يعرف الإنتاج السينمائي الوطني تراجعا كبيرا بالرغم من الإمكانيات المادية والبشرية المتوفرة، وأمام هذا الواقع الداخلي الصعب والضعيف برزت العديد من المبادرات في المهجر تجعلنا نصوب الاهتمام بها ورعايتها للنهوض بالعامل الثقافي وتشجيع الفن السابع للحفاظ على الجمهور وتسويق الرسائل القيمية التي تحافظ على الهوية وتحصن المجتمع من آلآف الأفلام الأجنبية التي تهدف لتسويق أنماط سلوكية واستهلاكية لم تعد تخف على أحد.
وقد برزت سينما المهجر الجزائرية منذ سنوات، حيث حاول المخرج مرزاق علواش من خلال فيلم «باب الواب» الذي أخرجه في 2005، نقل معاناة المهاجرين وانفصام الشخصية للكثير منهم عبر بناء صور عن الهجرة بكل الطرق وخاصة من خلال التكنولوجيات الحديثة التي باتت للتعرف على فتيات أجنبيات من أجل الزواج بهن، وتحسين واقعهم ليصطدم الجميع بالواقع الحقيقي بعيدا عن الواقع الافتراضي الذي يخفي الكثير من العيوب.
وخطف المخرج رشيد بوشارب بفيلمه «الخارجون عن القانون» الذي أنتج في 2009، وشارك في مهرجان كان السينمائي في 2011، وركز على وقائع تاريخية مرت بها الجزائر بين 1945 و 1962 وحتى وأن تعرض الفيلم للكثير من الانتقادات إلا أنه أرجع للسينما الجزائرية بريقها، خاصة وأنه اعتمد على تقنيات عالية المستوى في التصوير والمونتاج وهو ما جعله يعرض في الكثير من دور السينما الأجنبية.
ويستعد المخرج الفرنكو جزائري رشيد جيداني للمشاركة في مهرجان سينمائي بايرلندا شهر نوفمبر المقبل بفيلم «الامتناع» الذي ينقل معاناة الاندماج للجاليات الإفريقية والعربية في المجتمعات الأوروبية.
وحتى وإن كان الإنتاج ناقصا نوعا ما إلا أن الاستثمار في الجالية الجزائرية من خلال تشجيع المخرجين على تكثيف الإنتاج وتدارك العجز في هذا الجانب أمر مهم للغاية من خلال الاتصال بهم وتشجيعهم على إنتاج أفلام جديدة في مختلف المجالات، خاصة وأن الجزائر مرت بمراحل عصيبة وتأمل في غد أفضل من شأنه أن يشجع كتاب السيناريو على تقديم عروض في المستوى ترقى لأن تكون أفلاما سينمائية.
وتأتي هذه الديناميكية في سياق حديث وزير الثقافة خليدة تومي عن إرادة الوصايا في التواصل مع الجالية، وأكدت هذا عند زيارة قافلة الحرية المشكلة من أبناء الجالية قبل أسابيع، حيث وجهت رسالة مباشرة في قصر الثقافة بضرورة تقديم كل ما يشجع على النهوض بالثقافة الجزائرية سواء من بمبادرات داخل الوطن أو خارجه.
ويشجع قانون السينما في الجزائر على الشراكة والإنتاج المشترك سعيا منه لتسهيل الأمور على المخرجين الجزائريين في تجاوز عقبة نقص الإمكانيات وقلة التجربة، غير أن الاهتمام بالسيناريوهات التاريخية فقط جعل الكثيرين ينتظرون بعض المناسبات لتقديم مشاريع أفلام للحصول على التمويل اللازم، بينما غابت عروض في مستوى تطلعات السينما وجمهورها في الجزائر الذي بقي يحن فقط لأيام «عمر قاتلاتو» الفيلم الذي أحدث ثورة في سنوات السبعينات.