غابت عائلة الفقيد عبد القادر علولة عن تظاهرة مهرجان المسرح الفكاهي، الذي يأتي في طبعته الثامنة تكريما للفنان المسرحي الراحل، وذلك ــ حسب المنظّمين ــ لأسباب خارجة عن إرادتهم.
قدّم مولود بلحنيش محافظ المهرجان شكره للذين ساهموا مع هيئته في إنجاح هذه التظاهرة، وعلى رأسهم وزيرة الثقافة خليدة تومي، التي لم تبخل ــ حسبه ــ في دعم هذا المهرجان منذ طبعته الأولى، وكذا الوالي والمؤسسات المرافقة لهذا النشاط ومختلف المتدخلين، بما في ذلك ضيف الولاية مدير الثقافة لولاية تيبازة، معتبرا في كلمة الافتتاحية بأنّ هذا الحدث الذي يتواصل إلى غاية 30 سبتمبر الجاري، يهدف إلى تكوين ممارسي المسرح من مبتدئين وهواة، كاشفا من جهة أخرى الخطوط العريضة لمضمون هذه التظاهرة، متوسّما في وعوده من وجوه نيّرة لإنجاح هذه التظاهرة.
من جهته، أشار والي الولاية إبراهيم مراد أنّ المهرجان تكريم لواحد من أبطال الجزائر، والذي يأتي تزامنا مع وفاة الراحل حسن الحسني، ومؤكّدا في ذات السياق أن عبد القادر علولة واحد ممّن وهبوا حياتهم لإبقاء الجزائر شامخة، وممّن عالجوا مشاكل الجزائريين من منطق أنه كان رمزا مكلفا بتقديم رسالة خالدة للأجيال، كما أنه صاحب موهبة فذّة.
ونبّه في مداخلته بضرورة التأريخ لمثل هذا الرجل وآخرون ممّن صنعوا مجد الجزائر وكانوا ضحية مأساتها، مبرزا في السياق ذاته، بأنّ الدعم الذي توليه الدولة الجزائرية لمثل هذه التظاهرات هو دعم لمثل هؤلاء الرجال العظام، متأمّلا من لجنة التحكيم التوفيق في مهمتها الصعبة.
ولأجل تبيان جزء من السيرة الحياتية للرجل الفذّ، تمّ عرض خلال التظاهرة بورتري وثائقي للمرحوم عبد القادر علولة، تضمّن بعض أعماله بما في ذلك نخبة من مرافقيه على خشبة المسرح، إلى جانب مقتطفات من أعماله كمسرحية "الأجواد" و"القوال"، وكيف كان يدافع عن قضية الإنسان على أنه كائن مقدس لا يجب أن يداس، كما أنّه كان لا ينتهي من مهمة حتى يجد نفسه في عمق مهمة أخرى، فضلا عن بعض من وقفاته وعرفانه لمن صنعوا من هذا الشخص أسطورة في المسرح الوطني.
هذا وفيما تمّ تأجيل تكريم حرم الفنان عبد القادر علولة في حفل الختام لظروف تقنية، قدّم الفنان الكوميدي مصطفى زازة ابن ولاية تلمسان عملا فنيا، سرد من خلاله بعض الظواهر السلبية التي تتخبّط فيها الأسرة الجزائرية كالشعوذة، متعمّدا استمالة مستقبليه بعبارة "حلاوة أولاد المدية جات من تلمسان"، عارضا بعد ذلك هذه التقاليد الخطيرة التي تعمل على بناء وتهديم العلاقات الزوجية، في شكل عجوز طاعنة في السن تحكي بأسلوب تهكمي وهزلي عن هذه التصرفات، كرسالة للشباب على أن النظر إلى المرأة يجب أن يكون لتاريخها وليس لجغرافيتها من خلال نموذج ابنها "ديدن" وعلاقته الغرامية مع ألمانية.
ليتواصل برنامج افتتاح هذه التظاهرة بمتعة ما جادت به قريحة ابن تلمسان، ليتم عرض لجنة التحكيم وعلى رأسهم ابراهيم نوال، أستاذ مادة النقد بالمعهد الوطني لمهن فنون العرض والسمعي البصري، ومستشار بالمسرح الوطني، والذي بدوره تمنّى أن يكون هذا المهرجان في المستوى الفني والإبداعي والجمالي، معتبرا في شق آخر بأنّ الفنان علولة رحمه اللّه كان خادما للمسرح ولوطنه، آملا بأن يكون الفنانون والفنانات المشاركون في هذه التظاهرة في مستوى الحدث وأبعاده، ليختتم اليوم الأول من هذه الطبعة بعرض مسرحي وشرفي بنحو ساعة ونصف الزمن بعنوان "ضيوف السيناتور" الحائز على جائزة العنقود الذهبي عام 2009 ثم جائزة الدلفين البرونزي في ولاية سكيكدة، حيث تضمّن هذا العمل الكوميدي قصة السيناتور شامي الذي يتميز بالبلادة والانتهازية المبالغ فيها، من خلال تعامله مع أشخاص ذوي سلطة ونفوذ يتكلف هذا الأخير بآداء مهمات دون أن يدري حقيقتها، فيصعب عليه تحديد الشخص الذي يجب أن يتعامل معه إلى غاية أن يجد نفسه وسط أزمات متتالية هو في غنى عنها.