه الذي أبرز في مضمونه المحاسن وما ستوفّره فرنسا مستقبلا من خلال بناء السكنات وتشييد المرافق، لكن المواطنون صدموه بالأعلام الجزائرية وهتفوا بأعلى صوتهم «تحيا الجزائر» و«الإستقلال للجزائر»، وتواصلت الإحتجاجات والمظاهرات ليلا ونهارا، وخلال ذلك أوقفت المصالح الأمنية الفرنسية المئات من المتظاهرين بحضور عشرات الصحفيين من مختلف الجنسيات على غرار الفرنسيين، الأمريكيين والانجليز ونقلت هذه الأحداث في أهم القنوات العالمية على غرار «بي بي سي» وجرائد عالمية، ومن هنالك إنطلقت شرارة رفض سياسة ديغول والتي امتدت إلى تلمسان ومختلف مناطق الجزائر.
الأستاذ بكاي: ديغول كان يناور
من جهته أكّد من ولاية تلمسان الباحث والأستاذ، علال بكاي، أن ديغول جاء يوم 10 ديسمبر 1960 إلى تلمسان بعدما قدم من فرنسا ونزل بطائرة بمطار طافراوي بوهران وبعدها بزناتة بتلمسان ثم ذهب بمروحية نحو عين تموشنت ثم عاد إلى تلمسان، وكان ذلك اليوم شديد البرودة عقب هطول الثلوج، إلا أن ذلك لم يمنعه من ولوج قاعة الحفلات بمقر بلدية تلمسان قديما الواقعة بساحة الأمير عبد القادر «البلاص» أين ألقى داخل هذه القاعة (حاليا هي مقر للمتحف الوطني العمومي للفن والتاريخ) خطابا، وتمّ استعمال مكبرات الصوت وأكد للحاضرين أن مستقبلكم ومستقبل الجزائرين بين أيديهم من أجل بعث جزائر جديدة وللجالية المسلمة، وذكر ديغول في معرض حديثه آنذاك أن فرنسا سترافق الجزائريين في كل المشاريع، واختتم حديثه بـ «تحيا تلمسان»، «تحيا الجزائر» و»تحيا فرنسا».
المجاهد عبد السلام ثابت: موجة غضب عارمة
أوضح عبد السلام ثابت أول مناضل ومعتقل سابق في مركز التعذيب المسمى «باستيون 18 بتلمسان» وشقيق الشهيد توهامي ثابت لـ «الشعب»، أنّه وخلال إلقاء ديغول لخطابه بمقر البلدية، حيث تم تداول الخبر ليصل إلى داخل أسوار ثانوية الدكتور بن زرجب التي كانت مسرحا لإنطلاق مظاهرات التلاميذ الجزائريين ضد خطاب وحضور ديغول إلى ولاية تلمسان، رافضين جملة وتفصيلا سياسته التعسفية،
وبعدها اندلعت أعمال شغب وتم تحطيم معظم أثاث الثانوية بسبب منعهم من الخروج من المؤسسة، وبعدها تنقّلت قوات مكافحة القمع والشغب من الشرطة والمظليين الفرنسيين نحو ثانوية بن زرجب، حيث اعترض لهم مدير المؤسسة التربوية وهو الفرنسي المدعو «سوليتولي» ومنع الشرطة، وبعدها أقدمت الشرطة الفرنسية على جملة من التوقيفات التي طالت التلاميذ الذين قاموا بالتحريض على المظاهرات.
هذا وأكّد ثابت عبد السلام في معرض حديثه لـ «الشعب»، أنه في اليوم الموالي اندلعت موجة غضب داخل مقبرة سيدي السنوسي بوسط مدينة تلمسان بعدما تمّ إلقاء خطاب سياسي من طرف أحد المناضلين الجزائريين من المنضوين تحت لواء حزب مصالي الحاج أين تم توقيفه برفقة جماعته.