أكد البروفيسور محمد الصديق باغورة، في حديثه لـ«الشعب” أن بداية ظهور القصة القصيرة في الجزائر اقترن في البداية بمحاولات جميلة وكتابات قصيرة، امتزج فيها الأسلوب الصحفي بالقصصي، أطلقها مجموعة من الصحفيين أمثال “عبد الرحمان الديسي”، و«الزاهري” خلال بداية القرن التاسع عشر، يقول “أرادوا من خلالها فضح تلك الممارسات والقوانين الجائرة التي مارسها الاستعمار على الجزائريين”.
وأوضح محمد الصديق باغورة، أن شكل القصة القصيرة الجزائرية والنمط البنائي الذي ظهرت به في البداية ارتبط بالمزج بين الأسلوب السردي القصصي وأساليب أخرى قريبة من الشعر كالمقامة، قصد استمالة القراء وجعلهم يتعلقون بهذا الجنس الأدبي الجديد، خاصة وأن ظهور القصة القصيرة ـ بحسبه- ظهرت في وقت كان فيه الشعر هو اللون الأدبي الوحيد المهيمن على الساحة الأدبية.
ليضيف أن القصة القصيرة عرفت بعدها تطورا ملحوظا، أيام الكاتب الكبير أحمد رضا حوحو، الذي استطاع بفضل ثقافته الفنية واطلاعه الواسع على المسرح والموسيقى والأدب العالمي، أن يفرض حضور القصة القصيرة الجزائرية في المحافل الدولية والعربية، من خلال توظيفه للخيال في رسم أدّق المشاهد والصور الفنية في القصة القصيرة وفق أسلوب قصصي شيق، جعل من الأدباء والقراء العرب يقبلون على قراءة القصة القصيرة والصحافة التي كانت أداة لنشر هذه القصص.
كما نوّه في السياق، بمدى حضور القصة القصيرة الجزائرية في الساحة العالمية والعربية خلال خمسينيات القرن الماضي، لارتباطها بالفكر الثوري التحرري، مشيرا إلى أن القصة القصيرة الجزائرية كانت محل اهتمام قرّاء عرب من تونس، ومصر والعراق، يستلهمون ويطالعون من خلالها قصص طموح الجزائريين، ليبدأ الكتاب الجزائريون بعد الاستقلال في نشر قصصهم القصيرة عبر الصحافة العربية.
وتحدث البروفيسور محمد الصديق باغورة في الختام عن تحدّيات تعيشها القصة القصيرة في الجزائر، بسبب ابتعادها عن مضامين إصلاحية وفكرية ووطنية وتحررية، إذ لم تعد هذه الموضوعات هي الوحيدة المهيمنة ـ في نظره ـ على المشهد القصصي، بل أصبح الاهتمام بالجوانب الفنية هو الأساس مثل الدهشة، والامتاع وغيرها.. وهو ما يعتبره المتحدث “تحدّيا لدى الكتاب والمشتغلين بهذا اللّون القصصي”.