فنانون شباب ينتظرون الفرصة لإبراز قدراتهم
جمال عوّان ممثل تتوفر فيه جميع صفات الفنان الشاب: طموح، متفائل، مفعمٌ طاقة وحيوية، مقبلٌ على الحياة، ومتطلّع إلى المستقبل. ومع ذلك يحاول جمال الإبقاء على كثير من الواقعية في تسيير مسيرته الفنية. ويؤكد لنا، حين نزوله ضيفا على «الشعب»، أن العمل الدؤوب والاعتماد على النفس ليس بالضرورة الخيار الأسهل، ولكنه الأمثل للفنان الذي يريد بناء صورته على أسس متينة.
يعتبر جمال عوّان نفسه محظوظا لأنه كسب الاحترام في الوسط الإبداعي وتقبلته العائلة الفنية رغم أنه حديث العهد في الميدان، «وكم هو صعب أن يتم تقبلك وأنت جديد»، يقول جمال مضيفا: «من جهة فقد فرضت نفسي، ومن جهة أخرى فقد استحققت ذلك لأنني أمر دائما على مرحلة الكاستينغ وأتكل على الله وأقدم ما بوسعي لأعجب المخرج وأعطي كل ما أقدر عليه». أكد جمال أن كثيرا من المخرجين لم يوصله إليهم أحد، وأعطى مثالا بالمخرج عمار محسن الذي عمل معه في «ابن باديس» ولم يكن قد شاهد جمال من قبل.
سألنا جمال عن النصيحة التي يمكن أن يقدّمها للفنانين الشباب، فأجاب: «احترام التدرّج والانطلاق من البداية بمعنى الكاستينغ.. هناك من يقول لا يوجد نزاهة في الكاستينغ وهذا الكلام ليس صحيحا مائة بالمائة.. لم أتكئ على الواسطة وأعتمد دائما على الكاستينغ وأفعل ذلك إلى يومنا هذا»، يقول جمال الذي يؤكد على ضرورة بذل الجهد والإخلاص في العمل الذي سيؤتي أكله لا محالة: «حينما يرى المخرج أنك ستقدم له إضافة في عمله فإنه سيختارك رغم كل الاعتبارات، المهم أن تكون منضبطا في البلاطو وتعرف كيف تتعامل مع الكاميرا، وتملك الموهبة، وهذه الموهبة هناك مخرج يراها فيك في وقت لا يراها آخر».
لكن اختيار الدور وتفادي الوقوع في قوالب جاهزة مهم أيضا. يقول جمال: «يجب أيضا أن تحقق متطلبات الدور الذي ستمثله، مثلا هناك من يعتبر أن الدور الرومانسي يتطلب الكثير من الجمال.. الجمال الجسدي ليس شرطا في الفنان، وما نلاحظه اليوم هو التركيز على هذا العامل فيما نجد أشهر ممثلي هوليوود قصيري القامة ولا يعتمدون على جمالهم الجسدي بقدر ما يعتمدون على موهبتهم». يضيف: «في الجزائر هناك الكثير من الممثلين الموهوبين والممثلات المتألقات وقد مرّ هؤلاء على معهد برج الكيفان ودرسوا التمثيل وقضوا سنوات في المسرح ومع ذلك لا يحصلون على فرصتهم في التلفزيون أو السينما، وحتى إذا كان عامل الاختيار الرئيسي هو الجمال الجسدي فمن هؤلاء من يملك هذا المعيار أيضا.. يجب أن تكون الأولوية لأبناء الميدان المحترفين».
يركز جمال عوان على دور المخرج الذي يراه محوريا، فهناك ممثلون كبار لم يدرهم المخرج، كما يجب فلم يعطوا أحسن ما عندهم، وبحسبه فإن المخرج فنان وخياراته أكثر تحررا من المنتج الذي لديه حساباته هو الآخر.
«هناك ممثلون نراهم في الكوميديا ولا يضعونهم أبدا في الدراما، والعكس صحيح، وللأسف هناك ممثلون نراهم فقط في التلفزيون وليس في السينما، والعكس، وهنا يأتي دور المخرج الذي إذا رأى موهبة في الممثل فإنه يمكن أن يضعه في الدور الذي يريد، وعلى الممثل أن يقنع الآخرين بقدرته على أداء مختلف الأدوار»، يقول جمال معتبرا أن هنالك مدارس كثيرة في الإخراج، «ولكننا ما زلنا لا نملك مدرسة خاصة بنا.. أشجع المخرجين الجزائريين ونملك اليوم طاقات كبيرة حتى أننا رأينا مخرجين جزائريين قدموا أعمالا ذات مستوى بإمكانيات بسيطة».
عن مشاريعه المستقبلية، يقول الممثل الصاعد جمال عوّان: «أنا متفائل، يحيط بي أشخاص جيدون والحمد لله، وقدمت لي عروض واقتراحات مثيرة للاهتمام ولكنني لم أوقع على أيّ منها لحد الآن لذلك فمن المبكر الحديث عنها». ولكنه يؤكد مرة أخرى أن على الممثل أن يعيد العداد إلى الصفر كل سنة، وأن يمر على الكاستينغ: «في البداية يعمل الممثل على صنع اسم، وبعد أن يصنع له اسما يصير مسؤولا عنه، لأن لديه جمهورا سيحاسبه، فبعد الشهرة يجب أن يأتي الأداء المتميز».
ويختم جمال حديثه بكثير من التفاؤل و»الإيثار الفني» حين يقول: «أتمنى أن يكون لدي تواصل في المشاريع، وتطور في المستوى الذي أقدمه، ليس فقط أدائيا بل في المستوى الثقافي، وأتمنى أن تستفيد كل العائلة الفنية من المشاريع التي تنتج في الجزائر، كما أتمنى من وزير الثقافة أن يرعى إنتاج أفلام عن أعلام الجزائر التاريخية وما أكثرها».
