أصواتُ البكاء تعْلو في كل مْكان ، البيتُ مزدحم ببعض الغربَاء الذين يدعون الحزن لموتِك ، كل الألسنة تلهجُ بإسمكَ يا عزِيزي ..
أما أنا كنت لا أشعر بالصخب من حولي ، مستلقية فوق سريرِي في غرفتي التي يغزوُها الظلام أبكِِي بصمت ، أتأمل صورتكَ المنسية المعلقَة فوق جدار مشروُخ ، ألم يراوغني ، صداع لعين يلهثُ في رأسي ، أحقن نفسِي بقليل من الصبْر كي لا أنهآر ، عالقة ما بين الوعي و اللاوعي ، بداخلي فوضى عارمة ، عيناي ممتلئة بالهالات السوداء ، أحاولُ جاهدة أن أتلاشَى في العدم لا أفَكر في شئ و لا أحس بشئ ، أن أقفز من هذا الكابوس الذي يحتضنني الى الواقع الأليم الذي أعيشه ، أن أتخلَص من السواد الذي يحوم حولِي ، أهتفُ بتضرعْ «لماذا يحدثُ كل هذا لي يا الله..! « لم أعد أبصر نور الحياة بعد رحيلكَ ، أخبرني بأي اتجاه أخذَك الموت ..! بأي حق تجتاحك رائحة الجثث ..! أصبحتُ أسيرة هذه الظلمة الموحشة كنت أحس أن الروح التي منحني الله اياها اضمحلت كلها في لحظة واحدة ، أتعلم .. ! لم أتمعن في وجهك جيداً و هو ملفوف بالكفن الأبيض ، لم أهمس في أذنك «أرقد بسلام الآن» لم أشم دماؤك الثائرة على جبينك ..
يقولون : الحياة أصعب من أن نبتسم لها ونمضي , بل هي تحتاج قلبًا مبتسمًا يملك قوة ، لكن لماذا علينا أن نُقاتِل هذا العالم المَمْقُوت لنستمر إلى الأمام ..! كم تمنيتُ أن نكبر سوياً ، نشربَ الشَاي معاً في الحديقة الخلفية لمنزلنا المهدد بالقصِف ، نتَقاسمَ أوجَاعنَا وَ همُومنا ، نحلم معاً بالسلام و نحن نتأمل السماء ، أنْ نسرِد لأولادنا كل ليلة قبل النوم تَفاصِيل حَياتِنَا المحشوة بالحبُ بِصوتٍ مُتحشْرج .
أتساءل دائما ماذا يحدث لو تحررنا من هذه الحرب المؤلمة ..! ماذا يحدث إن عشنا بأمان دون خوف