تحيي الجزائر، على غرار العديد من الدول، اليوم العالمي للشعر، بتنظيم مختلف التظاهرات والفعاليات سواءً في إطار رسمي أو بمبادرة من المجتمع المدني. ويأتي هذا ضمن احتفال اليونسكو منذ سنة 2000 بالشعر والقصيدة، في يوم عالمي تمّ اعتماده في أثناء الدورة الثلاثين لليونسكو المنعقدة في نوفمبر 1999 بباريس، بإعلان 21 مارس، أول أيام الربيع في نصف الكرة الأرضية الشمالي، يوما عالميا للشعر.
جاء هذا الإعلان بعد قيام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونسكو» باستقصاء دولي في شكل استبيان شمل 50 منظمة وطنية ودولية وإقليمية متخصصة في مجال الشعر، تمّ استلام 30 ردّا منها. وسعى هذا الاستبيان إلى استطلاع رأي الشعراء باختلاف الثقافة والجغرافيا عن طريقة إعلان يوم عالمي للشعر. وتمّ اقتراح خيارات ثلاثة، وهي إعلان يوم دولي محدد للشعر في تاريخ ثابت كل سنة، والاحتفال باليوم الدولي للشعر في تواريخ متطابقة مع تاريخ اليوم الوطني للشعر المعتمد أصلا في كل دولة، وتنظيم مناسبة عالمية للاحتفاء بالشعر كل سنة في دولة مختلفة من الدول الأعضاء في المنظمة.
نجد في موقع الأمم المتحدة، الذي اعتمد بدوره على مقرر اليونسكو، أن الهدف الرئيسي من اليوم العالمي للشعر هو «دعم التنوع اللغوي من خلال التعبير الشعري، ولإتاحة الفرصة للغات المهددة بالاندثار بأن يُستمع لها في مجتمعاتها المحلية. وعلاوة على ذلك، فإن الغرض من هذا اليوم هو دعم الشعر، والعودة إلى التقاليد الشفوية للأمسيات الشعرية، وتعزيز تدريس الشعر»، ودعم دور النشر الصغيرة «لغزو سوق الكتاب عن طريق نشر عدد متزايد من الدواوين بقلم شعراء من الشباب»، بحسب فقرة «دور اليونسكو في مجال تعزيز الشعر» في إعلان اليوم العالمي للشعر.
كما نجد في نص مقرر اليونسكو أن هذا اليوم العالمي من شأنه تشجيع «إقامة الحوار من جديد بين الشعر وغيره من الفنون مثل المسرح والرقص والموسيقى والرسم وغيرها، وبين موضوعات الساعة كثقافة السلام واللاعنف والتسامح». وتؤكد اليونسكو على «الربط بين كافة أنواع الفنون، وبينها وبين الفلسفة التي تقترب هي الأخرى جدا من الفن، لتسليط الضوء من جديد على عبارات ديلاكروا الذي قال في يومياته: «لا يوجد فن بلا شعر».
تشجع اليونسكو الدول الأعضاء على القيام بدور نشط في الاحتفال باليوم العالمي للشعر، «سواء على المستويين المحلي والقطري، وبالمشاركة الإيجابية للجان الوطنية والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات المعنية الخاصة منها والعامة مثل: المدارس والبلديات والمجمعات الشعرية، والمتاحف والرابطات الثقافية، ودور النشر، والسلطات المحلية وغيرها».
ولعل من الملفت للانتباه تركيز المنظمة الدولية على دور الإعلام والصورة التي يعكسها هذا الأخير عن الشعر، حيث أوصى الإعلان بضرورة رسم صورة جذابة للشعر في وسائل الإعلام بحيث لا ينظر إلى الشعر بعد ذلك كونه شكلا قديما من أشكال الفن.
جاء في توصيات الاجتماع الخاص الذي نظم في 26 مارس 1999 في مقر اليونسكو: لا يزال يوجد اتجاه لدى وسائل الإعلام والجمهور العريض عموما يجنح إلى عدم أخذ الشاعر على محمل الجد، لذلك يصبح من المفيد التحرك للانعتاق من هذا الوضع لكي ينبذ هذا التصور ويأخذ الشعر مكانه الصحيح في المجتمع». ويتبين من هذا الكلام الصريح والمباشر أن للإعلام دورا محوريا في النهوض بالشعر وإيصال كلمة الشعراء في صورة نظيفة جذابة تشجع إقبال الجمهور عليهم، وهو ما يجدر بالإعلاميين والشعراء على حدّ سواء أن يفهموه.