الإعــلامي محمـد بغـداد لــ”الشعــب”:

نجاح التظاهرة الثقافية مرتبط بالاستراتيجية الوطنية

قالمة: أمال مرابطي

صرح الكاتب والإعلامي محمد بغداد لـ«الشعب”، بأن من أهم الشروط المتفق عليها في نجاح التظاهرات الثقافية، أن تكون هذه الأخيرة مندرجة في إطار استراتيجية ثقافية وطنية، تقوم على رؤية تاريخية للنخب، التي تكون مهمتها تقديم الإجابة السليمة على الأسئلة التاريخية، التي تسمح للمجتمع بالإنخراط في المستقبل.

كما أن الاقتناع بأهمية ثقافتنا، وإخراجها من مستويات التنشيط والفلكور، والانتقال بها إلى المستوى التاريخي، والاستعانة بها في بناء تنمية وطنية حقيقية، وأبعادها عنها الإهمال، وتجنيبها الرداءة وحمايتها من عبثية النخب المغشوشة، وإزالة الحواجز البيروقراطية، من طريق الجيل الجديد، الذي يمكنه أن يساهم بجهوده، ويقوم بواجبه في المسيرة التاريخية للمجتمع.
وقال أنه قسنطينة لسيت مدينة جزائرية، في هذه السنة، وإنما هي مدينة عالمية، تمثل حاضرة الإبداع الإنساني برمته، وهي قاطرة الثقافة العربية، التي تمثل المحطة الكبرى والواحة الأساسية، التي تقدم للعالم الإبداع الإنساني، خاصة وأن أغلب عواصم العالم العربي، تعيش أوضاعا مزرية وحالة من الاضطراب، لا تبشر بالخير في المستقبل، مما يجعل الأمل في إمكانية تصور خروج آمن للعالم العربي، من هذا المعرج الخطير، ربما يكون من قسنطينة، إذا تمكنت النخب الجرائرية من الخروج من وضعيتها المزرية الحالية. والأمنية التي لا نتمنى أن تخيب، هي أن تمر فرصة قسنطينة، كما مرت فرص المهرجان الثقافي الإفريقي، وبعدها فرصة عاصمة الثقافة العربية، وبعدها فرصة عاصمة الثقافة الإسلامية دون أن نتمكن فقط من إقناع الجزائريين، بتلك المشاريع التي تعيد الثقة لهم في أنفسهم، وتفتح الأمل للجيل الجديد في إمكانية الانخراط في المستقبل.
ويضيف قائلا: لا يمكن تصور مفهوم حقيقي وحديث للدولة، إلا من خلال ما تنتجه نخبها من إبداعات إنسانية، وحلول شاملة للأزمات التي تواجه المجتمع، في لحظة تاريخية معينة، مما يجعل الثقافة بمعناها العام والشامل، هي خلاصة تمييز الفرق بين الدول المتخلفة وتلك المتحضرة.
ومن هنا فإن الفعل الثقافي، ليس هو النشاط الثقافي، والبون بينهما كبير مما يجعل الدول القوية اليوم، هي الدول التي تمتلك أكبر عدد من العلماء والفنانين والمبدعين، الذين يمتلكون تلك القدرات الاستراتيجية الهامة، التي تسمح لتلك الدول بالمرور الآمن إلى المستقبل، ولا يمكن تصور إمكانية قيام مستقبل لأي دولة اليوم، بدون وضع في الاعتبار الإمكانيات الثقافية التي تمتلكها.
أتنمى أن يأتي الوقت التي تدرك فيها نخبنا الثقافية والإعلامية، بأن عالم اليوم، لا يعترف بشئ إسمه التظاهرات، وإنما الأفعال والمشاريع الثقافية، التي تعبر عن الإرادة الجماعية للمجتمع، وتظهر رغبته الحقيقية في المساهمة في المسيرة الإنسانية، وليست تلك النشاطات العابرة، التي لا تزيد من الصورة الكلية للمجتمع، إلا عبثية في أدائها وسخرية في عيون الآخرين، ويمتد خطرها إلى تدمير النفسية الجماعية، وإحلال الضعف والتردد وعدم الرغبة في الاستمرار في نسق المجتمع.
أما إذا كانت الأفعال والمشاريع الثقافية، مندرجة في التفكير الاستراتيجي للنخب، ومحتلة المعني الذي يجعل منها خلاصة إبداعات الإنسان، وبراعته في الإرتقاء والتحضر، وإنتاج الحلول المناسبة التي تخفف من وطأة التخلف، وتساهم في تخليص المجتمع من مستنقعات التشرذم والانحطاط والتخلف.
والأمر مرتبط بالدرجة الأولى، في الهدف الذي نريده كمجتمع ونخب، من هذه التظاهرة ؟ والإجابة على هذا السؤال، يحدد موقعنا في العالم، ويرسم خطوط المستوى الحضاري، ودرجات الوعي الذي نمتلكه إضافة إلى حجم المساحة، التي تتاح للمثقفين والمبدعين، من مختلف مناطق الواطن في المساهمة في هذه التظاهرة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024